تتعاطى المراجع الرسمية اللبنانية بحذر مع تهديدات القادة "الإسرائيليين" لا سيما ما أعلنه رئيس أركان العدو غادي أيزنكوت، أن "فرص اندلاع حرب هذه الأيام أكبر من السنوات الثلاث السابقة لولايته"، مضيفاً: "توجد عوامل سلبية عديدة تدفع تجاه حرب. الأمور تتعلق بـ"إسرائيل" أيضاً"، غامزاً من احتمال أن يقود الجيش في حرب خلال عامه الأخير، وزاعماً أن "إسرائيل" في عامها الـ70 هي دولة لا يمكن الانتصار عليها، بقوله "إننا ننتصر على أعدائنا"؛ مروراً بحادثة سقوط طائرة استطلاع "إسرائيلية"معادية من دون طيار في بيت ياحون، السبت الفائت.
إن أغرب السيناريوات التي يتخوف منها بعض السياسيين هو أن تدخل "إسرائيل" على خط الانتخابات النيابية، فتقوم بعمليات عسكرية عدوانية تجاه لبنان، مما يؤدي إلى تعطيل الاستحقاق الانتخابي ومن ثم إلى تأجيله، انطلاقاً من قراءة إسرائيلية وأميركية ترى أن الانتخابات المقبلة ستكون لمصلحة حزب الله وحلفائه، بالتالي سيؤدي التصعيد إلى قطع الطريق على حزب الله كي لا يحقق مكاسب سياسية كبيرة، تضاف إلى رصيد إنجازاته العسكرية.
يتزامن ما تقدّم مع تساؤل رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس، في لقاء الأربعاء النيابي مفاده: هل يهدف التصعيد "الإسرائيلي" إلى تطيير الانتخابات؟ علماً أنه استطرد قائلاً"التهديد لا يتعدّى التهويل"، بيد أنّ الرئيس بري الذي التقى السفيرة الأميركية اليزابيث ريتشارد أول أمس،انتقد عدم تحرك الدولة تجاه الانتهاكات والتهديدات الإسرائيلية، غامزاً من قناة وزير الخارجية جبران باسيل، مشيراً إلى أنه أجرى سلسلة اتصالات مع المراجع الدولية ومع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من أجل مواجهة أخطار هذه السياسة العدوانية.
ليس هناك ما يمنع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أن تشكل غطاء لتصعيد كهذا، لكن هل يمكن للأمور أن تسير على هذه الدرجة من الخفة وسوء التقدير، بحيث يتمّ ربط العدوان المتوقع بالانتخابات النيابية المقبلة؟
يقول المعترضون على هذا التحليل، إنّ تأجيل الانتخابات النيابية سيعود ويواجه في مرحلة لاحقة،ضرورة إجرائها، كما أنّ أيّ تدخل "إسرائيلي" ستكون له تداعيات إقليمية في لبنان وسورية وفلسطين، مما يؤدي إلى اندلاع مواجهة كبرى لا يمكن ضبط تداعياتها، إذ لا يمكن أن تقتصر نتائجها على الانتخابات النيابية وحدها.
ويقول المعترضون أنفسهم إنه من الطبيعي التساؤل عن الموقف الأوروبي والدولي الذي يولي أهمّيةً لهذه الانتخابات التي من شأنها أن توفر فرصةً إضافية لتعزيز الديمقراطية في لبنان. فهذا الموقف يتسم باهتمام عالٍ بالاستقرار اللبناني، وهو ما تعبّر عنه المؤتمرات الثلاثة التي عقد أولها في روما، على أن ينعقد في باريس غداً مؤتمر "سيدر 1" لدعم لبنان اقتصادياً ومالياً، وفي وقت لاحق مؤتمر "بروكسل 2" لمساعدة لبنان على تحمّل عبء اللاجئين. كلّ ذلك بمعزل عن واشنطن التي أظهرت حرصاً على الاستقرار اللبناني عبر مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد عندما "استوطن" لفترة في المنطقة وتنقل بين بيروت وتل أبيب.
لذلك يرجّح أصحاب هذا الرأي أن لا يكون هناك تحرك "إسرائيلي" قبل الانتخابات وأن يكون هناك صيف مضطرب سياسياً وأمنياً بعدها.