رأى المرشح عن المقعد الماروني في دائرة كسروان - جبيل بسام الهاشم، انه "بخروجي من التيار الوطني الحر كتنظيم حزبي، لا أخرج البتة من تاريخي كمناضل، ولا أتنكر لواجب الوفاء للقيادة التاريخية التي ناضلت عبر هذا التاريخ تحت لوائها، بل إني، على امتداد ما كنت عليه طيلة العقود الثلاثة المنصرمة، أبقى وفيا لمن صار صاحب الفخامة الذي حوله تجمعنا وبقيادته ناضلنا كل هذه السنين، إلى أن وصلنا به إلى حيث وصل، كما أبقى داعما لعهده المجسد لأحلامنا وآمالنا المشروعة، كائنة ما سوف تكون بعد اليوم علاقتي بالتيار وقيادته، وسواء قدر لي الوصول إلى مجلس النواب أم بقيت خارجه. وأبقى، اضافة إلى ذلك، متمسكا بميثاق التيار، الذي كنت من المشاركين في صياغته، وبالخيارات المواطنية والعلمانية الحاسمة التي انطوى عليها كمشروع للدولة والمجتمع، كما بشرعته المناقبية التي، إلى ذلك، كان لي شرف الإشراف على إعدادها وبلورة الاجماع الداخلي حولها إلى أن تم اعتمادها رسميا".
وعن اسباب استقالته من التيار، اعتبر في مؤتمر صحافي عقده في جبيل، أن "الاسباب معروفة من القاصي والداني، وقد ذكرتها بشيء من التورية في الكتاب الذي وجهته بخصوصها إلى رئيس التيار في 20 آذار الماضي، ثم نشرته بلا إبطاء عبر وسائل الإعلام، وها أنا ذا أعيد توزيعه وأتلوه عليكم تعميما للفائدة. فجوهر الأسباب هذه، كما ترون ولا شك، انتهاكات صارخة لأحكام نظامنا الداخلي وشرعتنا المناقبية، ارتكبتها قيادة التيار بحقي، بحؤولها عن غير وجه حق دون قيام مجلسي التحكيم والحكماء التابعين للتيار بعملهما لجهة البت بطعون كنت قد رفعتها إليهما، وقد تواكبت، في المسار العام، مع مواقف وتصريحات لرئيس التيار حول أمور وطنية وقومية خارجة عن أدبيات التيار وتوجهات مؤسسيها وكاد بعضها يشعل البلاد، فكانت بالتالي تستدعي الشجب خصوصا من قبل من أوكلت إليه، داخل التيار، مسؤولية العلاقات مع الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية المنتمية إلى محور المقاومة، أي الداعي الجالس أمامكم، فماذا بالتالي عن الوقائع المعنية؟ ماذا عن الطعون، وماذا كانت مواضيعها؟ ماذا عن الظروف والملابسات التي أحاطت بها؟ ومن ثم كيف ولماذا كان مؤداها إلى استقالتي، بدلا من دخولي في مواجهة داخل التيار مع القيادة الحزبية المخالفة للأحكام؟".
وعن تقديم استقالته في 20 آذار 2018، شرح الهاشم نقطة انطلاقها المطلقة التي تمثلت في تعميم صدر، في حزيران 2016، عن رئيس التيار، تحت الرقم 88/2016. ففي هذا التعميم، تم تحديد الآلية المنوي اعتمادها لاختيار مرشحي التيار المحتملين من بين كوادره للانتخابات النيابية العتيدة، فإذا بها تمر بمراحل ثلاث، قوامها تباعا: انتخابات تمهيدية في داخل التيار يبقى بنتيجتها في السباق الناجحون فيها ويستبعد الراسبون، ثم استطلاع أول للرأي على عينة تمثل فقط القاعدة الناخبة العونية والمستقلة في كل قضاء معني، يصار في ضوء نتائجه إلى تصفية أولى بين المتبارين الفائزين بنتيجة الانتخابات التمهيدية، ومن ثم ثالثا استطلاع ثان من أجل تصفية ثانية وأخيرة، يجرى على عينة تمثل مجمل القاعدة الناخبة في القضاء دونما تمييز بين الانتماءات والخيارات السياسية التي تخترقها".
وأكد أن "هذا لم يكن كل ما تضمنه التعميم الرئاسي حامل الرقم 88/2016، إذ في البند "ج" من الملحق رقم 6 المرفق به، تم أيضا تحديد الشروط الواجب استيفاؤها من قبل الكوادر الراغبين في ولوج السباق كي تجاز لهم المشاركة فيه، فإذا بأحدها قوامه لغاية لا تخفى على أحد بطبيعة الحال وجوب أن يكونوا حائزين، على إجازة جامعية معترف بها من قبل وزارة التربية اللبنانية. فما الذي كان، والحال هذه، في ما يخصني شخصيا، من أمر التطبيق العملي لهذا التعميم ومندرجاته؟".
