يا حاملَ الآلامِ عَنْ هذا الورى كثُرتْ علينا باسمكَ الآلام "أحمد شوقي"
لا يزال صليبك على منكبيك وعلى رأسك إكليل الشوك، والذين حملوا صلبانهم واتّبعوك ما زالوا يتجرَّعون الخلّ والمر، وينتظرون القيامة.
في مطلع الإنجيل، أنت كلمة الله: «في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وإلهاً كان الكلمة...».
وفي القرآن أنت كلمة الله «إذ قالت الملائكة يا مريم أن الله يبشرك بكلمة منه إسمه المسيح عيسى إبن مريم... ويكلِّم الناس في المهد (آل عمران 46-45).
أنت الكلمة، وأنت كلمة الله، وأنت تكلّم الناس في المهد، ومن المهد حتى جلجلتك لم يسمعوك، ومن جلجلتك حتى جلجلتنا لا يزال كلام الشيطان أقوى على لسان حواء.
على أيامك، اختَرتَ يهوذا شيطاناً لتختبر به تلاميذك: «أنا اخترتُكم الإثني عشر، وواحد منكم شيطان (يوحنا 7-6).
وعلى أيامنا، تلاميذك «اليهوذيون» وتلاميذهم شهدوا قيامتك مرفوعاً الى السماء وما آمنوا... وشهدوا على يديك قيامة الأموات، وقيامة المخلّع يحمل فراشَهُ ويمشي، وما آمنوا..
والذين استقبلوك في أورشليم بسُعُفِ النخل والزيتون، هم أيضاً سقوك كؤوس المـرّ وساقوك الى الجلجلة.
الوثنيّون الأباطرة صلبوا رعاياك، اضطهدوهم في مصر وفلسطين وسوريا ولبنان، الأمبراطور مكسيمانس جعلهم طعاماً للوحوش الكاسرة، وما زالوا طعاماً للوحوش على أيدي الأباطرة الكافرين.
والمسيحيون اليعاقبة اغتالوا مئات الرهبان على نهر العاصي، وهذا النهر الذي ينبع من مغارة الراهب في بقاع لبنان حتى مصبّه قرب حمص في سوريا، لا يزال يتخضّب بدم الرهبان الجدد.
والقادة المسلمون الذين لم يتعمّقوا بسورة آل عمران ولم يقرأوا «عهد النبي» فاضطهدوا أهل الكتاب، ولا يزال «المتوكّل» الخليفة العباسي يأمر النصارى بأن يعلِّقوا على أبواب بيوتهم تماثيل خشبية تمثل الشيطان.
أنتَ صُلبْتَ لتـنقذ الإنسان من خطيئة الشيطان الأصلية ...
والإنسان يصلبك ليـنقذ الشيطان من رسالتك الإلهية ...
أنت صُلبت لتقول بالألوهية الإنسانية التي فيك:
عندما يُصلبُ الإنسان يُصلبُ الله ...
وعندما يصير الله إنساناً يصير الإنسان الله ...
ولا يزال هناك مَنْ يصلب الإنسان الإله الذي فيه، وينصِّب محلَّه الإنسان الشيطان.
«... باركوا لاعنيكم وصلّوا من أجل مَنْ يضطهدكم...، باركْنا وصلّينا، ولا نزال نصلّي لمن يضطهدنا، ولا نزال نتساقط مذبوحين أمام المذابح.
الناس يا سيد، الذين اغتالوا ذات الله على الأرض أصبحوا كواسر متـوحّشة، وبدل أن يأكلوا جسدك الرمزي ويشربوا دمك الإلهي أكلوا لحومهم وأصبح الدم البشري شراباً منعشاً للأفواه الهمجية العطشى.. فلا إلـه الإنجيل يردع، ولا إلـه القرآن يقمع، ولا أديان ولا أنبياء ولا جهنّم ولا سماء.
لعلّ ربَّـك وربَّـنا يا سيد، يفكّر بأسلوب خلاصيٍّ من نوع آخر لإنقاذ الأرواح البشرية من شر الشيطان البشري.
وفي الإنتظار، وفي ظل هذه المعمعة الفاحشة، وانهيار القيم الروحية والإنسانية والأخلاقية والدينية والمدنية، يقولون: إن عندنا انتخابات نيابية.
سألتك إذاً، أن تشهر سوطَكَ حتى لا تجعل صوتَهمْ يقترع على ثيابك وثيابنا.