أحشاء الملك هنري الخامس
قرأنا منذ مدة أن علماء الآثار الفرنسيين عثروا داخل صندوق من الرصاص على أحشاء الملك هنري الخامس ملك بريطانيا، كأنما الملوك يرفضون الموت لتظلّ أحشاؤهم معلّقة بالعرش حتى ولو كانت في صناديق من الرصاص، وهذا ينطبق على ملوك الطوائف عندنا وأمراء الزعامات السياسية والإقطاعية الذين يرفضون التنازل عن السلطة، وتظل أحشاؤهم الوراثية مستمرة في صناديق الإقتراع...
وصيّة كمال جنبلاط
من كتاب: «أحاديث الحرية» يقول كمال جنبلاط في خطاب إنتخابي في بلدة بيصور: «إنكم تخطئون عندما تنظرون إليّ كواحدٍ من آل جنبلاط أنا أقول لكم، إنتخبوا الشباب الذين ترون فيهم الثقافة والأدب والإخلاص والأخلاق والصيت الحسن، ولا تنتخبوا إبن هذا البيت أو ذاك...». ولكن هل بقي هناك مرشحون يتمتّعون بهذه المواصفات... لكي تنتخبوهم...؟
جادة خادم الحرمين
تاريخياً: للسعودية فضل عميم على لبنان منذ أن كان الملك عبد العزيز بن سعود أول من بادر بدعم الحركة الإستقلالية بإقامة علاقة دبلوماسية مع لبنان في نيسان 1944 وتمّ تعيين الشيخ عبد العزيز زيد قائماً سعودياً بالأعمال، واستمرت السياسة السعودية حيال لبنان على هذا النحو، ولكنّ الذين زحفوا الى ميناء الحصن للمشاركة في افتتاح جادة الملك سلمان خادم الحرمين الشريفين هل كانوا مدفوعين بتلك العلاقة التاريخية، او كانت عيونهم معلّقة بتاريخ السادس من أيار ...؟
ريح الشمال الشريرة
يعتبر الصينيون أنَّ ريح الشمال هي التي تهبّ بالأرواح الشريرة، فيما الريح الجنوبية هي ريح الصالحين.
لعلّ عندنا أيضاً قد تهبّ الأرواح الشريرة من دائرة الشمال الثالثة، حيث الصراع الإنتخابي يندلع محموماً بين ثلاثة مرشحين طامحين الى التربّع على كرسيّ الرئاسة.
الصراع الثنائي على هذا الكرسي أودى بنا الى حروب إلغاء دمّرت طموحاتنا بما عصف بها من البارود، ولا تزال حروب الإلغاء الباردة مستمرة عندنا، وهي مثلثة المتاريس إنّها أوراحهم الشريرة التي تهب حول قصر بعبدا.
ريـح الجنـوب
قد يصحّ إنتخابياً مجاراة الصين في اعتبار أن الريح الجنوبية هي ريح الصالحين، عبر ثنائية شيعية مدركة ومتوافقة حتى الإلتحام، قياساً على ثنائية مسيحية لم تكن صالحة في المصالحة.
من عيوب المصالحات الوهمية إنها تفقد صدق نياّت المتصالحين، وتنفِّر الثقة بهم والوفاء لتحالفاتهم، فالذي لم يتحقق بين متجانسيَنْ، لا يمكن تحقيقه بين متفارقَيْن، والذي لم يكن له محلٌّ من الإعراب في «معراب» لن يكون له محلٌ سالم في جمع المذكر السالم.
ديغول وجمهور الناخبين
هذا المخلوق العجيب الذي إسمه قانون الإنتخابات، وحدها الثنائية الشيعية عرفت كيف تستفيد من كل تناقضاته، وكيف تستفيد من توظيف هذه التناقضات في تبديد طاقات الخصوم وتجنيد الشياطين في بعثرة وحدة المناوئين.
إنه قانون إعلان الحرب على الذات، حرب الأخ على أخيه، والإبن على أبيه، والحليف على الحليف، حرب المذهبية على الوطنية، وحرب المذاهب على المذاهب، وهو يشكل فرصة للغدر والطعن في الظهر، ويشجع على خيانة الذين ولدتهم أمُّك، وخيانة الذين ولدوا في وطنك الأم.
يقول الجنرال شارل ديغول، إذا كان لا بدّ في السياسة من أن يخون الشخص وطنهُ أو جمهور الناخبين، فأنا أفضّل خيانة جمهور الناخبين إذا ما قورنَتْ بخيانة الوطن فكم إذا كان هناك من يخون الإثنين معاً، او كان كمثل من يخون زوجته ويكتب اسمها على بطون عشيقاته؟