لفت الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، في كلمة له خلال مهرجان "صوتي وفا لأهل الوفا" في صور، إلى أنّ "هذا الإحتفال له هدف واضح هو التعبير عن التأييد والدعم الشعبي والسياسي للائحة "الأمل والوفاء" في صور والزهراني"، مشيراً إلى "أنّنا هنا في مدينة صور المدينة الّتي احتضت السيد عباس الموسوي في بداية شبابه طالباً في معهد الدراسات الإسلامية في صور، وصور الّتي عاد إليها السيد عباس عاشقاً وعاش فيها أجل سنين حياته في المقاومة وصولاً إلى الشهادة".
وأوضح نصرالله، أنّ "النقطة الأولى الّتي سأتحدّث بها هي موضوع المقاومة. في ذكرى عدوان نيسان الّذي بدأ في 11 نيسان واستمرّ 16 يوماً ونهايته كانت في 27 نيسان، والّذي تمّ فيه قصف مقرّ القيادة العسكرية لـ"حزب الله" في حارة حريك وكان فيه القائد الراحل مصطفى بدر الدين. قدر العدو أن يبدأ عدوانه بقتل القائد العسكري المقاوم منذ الساعة الأولى، لكن شاء الله له النجاة وأن يقود المعركة بجدارة وكفاءة مع اخوانه القياديين وكلّ المجهادين الذين شاركوا بمواجهة العدوان في ذلك الوقت"، منوّهاً إلى أنّ "العدو لجأ إلى قصف المدنيين ووصل القصف إلى بعلبك وارتُكبت مجاز كمجزة قانا ومجزة الاسعاف والنبطية الفوقا، لكن في نهاية المطاف أمام صمود المقاومة والتطور بمواجة العدون من خلال استهداف مستعمرات الصهيانة، أُجبر العدو على وقف العدوان ووصلنا الى تفاهم نيسان، وكان هذا انجاز كبير للمقاومة"، مركّزاً على أنّ "تفاهم نيسان كرس معادلة تحييد المدنيين، وأهم انجاز هو تحييد المدنيين مقابل تحييد المستوطنات، ممّا اعطى هامشا واسعا للعمليات العسكرية والتفاهم فتح مجالا للقوى والانتصار الكبير عام 2000".
وبيّن أنّ "هذه المقاومة كانت مشروع الإمام المغيب السيد موسى الصدر الّذي أسس له، وبعدها جاء ابناؤه وتطوّر هذا المشروع. عندما نعود الى التاريخ لنأخذ العبرة في الحاضر، ودائماً أتمنى على كلّ النخب والعلماء والمثقفين أن يحكوا لأولادهم عن تلك المرحلة مع صعوباتها وآلامها وتهجيرها؛ فهذا التذكير مهم"، لافتاً إلى أنّ "عام 1949 اعتدت العصابات الصهيونية على الجنوب والهجوم كان على البلدات اللبنانية سواء مسلمة أم مسيحية والعدوان على عدد من قرى الجنوب، وارتكب مجزرة في بلدة حولا. السكان في المنطقة لم يكن لهم امكانية دفاع والدولة غائبة"، مذكّراً أنّ "الإمام شرف الدين ارسل رسالة إلى بشارة الخوري آنذاك وتكلّم عن موضوع الأمن والحرمان".
وشدّد نصرالله على أنّ "الدولة لم تكن تعني لها الجنوب شيئاً. بعدها شرّفنا الإمام موسى الصدر الّذي واصل نفس الطريق وطرح حركة شعبية في كلّ المناطق"، مشيراً إلى أنّ "منذ قدوم الإمام الصدر وصولاً إلى عام 1975، كان دائماً هناك اعتداءات ومجازر إسرائيلية وتهجير للناس وكان الصدر يقول للدولة إنّه يريد الجيش للمدافعة عن الشعب. كان يطالب أنّ تسلّح الدولة الناس في القرى الأمامية وأن تقاتل فيها، وكان يقول انه جاهز ان يحمل السلاح وأن يقاتل دفاعاً عن الجنوب، لكن لا حياة لمن تنادي. غرفة آمنة لم يُبنى في الجنوب"، موضحاً أنّ "هذا تاريخ موثق ولكلّ من يناقش بمشروع المقاومة أقول لهم إنّ الجنوب وأهلها انتظروا الدولة منذ عام 1948 ولم تأت إليهم، وانتظروا الجيش ليدافع عن الجنوب"، منوّهاً إلى أنّ "عام 1975 اضطرّ الإمام الصدر إلى الذهاب إلى المقاومة المسلحة الّتي تعتمد على شبابها ولا تعتمد على الدولة لأنّ الدولة لا تريد أن تتحمّل المسؤولية. وأنا أتذكر في ذلك الوقت أن كلّ جيلنا التحق وذهبنا إلى معسكرات تدريب، وبالتسليح أصبح يجمع مالاً ليسلّح المقامومة لتقاتل العدوان".
