من المؤكد ان من ضمن القرارات التي ستتخذها القمة العربية التي ستنعقد في المملكة العربية السعودية في الخامس عشر من الشهر الجاري، التزام القادة العرب بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، ورفض قرار الرئيس الاميركي الاعتراف بالقدس كعاصمة لاسرائيل.
وسألت مصادر دبلوماسية عربية ان مثل هذا القرار تكرار لقرارات مماثلة تصدر عن القمم العربية، ولكن عمليا ما الذي فعلته هذه القمم والانظمة العربية مجتمعة من اجل فلسطين والفلسطينيين؟.
وقالت المصادر ان العالم العربي استبشر خيرا بعد ثورة أكتوبر في العام ١٩٥٢ بقيادة الرئيس المصري جمال عبدالناصر، لكن هذه الامال تبخرت بعدم قدرة هذا النظام على استرجاع الاراضي المغتصبة بقوة السلاح أو بالتفاوض، بل تحول هذا الملف وباسم القضية الفلسطينية الى اتهامات متبادلة بين الأنظمة، حيث تأصلت ثقافة العداء لدى المواطن العربي ضد اسرائيل دون أي نتيجة لصالح العرب.
ورأت هذه المصادر ان معظم الأنظمة العربية استخدمت واستثمرت النزاع العربي-الاسرائيلي لمواجهة خصومها باسم نصرة القضية الفلسطينية، وتمنعت معظم الدول القادرة عن مساعدة مصر للتصدي للإسرائليين، مما دفع بالرئيس الراحل أنور السادات لابرام اتفاقية كامب دافيد ودفع حياته ثمنا لهذا التوجه.
ولاحظت المصادر ان العالم العربي نجح في التخلص من السادات ومن القضاء على فكرة وهوية القوميّة العربيّة التي اطلقتها مصر بقيادة عبدالناصر، وحلّت محلها الاسلام السياسي.
واضافت المصادر ان المملكة العربية السعودية سعت الى دعم عملية السلام من خلال مبادرة السلام العربية والتي تم الاجماع عليها في مؤتمر القمة العربية في بيروت عام ٢٠٠٢، في أجرأ خطوة منذ نشأة الصراع العربي-الاسرائيلي، لكن هذه المبادرة ظلت تراوح مكانها.
وتابعت المصادر مشيرة الى انه ومع التغييرات في المنطقة وسقوط بعض الأنظمة العربية نتيجة ما عرف بالربيع العربي، وتصدر الاسلام السياسي بشقّيه السني والشيعي فرض الهيمنة لكل من تركيا وإيران على المنطقة، مع ما رافق ذلك من فوضى دمويّة جعلت من مجتمعات المنطقة مسارح لحروب أهلية تحت شعارات مذهبية.
وتعتقد المصادر ان ايران التي ترفع سقف المواجهة مع اسرائيل لأسباب دينية، وتدخلها بشكل مباشر او غير مباشر مِن خلال انصارها في المنطقة، تُمارس سياسة التخوين تجاه اي نظام لا يشاركها رؤيتها، لدرجة انها استطاعت خلق شرخ بين الفلسطينين أنفسهم حيال طريقة التعامل مع اسرائيل، حيث تسعى السلطة الفلسطينية الى تحقيق دولتها عبر التفاوض، وتصر قيادة حماس في غزة ان السلام والمقاومة هو السبيل الوحيد لتحرير جميع الاراضي الفلسطينية "واقتلاع اسرائيل من جذورها"، ومعها في هذا حزب الله، الذي يعتبر أمينها العام السيد حسن نصرالله انها اضعف من "بيت العنكبوت".
وتميل المصادر الى الاعتقاد ان روسيا الاتحادية بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين، شريكة الإيراني في سوريا، ليست اقل انحيازا للاسرائيليين، وتؤمن بضرورة حل النزاع العرب-الاسرائيلي حلا عادلا في المنطقة مع دولتين تعيشان بسلام، ولن تقبل بالطرح الإيراني الداعي لاقتلاع اسرائيل من الوجود.
ولاحظت المصادر وجود عناصر جديدة يمكن ان تساهم في دفع عملية السلام، ابرزها البيان الذي ارسله رئيس رابطة العالم الاسلامي في المملكة العربية السعودية الدكتور محمد عيسى في كانون الثاني الماضي الى مديرة المتحف التذكاري للهولوكوست في الولايات المتحدة الاميركيّة السيدة بلو مفيلد يعرب فيها عن تعاطفه الشديد مع ضحايا الهولوكوست، وان "التاريخ لن ينسى هذه المأساة الانسانية، ولا احد سيمنحها مباركته" وانه مع توجهات المملكة العربية السعودية بقيادة ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، ومعه أغلبية دول مجلس التعاون الخليجي، هناك بريق امل وبدعم أميركي ودولي، من تقبل فكرة السلام، مع قيام الدولة الفلسطينية الى جانب اسرائيل، وتحقيق فكرة الشرق الاوسط الجديد الذي يحمل التنمية والازدهار والأمن لشعوب المنطقة، والتخلي عن الصراعات المسلحة والحروب التي تعيشها دول المنطقة منذ حوالي سبعين عاما.