تطفو على السطح قضية "الموقوفين الإسلاميين"، حيث يواصل الأهالي حراكهم بلقاءات واعتصامات وخيم، مطالبين بإنهاء ملفهم، وأنْ يشمل أبناءهم قانون العفو العام.
لكن تتوزّع قضية "الموقوفين الإسلاميين" على مستويات عدّة، وفي طليعتها:
- الموقوفون منذ سنوات عدّة، خاصة ممَّنْ أوقفوا إثر اعتداء مجموعة "فتح الإسلام" على الجيش اللبناني في مخيّم نهر البارد (20 أيار 2007) والمُحالة على المجلس العدلي.
- الموقوفون بتهم الإرهاب والاعتداء على الجيش اللبناني والقوى الأمنية ومؤسّسات الدولة والمواطنين، وهؤلاء كانوا ينتمون إلى خلايا إرهابية، ومنها "فتح الإسلام" و"جند الشام" وصولاً إلى "داعش" و"جبهة النصرة".
- الموقوفون في قضية أحداث عبرا، باعتداء مجموعة إمام "مسجد بلال بن رباح" سابقاً – عبرا - صيدا الشيخ المحكوم أحمد الأسير الحسيني وعدد من مناصريه.
- متهمون بقضايا وأعمال إرهابية أمنية.
ويبرز الحديث بين الحين والآخر عن قرب صدور قانون عفو عام يشمل العديد من القضايا، وبينها: تجّار ومروّجو ومتعاطو مخدرات، يبلغ عددهم أكثر من 5 آلاف شخص صادرة بحقهم أكثر من (48 ألف) مذكّرة توقيف وبلاغات، والعملاء من "ميليشيا العميل أنطوان لحد"، الذين فرّوا إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، إثر اندحار الإحتلال عن المنطقة الحدودية المحتلة (25 أيار 2000)، الذين بقي منهم حوالى (4159 شخصاً)، بعدما عاد منهم الكثير من أصل (7500) كانوا - آنذاك.
وأيضاً "الموقوفون الإسلاميون"، البالغ عددهم حوالى (1300) الذين يتم التعاطي مع ملفاتهم وفقاً للادعاءات التي صدرت من قِبل القضاء العسكري، أو المجلس العدلي، والتي توزّعت بين الاعتداء على أمن الدولة، وتعمّد قتل عناصر الجيش اللبناني، وأعمال إرهابية، وإثارة النعرات الطائفية، وصولاً إلى أدوار إدارية ولوجستية.
البعض من هؤلاء أُنجِزَتْ محاكماتهم، وآخرون ما زالوا يُحاكمون في "المحكمة العسكرية الدائمة" في بيروت، وبعضهم ما زالت ملفاتهم لدى قضاة التحقيق العسكري أو في "محكمة التمييز العسكرية"، ومَنْ صدرت بحقهم خلاصات أحكام غيابية وبلاغات بحثٍ وتحرٍّ ووثائق ومتوارون عن الأنظار.
وتناولنا الموضوع ليس في مجال الدفاع عن أيٍّ كان، ولا نرضى التحيّز إلى فريق على حساب القضاء والأمن في لبنان، بل إنّ مَنْ ارتكب اعتداءً أو قام بأعمال أمنية وإرهابية وتجسّسية يجب أنْ يُحاكم وفق القوانين المرعية الإجراء.
للإسراع بالمحاكمات
لكن الأهم هو سرعة الإنجاز والفصل والحكم في هذه الملفات، كما في قضايا أخرى، لأنّ هناك أحكاماً قد تصدر بحق البعض تتجاوز فترة السجن الفعلي، الذي يكون قد أمضاه الموقوف في السجون.
وهناك مَنْ يتحدّث عن أنّ التركيز باستثناءات قانون العفو العام هو ما يصنّف الإرهاب وتحديداً "الموقوفين الإسلاميين" وفي غالبيتهم من اللبنانيين والفلسطينيين ولعائلاتهم ومصاهراتهم تأثير إنتخابي، خاصة في صيدا وطرابلس والبقاع، وذلك من خلال إحالة بعض هذه القضايا على المجلس العدلي.
هذا علماً بأنّ أشخاصاً كانوا قد أدينوا بجرائم من قِبل المجلس العدلي، استفادوا من قانون العفو، خاصة الذي أصدره مجلس النوّاب في جلسته التي عقدها بتاريخ (18 تموز 2005) وأقرَّ فيها العفو عن قائد "القوّات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع وموقوفي مجدل عنجر والضنية بالقانونين رقم 677 و678.
