لفت النائب نعمة طعمة خلال تكريم له في كاتدرائية النبي إيليا في دير القمر إلى أنه "في قلبي فائض من المحبة والشكر والامتنان على هذا التكريم الذي تضيفون به رصيدا رمزيا كبيرا على سجل عمري ، ومسؤولية معنوية تلزمني بمتابعة ما اصبح نهجا لحياتي وتطبيقا عمليا لما ترسخ في وجداني عن انه "اذا صرخ الجرح، فلا مفر من سماعه".
أضاف: "في تاريخنا البعيد والقريب اوجاع كثيرة، لكن الإيمان ينمو بالوجع، والوجع يقيمنا في الالتزام بالمسؤولية والانجاز.
مع بداية مسيرة العودة من الحرب والهجرة من الذات والتهجير من الارض والجذور والبيوت والذكريات ، وقبل ان يمنحني أبناء الجبل وفاعلياته الثقة وشرف تمثيلهم في الندوة النيابية، كنت على اقتناع بأن الوطن هو أولا اجساد قائمة غير مهجرة ولا مهاجرة، وأن العيش الكريم يتقدم على السياسة وحساباتها ومعادلاتها الداخلية والخارجية. لذلك بدأنا التحضير للمصالحة في الجبل الجريح في دارة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في حضور وليد بك جنبلاط والصديق الوزير مروان حمادة والراحل نبيل البستاني. وكان القرار الحاسم بترميم وإعادة بناء دورالعبادة اولا تمهيدا للمصالحة الكبرى والعودة. هكذا، وبعدما كنا نتعامل مع أمنية بعيدة اسمها العودة، اصبح القرار خطوات عملية تجسدت في المصالحة الاولى برعاية الرئيس المرحوم الياس الهراوي وتوجت بالمصالحة التاريخية برعاية البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير".
تابع طعمة: "وبعد تسلمي وزارة المهجرين نجحنا في اعادة إعمار البيوت المهدمة ورفع قباب الكنائس والأديرة والقاعات الاجتماعية والمدارس والمستوصفات وملاعب الرياضة، بالاضافة الى المشاريع الانمائية والزراعية الصغيرة. وقد بلغ مجموع الصروح المرتفعة ستة وخمسين كنيسة وعددا آخر من الأديرة ودور العبادة. تلازم بناء الحجر مع ردم المسافات النفسية بين البشر حيث أزهرت المصالحات في الشحار الغربي وكفرمتى وكفرنبرخ وبريح بعد مساهمة شخصية في حل عقدة بيت الضيعة . ليس هذا العرض الموجز جردة حساب تقتضيها مناسبة المبادرة النبيلة أو موسم الانتخابات المزدهر. إنه تأكيد على الأصول وعلى ما كان وما يجب ان يكون في الوطن وفي الجبل. فنحن وأنتم يا أبناء المدن والقرى المنثورة على التلال والسفوح من شاطئ الدامور والجية والناعمة والسعديات مرورا بالإقليم والمختارة ودير القمر وصولا الى أرز الباروك، رئتان في صدر الجبل، نتنفس معا حرية وكرامة وعيشا مشتركا في إطار التنوع واحترام الخصوصيات".
واردف: "اكتشفنا في هذا الوطن الصغير والفريد المصاعب: أن جماعة منا لا تستغني عن جماعة اخرى، وأن العودة التي تتحقق كل يوم حملت الى العائد شيئا من غده والكثير من الكيان في جبل قدره ان يكون مكانا لعيش القيم الصانعة للوجود المتفاعل والكريم . وأن سلام لبنان وجبل لبنان في وحدته، أن نحافظ على الوحدة بعد تمتين المصالحة هو التحدي والبطولة، فالسلام هو ثمرة المصالحة مع النفس ومع الآخر، هذا الذي يأتي من الولاء الواحد للبنان الواحد في الماضي والحاضر والمستقبل، وإذا كان التكريم اليوم مبادرة من طائفتي الكريمة، طائفة الاعتدال والوسطية، فإن معناه يتخطاني الى كل صاحب فعل ومروءة في جميع الطوائف والجماعات المؤتلفة في الكيان اللبناني الذي يقتضي الإخلاص له، قبوله كما صنعه التاريخ".