نحن لا ننتظر أي عجائب وآيات لنؤمن بالقيامة، وإلا انطبق علينا قول الربّ:"لا تؤمنون ان لم تروا آيات وعجائب"(يو ٤٨:٤).
وممنوع أن يحجب شيئًا نور المسيح عن قلوبنا وعيشنا له بالتوبة والرجوع إلى الذات والصلاة والهدوء.
وجوهر العيد لا يكمن بالمظاهر الخارجيّة والاحتفالات الصاخبة والكرنفالات، ولا نحن نطلب من الله أن يميّزنا كقوم بل كشعب مؤمن بتجسّده وبقيامته.
ولكن هذا لا يلغي حدثًا أو واقعًا يحصل وإن أسيء استعماله من قبل البعض، أو تم التركيز عليه بطريقة مغلوطة أو مبالغة.
هذه مجموعة من الأسئلة تصوّب الموضوع:
1-هل يمكن للّمحطات العالميّة أمثال الـCNN و Euronews و BBC وغيرهم، أن تتكّبد مصاريف وتذهب إلى القدس لتغطّي حدث فيض النور المقدّس وتبثّه على قنواتها، لتدعم كذبةً تخدم فيها الكنيسة الأرثوذكسيّة؟.
جوابي الشخصي مستحيل، بخاصةٍ أنّنا نعرف تمام المعرفة خلفية هذه المحطّات ونظرتها للمسيحيّة. لا بل لو كان هناك شيئا مزيّفا لكانوا السباقين في إبرازه للنيل من المسيحيّة ومعتقداتها.
2-هل يمكن للسلطات الإسرائيليّة ومخابراتها أن تتغاضى عن "كذبة" بهذا الحجم لتخدم قيامة الربّ يسوع المسيح من بين الأموات؟ ألف مستحيل ومستحيل.
ألا تعتقدون أنّهم يفعلون المستحيل ليشوّهوا هكذا حدث ضخم يجري في صلب ديارهم؟
3-هل يمكن للكنيسة الأرمنيّة تحديدًا أن تسكت عن هكذا تزيّيف أو كذب أو اختلاق؟ ونحن نعرف تمامًا مدى الحساسيّة في هذا الموضوع.
4-هل يمكن لممثلّي الكنائس الأخرى أن تسكت عن كذبة بهذا النوع تخدم الكنيسة الأرثوذكسيّة؟. هل أصبحنا لهذه الدرجة جهلاء في التاريخ والاقتناص؟.
5-هل تعتقدون أن السلطات الفلسطينيّة وغير المسيحيّة أصبحت هي بدورها أيضًا متواطئة معنا؟.
6-هل نضع كلّ الدراسات العلميّة الحديثة التي أثبتت بأحدث المعدّات صحّة الحدث فقط لنطلق العنان لمواقفنا الشخصيّة المبنيّة على ردود فعل ونظريّات من نحب؟.
7-هل نضع ما أثبته كبار علماء التصوير والإخراج الذين نفوا أي تزوير في هذا الحدث، وخاصة عندما يُبث الحدث بثًا حيًّا، وُتنقل المشاهد والصوّر والأفلام من أكثر من كاميرا، ومن أكثر من زاوية في الوقت نفسه، وكلّهم يظهرون أناسًا يضعون النار على وجوههم وأيديهم ولا يحترقون؟. وبالأخص أن هذا يتم على مرأى أعين الجميع وليس في استوديهات هوليود وتخضع لما ما هو معروف بالـpost production أي خدع تضاف لاحقًا في الأستوديوهات وتتطلّب أخصّائيّين وكومبيوترات وبرامج؟.
وهنا لا أتكلّم عن صور ثابتة فقط، بل عن مشاهد متحرّكة عالية الدقة ومأخوذة من عدة زوايا ومن وكالات صحفيّة مختلفة.
8-هل قام الذين يعترضون على الحدث وينفونه بفحص علمي وفنّي وتقني للصور والمشاهد التي تحدث هناك؟ وإذا لا، على أي أساس إذًا ينفون ما يشاهدون؟
وهنا أنا أتكلّم علم وليس لاهوت. فهل درسنا وتعلّمنا وتخصّصنا ومارسنا ودرّسنا مادة التصوير والروتوش لنضع كلّ هذا جانبًا؟ بالتأكيد لا.
9-وإذا تحجّجنا بما قاله برنامج عرضه التلفزيون اليوناني حول الفوسفور الأبيض الذي يشتعل بعد مدّة من الوقت لاحتكاكه في الهواء، علينا هنا أن نصغي جيّدًا إلى علماء الكيمياء الذين أثبتوا أن النور الذي يفيض من قبر المسيح لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالفوسفور الأبيض، لا من ناحية الخواص ولا الرائحة ولا الشكل ولا الانتقال ولا مدّة الاشتعال ولا الشكل...
ويجب ألاّ ننسى أن شموعًا كثيرة يجلبها أناس معهم يأتون إلى الحدث من خارج الكنيسة، فهل يمكن بالتالي أن تقوم الكنيسة الأرثوذكسيّة بتغطيس كلّ هذه الشموع الآتية من الخارج؟.
جوابي، تصوّر هكذا أمر هلوسة بحد ذاتها.
10-هل يمكن للسلطات العثمانية وغيرها ممن حكموا فلسطين أن يكونوا تغاضوا عن كذب بهذا الحجم؟.
ونحن نعرف ما حصل مع البطريرك الأرثوذكسي عندما مُنع من دخول القبر، ففاض النور من عامود في الخارج حيث كان واقفًا البطريرك، وما زال العامود يشهد حتى الآن؟.
فهل نضع كلّ هذه المراجع التاريخيّة جانبًا فقط لنُنشد أنشودة تحلو لنا؟
نهاية أصلّي من كلّ قلبي وأقول: للربّ ملء الحرية أن يشهد للكنيسة التي حافظت على استقامة العقيدة، بغض النظر عن كلّ ضعف أفرادها.
فما عجز اليهود عن نفيه لا نجعله مادة للمماحكة.
*رئيس قسم الإنتاج في المركز الأرثوذكسي الأنطاكي للإعلام