كيف سيقترعون؟!
ومع اقتراب موعد إجراء الانتخابات النيابية المقرّر إجراءها يوم الأحد (6 أيار المقبل)، فإنّ أهالي "الموقوفين الإسلاميين" كمَنْ يتعلّق بقشة وينتظرون بصيص الأمل في النفق الذي ما زال مظلماً، لأنّ هناك مَنْ لا يتعاطى بشفافية وصدق ووضوح في هذا الملف، بل يحاول استخدامه لتمرير مرحلة الإنتخابات.
يأخذ أهالي "الموقوفين الإسلاميين" على غالبية الفاعليات أنّها تعدهم بأمور خلال الاجتماعات في الصالونات، وعند التنفيذ تتهرّب من الإلتزام بها، وهو ما أدّى إلى تريّثهم باتخاذ قرار لجهة مَنْ سيقترعون في الاستحقاق المقبل، أو سيقاطعون الإنتخابات ويقومون بخطوات تصعيدية بما في ذلك عودة أبنائهم إلى الإضراب المفتوح عن الطعام، الذي أوقفوه بعد وعود بالإسراع بمحاكمتهم وإصدار قانون عفو، وهم يشكّلون نسيجاً من صيدا والشمال والبقاع، لكن غُرّر بأبنائهم الذين التحقوا بمجموعات، حاولت تغذية النعرات الطائفية والمذهبية، وورّطوا وتورّطوا وارتكبوا جرائم، اكتوى بنارها أبناء المدينة وفي الطليعة عائلاتهم وأبناؤهم.
يتمتّع أهالي "الموقوفين الإسلاميين"، في "عاصمة الجنوب"، صيدا، بقوّة إنتخابية يُحسب لها الحساب، وثبت في الإنتخابات البلدية التي جرت (22 أيار 2016)، أنّ أعضاء "لائحة أحرار صيدا" التي ضمّت 7 مرشّحين وترأسها رئيس "المنظّمة اللبنانية العدالة" الدكتور علي الشيخ، الذي نال (2748 صوتاً)، فيما نال حسن عوكل الذي انسحب من الإنتخابات بعد طباعة اللوائح وقبل الاقتراع (1997 صوتاً).
هؤلاء لم تتجرّأ أيٌّ من القوى السياسية والحزبية والفاعليات في مدينة صيدا أو قضاء جزين أنْ تضم إليها مرشّحاً (عن أحد المقعدين السنيين في صيدا) في الدائرة التي ضمّتها مع قضاء جزين، لأنّ ذلك يشكّل "نقزة" لدى العديد من الأطراف، فتم إسقاط مرشحهم من اللوائح.
لكن التركيز هو على استمالة هذه القوى الناخبة للظفر بأصواتها في صناديق الاقتراع، خاصة أنّها يمكن أنْ تشكّل "بيضة قبان" بين اللوائح في ظل "الصوت التفضيلي".
تحركات واعتصامات
وينفّذ الأهالي الاعتصامات ويواصلون المرابطة في خيمة نصبوها عند مدخل دار الإفتاء الإسلامية في صيدا، متأمّلين أنْ تُحل قضية أبنائهم قبل إجراء الإنتخابات النيابية، قبل نهاية ولاية المجلس النيابي الحالي.
لكن ما زال هناك اختلاف في نظرة السياسيين إلى معالجة هذا الملف الشائك، خاصة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي يؤكد أنّه لن يوقّع على قانون عفو يشمل مَنْ قتل الشهداء العسكريين، فيما رئيس الوزراء سعد الحريري يؤكد أنّه لن يوقّع أي قانون لا يشمل "الموقوفين الإسلاميين".
وإنْ كانت هناك قضايا ثابت فيها وبالأسماء مَنْ نفّذ الجرائم والاعتداء بحق العسكريين والتعرّض للدولة اللبنانية، فيجب أنْ يُعاقب بإنزال أقصى العقوبات، ليكون ذلك رادعاً لهم ولغيرهم لعدم اقتراف مثل هذه الجرائم، بينما المطلوب هو معالجة الملفات الأخرى، لمَنْ اقترفوا جنحاً أو غُرّر بهم، فهل يلقون الصدى، أم إنّ التقاء المصالح لدى المسؤولين سيكون على حسابهم؟!