ولفت الى أنه "في ما يتعلق، أولا، بالانتخابات التمهيدية داخل التيار التي جرت في قضاء جبيل، وقد حالفني الحظ بأن أكون أحد الفائزين فيها، صحيح أن فوزي بنتيجتها لم يكن في الظاهر مشرفا جدا، إذ خرجت منها، بعد الرفيق الأول، النائب سيمون أبي رميا، والرفيق الثاني، عضو المجلس السياسي الدكتور ناجي حايك، ثالث الثلاثة الفائزين. ولكن الصحيح أيضا هو، على حد ما تبين لاحقا من بعض القرائن الدامغة والشهادات المدلى بها نزولا عند إلحاحي، أن المستهدف من قبل القادرين، في هذه العملية، إنما كان بكل بساطة إسقاطي، ومن ثم إخراجي إخراجا تاما ونهائيا من السباق المفضي إلى اختيار مرشحي التيار المحتملين، أما في ما يتعلق بالاستطلاعات، فيؤسفني في البداية، الإشارة إلى الانتفاء التام في مبدئها بالنسبة إلي شخصيا، وأنا من أنا من حيث المسؤولية الموكلة إلي في حزبي ونطاق ممارستي إياها، لأدنى مقومات الإنصاف الذي جعلته شرعة التيار المناقبية في صدارة المبادئ الأخلاقية الواجب احترامها في تعاملنا كتياريين بين بعضنا البعض. فالمسؤولية التي كان معهودا بها إلي في التيار الوطني الحر كانت، كما سبقت الإشارة، مسؤولية العلاقات مع أحزاب وقوى محور المقاومة. وبصفتي هذه كان نطاق ممارستي لمسؤوليتي، وللبداهة، يشمل جميع الفضاءات في لبنان والإقليم بما فيه فلسطين وسوريا والعراق واليمن والبحرين، إلخ التي تدور فيها حياة المقاومة والأحزاب المتعاطفة معها، وكان بفعل ذاك من مفاعيله الحتمية للمناسبة بالتلازم مع تغييبي المزمن، بل والمتعمد أيضا، عن أحد القنوات التلفزيونية الحزبية أن يحجبني عن الأنظار في قضاء جبيل، اللهم إلا في أوساطه المهتمة بهذه الفضاءات والمتتبعة لأخبارها عنيت بالأخص أوساط الطائفة الشيعية الكريمة والبيئات العقائدية غير الشيعية المتعاطفة مع المقاومة. فلو كان توخي الإنصاف، فضلا عن ملاءمة الجانبية الشخصية (le profil)، من أولويات قيادتنا الموقرة في اختيار مرشحي التيار المحتملين، لكان من الواجب، والحال هذه، في ما خصني، الذهاب إلى قياس حيثيتي الشعبية (بالاستطلاعات)، لا في قضاء جبيل، وبمواجهة رفيق كنا قد أعطيناه النيابة مجانا قبل 8 ـ 9 سنوات، بل في الفضاءات المفترض أني أمارس فيها مسؤولياتي التيارية".
وأوضح الهاشم انه "مع ذلك، فقد أجريت استطلاعات، وبان بنتيجتها أني حاضر في القضاء حضورا راسخا، وإنما مرة أخرى، في مرتبة ثالثة بعد الرفيق النائب سيمون، ثم الرفيق الدكتور ناجي. ولكن تبين أيضا لي، بفعل خبرتي كأستاذ لعلم الاجتماع السياسي، ومزاولتي في الجامعة قرابة أربعين سنة التعليم لعلم الاجتماع ومناهجه وتقنياته البحثية التي من بينها استطلاعات الرأي، أن الاستطلاعات هذه التي أجريت أتت معتلة بعلل تنال من صدقيتها العلمية، وبالتالي تطرح علامات استفهام كبرى حول حقيقة مطابقتها المزعومة للواقع الفعلي القائم على الأرض. ولأن أمرها كان كذلك، ما كان أمامي من خيار سوى الطعن مرتين بها، كما بجواز بناء أي قرار ترشيحي على نتائجها أمام محكمتنا الحزبية المختصة، المسماة مجلس التحكيم. ولكن الحكم المذهل الذي أصدره مجلس التحكيم بشأن الطعن هذا في نهاية مخاض دام بين أخذ ورد أكثر من سنة، كان، وللأسف الشديد، كأحكام "قراقوش"، وقد انتهى ببساطة إلى تثبيت النتيجة المطعون بها والقاضية بإخراجي من السباق بذرائع محض شكلية وادعاء لعدم اختصاص المجلس في مناقشة جوانبه التقنية. وهذا في الحقيقة ما، أثبته، أتيتكم بالمستندات ذات الصلة، وقوامها، إلى نصي الطعن اللذين رفعتهما إلى المجلس، الحكم النهائي المبرم الذي أصدره هذا الأخير بشأن ثانيهما".
