في 25 حزيران عام 2009 انتخب مجلس النواب رئيس حركة أمل نبيه بري رئيساً له لولاية خامسة وبغالبية 90 صوتا من أصل إجمالي الحضور البالغ 127 نائبا من اصل 128 نائبا. ويومها اقترع عدد من النواب بورقة بيضاء هم بالأغلب نواب الكتائب اللبنانية والقوات اللبنانية وعدد من المستقلين المنضوين تحت لواء قوى 14 اذار يومها.
في ذلك التاريخ كان بري مرشحا وحيدا، ولكن عباس هاشم نال 3 أصوات رغم ذلك، مع العلم أن الثنائي الشيعي كان قد فاز خلال الاستحقاق الانتخابي بـ23 مقعد شيعي من أصل 27 بينما كان لتيار المستقبل ثلاثة مقاعد شيعية هم في زحلة عقاب صقر، في البقاع الغربي أمين وهبي، وفي بيروت غازي يوسف، وكان للتيار الوطني الحر مقعده الشيعي في جبيل عبر النائب عباس هاشم.
اليوم يتحدث كثيرون ولا سيما في أوساط التيار الوطني الحر عن نّية تغيير هوية رئاسة مجلس النواب، ويعتبرون أن استمرار بري في هذا المنصب سيجعل من العهد الجديد عهدا صعبا متعسّرا لا سيما وأن العلاقات السياسية بين التيار الوطني الحر وحركة أمل ليست في أفضل أحوالها، لا بل يمكن القول انها في اسوأ حالاتها، ولكن يعلم هؤلاء أن انتخاب شخصية شيعية أخرى غير برّي لرئاسة المجلس المجلس تستوجب قرارا اقليميا ودوليا يقدّم الغطاء للقوى التي تتخذ قرارا كهذا، لا سيما رئيس الحكومة سعد الحريري الذي يعلم ان اللعب في هذه المسألة قد يقود البلاد الى مرحلة خطيرة مذهبيا.
تشير مصادر متابعة الى ان ليس التيار الوطني الحر وحده المتحمّس لخيار عدم انتخاب بري، ولكنه قد يكون الوحيد حاليا الذي يجاهر بموقفه، رغم علمه بصعوبة الأمر، سياسيا اولا نظرا للقرار الذي اتخذه حزب الله منذ فترة بأن "بري رئيسا للمجلس النيابي طالما أراد الترشح"، وشعبيا ثانيا بسبب الدعم الشيعي الذي يتلقاه بري ويصل الى حدود الـ85 بالمئة من الطائفة الشيعية، ونيابيا ثالثا، وهنا بيت قصيد هذا الموضوع.
كان الثنائي الشيعي حاسما في ترشيحاته لخوض الانتخابات المقبلة وتحديدا على المقاعد الشيعية الـ27، وظهر هذا الحسم في أوجه من خلال اصرار حزب الله على تسمية المرشح الشيعي في جبيل وعدم القبول بما كان الوطني الحر قد طلبه بأن يكون هذا المقعد من حصته في تكتل التغيير والاصلاح، تقول المصادر، مشيرة الى أن الثنائي رشّح 27 شخصية شيعية ملتزمة، وهو قادر على حسم نتيجة 26 منها، ما عدا المقعد الشيعي في جبيل.
وتضيف المصادر: "قد يكون أحد المقاعد الشيعيّة في دائرة بعبدا واقعا تحت ضغط المعركة ولكن اغلب الحسابات تشير الى قدرة حزب الله وحركة أمل على حسم المقعدين في الدائرة، كذلك الأمر في دائرة بيروت الثانية"، مشيرة الى أن الأصعب من بعبدا وبيروت الثانية هو منع الخرق "الشيعي" في بعلبك-الهرمل، والفوز بالمقعد الشيعي في جبيل". وتقول: "الهدف الثاني أصعب من الأول، خصوصا وأن الثنائي الشيعي في هذه الدائرة يمثل أقلية انتخابية وطائفية ولا يملك قرار فوزه بيده بل هو بحاجة الى ما يقارب الـ5 الاف صوت غير شيعي للحصول على حاصل انتخابي، وبالتالي قد يبدو في جبيل ربيع عواد مرشحا محتملا لنيل هذا المقعد".
اذا قد تنعدم خيارات الراغبين بتغيير بري في المجلس النيابي المقبل، وربما لن يكون أمامهم سوى ربيع عواد مرشح التيار الوطني الحر في جبيل، فهل يمكن القول أن معركة الرئاسة الثانية حُسمت "لوجستيا" لغياب المرشحين قبل الانتخابات؟.