وأفاد بأنّ "الشباب الّذين التحقوا بحركة أمل وصل عددهم إلى 80 شاباً، لكن كنا نريد السلاح، لم يكن هناك ذخيرة، ويتذكر الشباب أنهم عندما كان يتم طلب سلاح من الامام الصدر كان يقول انه ليس لديه سلاح؛ هذه كانت الامكانات في العام 1975. ثمّ انطلقت المقاومة وتطوّرت واصبح هناك انتصار عام 2000 والدولة غائبة"، لافتاً إلى أنّ "في العام 2006 المقاومة جاءت بالجيش الى الحدود، فالدولة لم تكن جاهزة لترسل الجيش الى الحدود. بعد حرب 2006 أصبح وصول الجيش الى الحدود مطلب دولي؛ المقاومة جاءت بالدولة الى الجنوب".
وأكّد نصرالله أنّه "كان دائما المشروع ان تأتي الدولة الى الجنوب لكنها أدارت ظهرها ولم تتحمل المسؤولية، ومن يجب أن يلام هو الدولة وليس من اشترى سلاحه ووزعه للدفاع عن أهله وأولاده. أمام المجتمع الدولي ظهرنا وكأننا مرتكبين جريمة ولا نعرف ماذا سيكتب التاريخ عنا"، مركّزاً على أنّ "جريمتنا كانت اننا حملنا السلاح دفاعاً عن اهلنا عندما تخلت الدولة عن أرضها وشعبها. لم يكن هانك خيار آخر بديل عن لجوء أهلنا الى المقاومة. هذه المقاومة كانت حلم الامام شرف الدين"، مشيراً إلى أنّ "اليوم أصبحت قوى حقيقية يحسب لها العدو الف حساب، وهو يعرف على ضوء التجربة ذلك، وأقول للامام شرف الدين لم تعد الذلة قدوة جبل عامل ولن يأت يوم تضرب فيه الذلة جبل عامل لأن البنادق والأيادي كلها تهتف ضد الذلة"، منوّهاً إلى "أنّني أقول للامام الصدر ان المقاومة التي اسستها والتي كنت تشتري من جيبها قطعة سلاح فردية، اصبحت تملك القدرة والرجال والخبرة والصواريخ التي تستطيع أن تضرب العدو".
وتوجّه إلى الحاضرين قائلاً "أيها الاخوة هذه الإنتصارات هي بفعل تضحياتكم انتم وضحيات ثباتكم في ارضكم وتحملكم للمآسي، وهي الضمانة ليفهم العالم كله أن هذه المقاومة أتت بمعظم التضحيات ولا يمكن التخلي عنها ولا يمكن ان يتخلّى شعبها عنها، ليعرف العالم كلّه هذا الشيء"، مشدّداً على أنّ "مقاومتنا ليست للبيع، ومسؤوليّتكم هي حمايتها وهذا ما ستفعلونه في 6 أيار عندما يأتي أهل الجنوب من كلّ القرى ومن كلّ الطوائف إلى صناديق الإقتراع ليقترعوا للأمل والوفاء، الأمل بالمستقبل والوفاء للشهداء والإمام الصادر ولكلّ من سبقونا. نحن ننتظركم في 6 أيار لأنّ تصويتكم هو رسالة للبنانيين ولكلّ العالم انّنا في صور والزهراني وكلّ الجنوب لن نترك المقاومة ولن نتخلّى عنها".