وأشار الى أنه "بيد أن هذه لم تكن نهاية طعوني، ولا حتى أكثرها استرعاء للانتباه، كما بات معروفا من كثر. إذ بعدما تيقنت، بفعل كل ما تقدم ذكره، من وجود ما يشبه استهدافا ممنهجا لي يقضي بإخراجي مهما كلف الأمر من اللعبة الانتخابية، رأيت من واجبي تجاه نفسي التقدم بطعن ثالث كنت قد ترددت طويلا في تقديمه ضنا بسمعة الرفيق المعني، عنيت به سيمون أبي رميا. وهذا ما أقدمت عليه في أواخر تموز 2017، عملا بأحكام السطر التاسع من البند "ج" في الملحق رقم 6 المرفق بالتعميم الرئاسي ذي الرقم 88/2016 الآنف الذكر. وكانت وجهة الطعن هذه المرة لا مجلس التحكيم، بل الهيئة المسماة مجلس الحكماء، وهي في الحقيقة الهيئة الحزبية المختصة بالتحكيم في الطعون المقدمة بحق نواب التيار ووزرائه. وقد طالبت هذه المرة بأن يصار إلى معاملة الرفيق سيمون (وهو غير الحائز من جامعة السوربون على الماستر في إدارة الأعمال الذي كان يدعيه، ولا حتى على أية إجازة، كما سيتبين لكم من ملف الطعن ذي الصلة الذي أزودكم أيضا بنسخة منه)، بمثل ما كان قد عومل به الرفيق فؤاد شهاب، حين رغب في دخول السباق الانتخابي في قضاء بعبدا. والحق أن هذا الأخير كان قد منع من ولوج السباق لا لعدم حيازته على إجازة جامعية، بل فقط لأن الإجازة التي هي بحوزته، وهي صادرة عن إحدى جامعات فرنسا، غير حاصلة بعد على معادلة من وزارة التربية اللبنانية".
ولفت الى أنه "في نهاية المطاف، ما الذي حل بطعني هذا؟ بقدرة قادر كان أن بقي، وللأسف، منذ أن سجلته وفق الأصول المعتمدة لدى أمانة السر المركزية، محجوزا بإحكام لدى هذه الأخيرة، بل وممنوعا. لماذا وبأي حق، رغم مراجعاتي المتكررة عبر كل الأقنية المتاحة وعلى جميع المستويات من أدناها إلى أعلاها بدون استثناء، من الوصول إلى الجهة التحكيمية التي كان موجها إليها.
وأعفيكم طوعا من رواية تفاصيل المراحل المتعرجة التي مررت بها على هذه الطريق خلال ثمانية أشهر. فما الذي بقي علي القيام به احتراما لنفسي ورفضا للاعاقة الرعناء الممارسة بوجهي في إصرار وقح على انتهاك نظامنا الداخلي، وضرب قيم الحق والإنصاف السامية التي أريد له، كما لشرعتنا المناقبية، أن يكونا ضامنين لها؟".
وأكد أنه "بكل بساطة، لم يبق أمامي سوى الذهاب إلى حيث كان من المفترض أن أذهب في ما لو كان قد أخذ بطعوني العادلة. عنيت إلى الترشح للنيابة، احتياطا، بانتظار أن يتم البت بطعني الثالث والأخير. وهذا في الحقيقة ما قمت به في اليوم الأخير من المهلة الرسمية التي كانت معطاة للترشح، أي في السادس من آذار الماضي. والحق أني ما فعلت ذلك إلا بعد توجهي إلى رئيس التيار بكتاب رسمي كان هذا مفاده، وقد سجلته، هو الأخر، يومذاك، لدى أمانة السر المركزية. ولكن بماذا أجابت قيادة التيار على كتابي إلى الرئيس وترشيحي هذين؟ ببساطة، كما بات معلوما، بتهديد وجهته إلى جميع كوادر التيار الذين بقوا مرشحين للانتخابات من خارج قرار القيادة، بمن فيهم طبعا الداعي، باتخاذ الإجراءات العقابية بحقهم، عبر إحالتهم إلى مجلس التحكيم".
ورأى انه "أمام مثل هذه المهزلة، التي يتحول فيها، بفعل القوة وحسب وبما يتحدى بوقاحة القيم ومبادئ الحق والعدل، المرتكب إلى ضحية والضحية إلى مخل، صار بطبيعة الحال غير متاح لي سوى المضي في وجهة من اثنتين: فإما الانصياع لإرادة المستبد وانتظار محاكمته غير العادلة حكما، وربما توقع الطرد، وإما استباق المقدر بقلب الطاولة عليه والاستقالة من التيار تمهيدا للانتقال إلى إطار نضالي آخر تتاح لي فيه فرصة الاستمرار في ممارسة قناعاتي بعيدا عن استبداد المستبدين. وهذا في النهاية ما كان".