رد، الناشط في المجتمع المدني حنا فلوطي على مقال لـ"النشرة" بعنوان "هل سقط المجتمع المدني في الامتحان قبل الأوان؟"، للزميل حسين عاصي، مشددا على أن "المجتمع المدني" أرحب صدراً مما يُظَنّ، وهو قادر على تحمّل الكثير الكثير مما ينتظره من "مفاجآت"، ماثلة، لا في الآراء التي يكتبها زملاء وزميلات في المهنة فحسب – وهذه من بديهيات الحرية الفكرية المتنوعة - بل خصوصاً على تحمّل الكثير من "المفاجآت" التي ينتظرها من العاملين في مجالات السلطة، وفي مراتبها وأبواقها كافة. وما أكثر هذه المجالات. وما أكثر العاملين فيها".
وتوجه فلوطي الى عاصي قائلا: "ينطوي مقالكَ في متونه، على رغبةٍ أكيدة في التحليل والاستنتاج، بغية استخلاص العبر، والوصول إلى الغايات التي يهدف إليها. لكن الرغبة شيء، والواقع شيء آخر"، متسائلا: "ماذا تترك للقارئ أن يقرأ بعد أن يقرأ العنوان؟ نعرف جميعنا أن الإعلام يركض وراء الـ"سكوب". عنوانكَ في هذا المعنى، هو "سكوب" بالكامل. وهو يؤدي الغاية المرجوة منه تماماً، من حيث جذب القراء، ومن حيث الاكتفاء بالعنوان دون قراءة المضمون".
واعتبر أن "المقال، يُقرأ من عنوانه. وعنوانه هذا، يرغب كلّ "منزعج" من "المجتمع المدني"، في أن يعلّقه على رؤوس الأشهاد، في الساحات، وعلى الشرفات، وحيث يستطيع أن يراه جمهور الناخبات والناخبين أجمعين، فضلاً عن جمهور الأحزاب والتيارات والقوى التي تتألف منها هذه الطبقة السياسية "النزيهة"، "النظيفة"، "المتماسكة"، "المتوافقة"، "المتوائمة"، "المتحالف" أطرافها حيث ينبغي أن يتحالفوا، و"المتخاصمون" حيث "يجب" أن يتخاصموا. يا سيدي، وأستاذي، ألا ينسف عنوانكَ، كلّ "موضوعية" محتملة في طيات الأسطر، وهي موجودة بالتأكيد؟".
وذكر أن "تحركات "المجتمع المدني" المطلبية، كان بعضها مشوباً بالكثير من الممارسات والملاحظات السلبية. ولا يخفى على بالك، وأنتَ الحصيف، أن بعض تلك الممارسات والتصرفات، بل كثيرها، إنما كان من فعائل "الأوادم" الذين ترسلهم السلطة، كلما كانت في حاجة إلى حرف الانتباه عن فضائحها وجرائمها. وهي فضائح وجرائم كثيرة، كما تعلم. فهل كان ينبغي لكَ أن تطلق الرصاص على هذا "المجتمع المدني"، الطريّ العود، الحالم، الثائر، اليائس، الذي فقّرته الطبقة السياسية، و"طلّعت دينه"؟! وما دمتَ تحدثتَ في مقالكَ، عن "التحجيم"، بودّي أن ألفت نظركَ إلى أن لا أحد في مقدوره أن يحجّم "الحالة المدنية". يستطيع من يشاء أن يحجّم ما يشاء، ومن يشاء. لكنه لا يستطيع أن يحجّم الوجدان، والضمير، وخصوصاً إذا كانا جمعيين. ثمّ بودّي أن ألفت نظركَ إلى أن "المجتمع المدني" لا يريد أن ينافس أحداً على "الجنّة"، "جنة السلطة".
وأضاف: "إذا أردتَ الحقيقة، فهو يريد بالأحرى، دفن هذه الجنّة البغيضة والمهينة تحت سابع أرض، ليفتح الباب على احتمالات الأمل والحرية والسعادة. وهي حقوقٌ مهدورة للبنانيين، يجب أن تُستعاد، وإنْ بأخطاء "المجتمع المدني"، وهي لا تقاس بـ"الخطايا الأصلية" التي ترتكبها السلطة. لو كنتَ موضوعياً حقاً، وتريد أن تتبرأ من نظرية "المؤامرة"، لكان عليكَ أن تعفّ عن استخدام مثل هذا العنوان القاتل".