من جهة ثانية، ذكّر نصرالله أنّ "خلال العقود الماضية تحديدا عام 1992، أصبح هناك نوع من التسليم في البلد أن هناك قوى تهتم بملف الدفاع عن لبنان وهناك قوى بمقدّمها "تيار المستقبل" معنية بالملف الاقتصادي والمالي لتحصينه اقتصاديا وماليا. هذا لم يكن اتفاقاً لم نكن طرفاً فيه بل كان نوعا من التسالم"، لافتاً إلى أنّ "القوى الّتي ذهبت الى المقاومة تستطيع اليوم أن تقول انّ هذا انجازي، فاروني انجازكم. نحن حررنا ارضنا واستعدنا البقاع الغربي وكل الجنوب واستعدنا اسرانا وحمينا بلدنا وثبتنا معادلة ردع مع العدو"، مؤكّداً أنّ "12 سنة من الأمن والأمان والسلام والعيش مشترك، لم يمر في تاريخ جبل عامل الّذي اصبح اسمه جنوب لبنان، لم يمر بتاريخه مرحلة كهذه المرحلة من الامان والسلام والقوة. هذه انجازات المقاومة".
وتساءل "في الملف الاقتصادي، أين إنجازكم يا "تيار المستقبل"؟ اليوم لبنان على المستوى الاقتصادي هناك مشكلة عميقة جدّاً وعلى المستوى المالي علينا ديون، والقطاع الزراعي في اسوأ حال، وكذلك الصناعي. والمشاكل كثيرة في القضايا المعيشية والاقتصادية، والبنى التحتية وضعها صعب"، مبيّناً "أنّنا جاهزون للاعتراف بالانجازات إذا لمسناها. في الحدود الناس لم تعد خائفة وهذا إنجازنا"، مشيراً إلى أنّ "الجربة أثبتت أنّ الفريق الذّي تولّى الملف الاقتصادي لم ينجح بل فشل. إذاً ندعو الحكومة المقبلة أن تقارب الملف الاقتصادي والمالي بطريقة مختلفة وان يكون هناك رؤية اقتصادية واضحة؛ لذلك طالبنا بوزارة تخطيط. أمّا نقاش الاستراتيجية الدفاعية لم نهرب منها يوماً وسنناقشها بعد الانتخابات النيابية 2018، لكن أنتم لماذا ترفضون وضع خطة كاملة لإخراج لبنان من المأزق؟".
وركّز نصرالله على أنّ "الفساد يضرب مؤسسات الدولة من فوق ومن تحت. هناك ناس تهرب من المشاكل الحقيقة في البلد، ويكون الهدف الإنتاخبي مواجهة المشروع الفراسي والحفاظ على الهوية العربية لبيروت"، متسائلاً "أين تعيش أنت؟ لماذا سنهرب على شعارات؟ يجب أن نواجه الحقائق، وعندما نتكلّم عن دولة مع فساد فهذه الدولة لا تستمرّ"، مبيّناً أنّ "مواجهة الفساد لا تحتاج إلى خطة بل إلى عناوين واضحة. هناك أفكار لكن نريد قراراً والتوقّف عن الجشع ونهب المال العام"، داعياً القوى السياسية إلى أنّ "تأخذ قراراً حازماً بمحاربة الفساد، والوسائل واضحة لكنّها تحتاج إلى قرار ورجال؛ والشعب اللبناني لا يجوز أن يسكت".
ولفت إلى أنّ "بالنسية للموضوع الطائفي، فهناك مشكلة يواجهها اللبنانيون اليوم وتتكرّس وأصبحت خطرة، وأنا ادعو للنقاش بين القوى السياسية لإيجاد حلّ للموضوع. كلّ شيء في البلد يصبح محسوباً طائفياً، في الزمان كانت في الوظائف"، مفسّراً "أنّنا الآن أصبحنا بحالة أنّ المياه أصبحت طائفية، هذا النهر للشيعة وهذا للمسيحيين، المياه أصبحت طائفية"، مؤكّداً أنّ "بلوكات النفط هي الأمل الوحيد لسدّ ديون البلد وتحسين أوضاعه، إذا سيصبح هناك هذا البلوك مسيحي وهذا سُنّي وهذا شيعي"، منوّهاً إلى أنّه "يُقال إنّه حتّى بالنسبة للنفط تمّ غضّ النظر عنه في بعض المناطق لأسباب طائفية، فهل يبنى بلد هكذا؟ لا ترون مشكلة إلّا سلاح المقاومة".
