لا يحتاج الامر الى الكثير من التدقيق للاستنتاج بأن ما قام به وزير الخارجية جبران باسيل في معركة «جبيل - كسروان» هو سقطة سياسية سيدفع ثمنها في المستقبل القريب اي خلال تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات، او حين يبدأ الحزب جديا في مكافحة الفساد، او في المستقبل البعيد خلال مرحلة تسمية اي رئيس للجمهورية... وللوصول الى هذه الخلاصة, يكفي وفقا لمصادر بارزة في 8 آذار قراءة ما بين سطور الكلام الاخير للامين العام للحزب السيد حسن نصرالله وما يردده المرشح عن المقعد الشيعي في جبيل حسين زعيتر من ان الحزب «لن ينسى الفدائيين الذين وقفوا الى جانبه وشكلوا معه لائحة التضامن الوطني» والتي تترجم حرفيا «حزب الله لن ينسى المعرقلين الذين تحدوه ووقفوا في وجهه».
ولكن المفاجأة، وفقا للمصادر، ليست هنا فقط، فالحزب لا ينام على ضيم، ومثلما كان مصير رئاسة الحكومة يوما ما بيد رئيس الجمهورية ميشال عون ايفاء لالتزام الحزب معه بعد حرب تموز 2006 تحديدا، فان مصير المقاعد الحكومية لرئيس التيار الوطني الحر في حكومة ما بعد انتخابات ايار 2018 اصبح معلقا عند الشيخ حسين زعيتر.
وعليه, لربما لا يحتاج الحزب وفقا لمصادر 8 آذار الى القول بان الاقنعة سقطت عن وجوه اقرب حلفائه, في حين ان المشهد السياسي كما يراه بات على الشكل التالي: التيار الوطني الحر بشخص رئيسه جبران باسيل وفريقه الوزاري والنيابي يقدمون اوراق اعتماد مكشوفة للاميركي على شكل هفوات او زلات ولكنها تفي بالمطلوب لابقاء رصيد للتيار عند الجميع اي استخدام اسلوب رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط الذي ادى في نهاية المطاف الى تحجيم دوره السياسي نسبيا.
ولكن، تضيف المصادر، بان تغاضي الحزب عن بعض الاخطاء غير الاستراتيجية والتي لا تمس بالتعايش الوطني، لا يعني تمريره تودد باسيل المكشوف الى الاميركي وتنفيذه اجندة لا تنتمي للاسس التي بنى عليها الحزب تفاهمه مع التيار, وليس خافيا وفقا للمصادر البارزة في 8 آذار بان الوزير العتيد حارب الحزب خلال مرحلة تشكيل اللوائح نزولا عند المطالب والضغوطات الاميركية وغيرها واضعا نفسه من حيث يدري او لا يدري في مساواة من حارب الحزب انتخابيا في «بعلبك - الهرمل»، ومن المنتظر ان يحاول باسيل عرقلة الحكومة المقبلة كما خصوم الحزب تحت الحجة ذاتها التي قدمها للسيد نصرالله اكثر من مرة «يجب ان تبقى علاقتنا جيدة مع كل الدول، في حين ان تصرفاتنا وتصريحاتنا الحمالة الاوجه احيانا فتدخل تحت عنوان اللعبة السياسية التي تحمي لبنان ولا تؤذيكم».
ابعد من ذلك, تؤكد المصادر بان ملفات منطقة «جبيل - كسروان» بكل تعقيداتها السياسية والاجتماعية دخلت في خطة حزب الله لمكافحة الفساد هذا اولا, اما ثانيا فان التلزيمات المشبوهة في الكهرباء ووزارة الاتصالات وفي عرقلة سير التعيينات في وزارة الخارجية ومجلس الخدمة المدنية (ووووو) كلها ملفات للمساءلة, ولعل حزب الله سوف يسأل عنها اولا اقرب حلفائه اي «التيار الوطني الحر».
وفي السياق ذاته, تشير المصادر الى ان استياء الحزب من اداء باسيل ليس للمزايدة او البروباغندا الاعلامية, ولكن علامات استفهام كثيرة باتت تدور حول الرجل, وأصبحت هناك حاجة ملحة لترتيب العلاقة بين الحزب وباسيل بعد الانتخابات النيابية وجها لوجه وفقا لمقاربة جديدة كليا.