ورأى نصرالله أنّ "الأسوأ هو مشكلة النفايات، فقبل سنة وسنتين عندما حصلت نقاشات وصلت اللغة إلى انّ هذه النفايات لهذه الطائفة ويجب ان تحلّ مشكلتها. لم يعد هناك رابط وطني، والمكبات ستتوزّع طائفياً والمياه والنفط أيضاً"، متسائلاً "هل يمكن معالجة اقتصاد بلد بهذه الطريقة؟ من يأخذ البلد الى هذه النقطة؟ هذا ليس مفروض علينا من الولايات المتحدة الأميركية أو دول عربية أو إسرائيل، بل تصنعه القيادات الّتي ليس لديها مشروع وطني وتريد فقط الزعامة على أساس مذهبي وطائفي"، لافتاً إلى أنّه "عندما نرى وزيراً يخدم أولاد طائفته فقط، فهل هذا وزير للبلد؟ بل هو يجاهر بذلك ويعبتره عاديّاً، هذا مشكل كبير نحن ذاهبون إليه"، مشدّداً على أنّ "مسار البلد غير صحيح ويؤدّي إلى كارثة. مثلاً الجامعة اللبنانية جامعة الفرقاء كما نقول عنها وكلّ القوى السياسية تتوافق على دعمها. الجامعة فيها الأساتذة وتوظيفهم يحتاج إلى معايير وغض النظر عنها يضرب مستوى الجامعة. يقدّمون حلّاً يقضي بأن نجلب أساتذة من طوائف معينة فقط لتحقيق التوانز الطائفي دون الأخذ بالاعتبار المعايير"، مركّ.اً على "أنّني أقول إنّ هذه المشكلة تحتاج إلى حل، هذا من هموم البلد الّتي لا يمكن أن ندير ظهرنا عليها، والقوى السياسية تستطيع أخذ قرار بمعالجة هذه المسائل لأنّ هكذا لن يكون هناك مؤسسات كفوءة".
ودعا إلى "مزيد من التواصل. ومن يرفعون خطابهم كثيراً يجب أن ينتبهوا أنّ هناك 7 أيار، وكلّ القوى السياسية عندها ستجد نفسها أمام واقع أنّ لبنان يحتاج إلى الجميع ولا يمكن شطب أحد، لذلك علينا جيمعاً ان نبقي مكاناً في الخطاب لنبقى سوياً"، موضحاً أنّ "في موضوع الترشيحات في كلّ لبنان، خضنا تجربة ونخوض تجربة مثالية وهي التفاهم بين "حركة أمل" و"حزب الله"، نتفاهم على القضايا الأساسية وبطبيعة الحال هناك بعض الأماكن الّتي سيكون فيها مرشّح من "حزب الله" ومرشح من "حركة أمل". مرشح الحزب في جبيل هو مرشح الحركة وفي كل المناطق كذلك"، متسائلاً "كيف إذا كان في قضاء الزهراني المرشح هو رئيس مجلس النواب نبيه بري؟ ماذا يكون التوصيف؟ هو يمثّلنا جميعاً على المستوى الوطني، يمثّلنا في الإستحقاقات الكبرى. اليوم نأتمنه على الحدود البرية والبحرية وفي هذه المعركة دون تردد".
وأشار نصرالله إلى أنّ "رئيس اللائحة في دائرة قضاء صور سيكون هو رئيس المجلس النيابي المقبل وليس هذا مشروع نقاش، بري هو ضمانة وطنية على مستوى الداخل وعلى المستوى الوطني، ولكنّنا نعلم دوره وقدرته على جمع المتخاصمين على طاولة الحوار. بري هو ضمانة للحوار والوحدة الوطنية والتواصل وهو أثبت دائماً أنّه يملك القدرة على لمّ المصلحة الوطنية بالطريقة السليمة"، متوجّهاً إلى المستمعين قائلاً "أنتم أهل الوفاء وستثبتون الوفاء في 6 أيار. لا تقولوا إنّ المعركة محسومة، فاللاحئة تحتاج إلى أصواتكم وحضوركم لتبعث رسالة الطمأنينة والعيش الواحد على طريق المقاومة وعلى الموقف مع الشعب الفلسطيني، ورسالة للعدو انّنا قادون على مواجهة تهديداتك ولن نقبل ان تمسّ بكرامتنا، ونحن سنبقى أهل الارض والمقاومة لأنّنا أهل الوفاء".