بدأ وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة برنامج مشاركته في مؤتمر بروكسل الثاني بحضور إفتتاح جلسات العمل، وعقد اجتماعات ثنائية بدأها مع المدير الإقليمي لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا غيرث كاباليري، وتناول البحث التحديات والإحتياجات التي يطالب لبنان بتأمينها من أجل تأمين الدعم المستمر لبرنامج وزارة التربية في تأمين التعليم للجميع من لبنانيين ونازحين.
ثم اجتمع حمادة مع وزير الدولة البريطاني لشؤون التنمية الدولية أليستر بيرت، والموفد البريطاني الخاص إلى الشرق الأوسط مارتن لونغدن ونائب مدير وزارة الدولة البريطانية للتنمية بن ميللور، وتم البحث في استمرار الدعم البريطاني والمساعدة على إيجاد مانحين جدد للاسهام في الجهود الدولية لتأمين تعليم النازحين واللبنانيين.
واجتمع كذلك مع المديرة التنفيذية للاتحاد العالمي للعمل من أجل التربية سارة براون، وبحث معها في التحديات التي يواجهها لبنان في ظل استمرار الأزمة السورية وتزايد النازحين وارتفاع عدد المتعلمين، والحاجة الملحة لتوفير التمويل لاستقبالهم وتقديم التعليم الجيد لهم.
كما عقد لقاء مع المفوض الأوروبي لسياسة الجوار وتوسيع إطار المفاوضات يوهانس هاين، بحضور سفيرة الإتحاد الأوروبي لدى لبنان كريستينا لاسن، وتناول البحث تعاظم تأثير الأزمة السورية على لبنان والحاجة إلى التزامات اكبر من جانب الجهات المانحة.
كما اجتمع مع نائبة وزير الدولة النروجي للشؤون الخارجية ماريان هاجن، وكان عرض لتعزيز قدرة لبنان على الإستمرار في تقديم رسالته التربوية إلى جميع الأولاد على أرضه.
وفي جلسة العمل الأولى للمؤتمر، قدم حمادة مداخلته في حلقة تحت عنوان "إطلاق مبادرة أبطال السياسة من أجل التعليم في الصراعات والأزمات". وقال فيها: "إن التحدي الملح الذي تواجهه الحكومة اللبنانية هو في تأمين التعليم الجيد لكل طفل طاوله الصراع والأزمة في سوريا، خصوصا وأن عدد المتعلمين وصل إلى نحو 630،000 طفل وولد نازح نتيجة للأزمة السورية".
ولفت الى "أننا نشهد كل يوم تأثير الصراع في سوريا على المجتمع اللبناني وعلى استقراره، وقد تكونت لدينا دروس يستفيد منها المجتمع التربوي العالمي، لا سيما وأننا في لبنان نواجه تحديات من خلال قيام وزارة التربية بتوفير التعليم النظامي وغير النظامي، في ظل استمرار تدفق النازحين إلى لبنان، خصوصا وأن أعداد الأطفال النازحين الذين ولدوا في لبنان يتضاعف وأصبحت حمايتهم أمرا ملحا أيضا. كنا نتحدث سابقا في مؤتمر بروكسل الأول عن أطفال وفدوا إلى لبنان من مناطق في سوريا مثل الرقة والقامشلي وحمص وحماه وحلب ودمشق، لكننا اليوم نتحدث إليكم عن جيل جديد من الأطفال السوريين الذين ولدوا في لبنان والذين يفوق عددهم 135،000 وأصبح نحو ثلثهم في عمر الدخول إلى مدارس الروضة أو التعليم الأساسي، وإن هؤلاء سوف يحظون بفرصة التعليم بلغات متعددة مثل العربية والفرنسية والإنكليزية، وسوف يتعودون من خلال التعليم على حرية التعبير داخل الصفوف".
وتابع: "اعتمدنا نظام الدمج المدرسي لكي لا يتسرب أي طفل إلى خارج التعليم بل أن تتم الإفادة من طاقاته لبناء مستقبله. كما بدأنا نظام الدمج لذوي الإحتياجات الخاصة والصعوبات التعلمية، من خلال اختلاط الأولاد من كل الطبقات الإجتماعية والعائلات الروحية، لكي يحمل الجميع رسالة التسامح والعيش معا ليس فقط إلى الشرق الأوسط بل إلى العالم أجمع".
وأردف: "الوقائع والأرقام تتحدث عن نفسها، 631،209 طفل غير لبناني يحتاجون إلى التعليم الجيد، أي بالنسبة إلى مليون متعلم لبناني هناك واحد من إثنين من المتعلمين من النازحين. كما أن المدارس الرسمية اللبنانية تحتضن 220،842 تلميذ غير لبناني، و53 % من الأولاد المعوقين السوريين تتراوح أعمارهم بين 6 و14 سنة، نتيجة الحرب في سوريا".
وقال حماده: "اننا في السنة الثامنة للأزمة السورية، وفي ظل الآلام وعدم الإستقرار في المنطقة لم يعد هدفنا فقط العمل لكي لا يضيع جيل خارج التعليم، بل طموحنا بات إعداد جيل جديد متعلم ومختلف ليكون من بينهم القادة الجدد الذين نأمل أن يؤمنوا الحل للوصول إلى سوريا آمنة في المستقبل. وأنا كأحد أبطال المبادرات السياسية، أدعو المجتمع الدولي الى دعم واحتضان التعليم في الأزمات والإستثمار في الحالة اللبنانية على المدى الطويل تلبية لأهداف الأمم المتحدة 2030. لقد نجحنا في توفير التعليم لمئات الألوف من غير اللبنانيين في ظل أزمة مستمرة، ولكننا أيضا عملنا من أجل تحقيق أهداف 2030 لتحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال نوعية التعليم".
في الجلسة الثانية، أطلع حمادة الحضور على أجواء الحرب السورية خصوصا في المدن والمناطق المحاذية للحدود اللبنانية. ولفت إلى "تأثيرات الأزمة على لبنان ما يؤدي إلى حال من عدم الإستقرار، وإلى الحاجات الكبيرة في كل مجال، خصوصا مع توافد موجات جديدة من النازحين غير المسجلين، والتسبب بمخاطر أمنية وبتغيير ديموغرافي عميق، مما يؤثر بعمق على استقرار لبنان وعلى تركيبته الإجتماعية المعقدة"، مشيرا إلى أن "النازحين يتطلعون إلى توافر مناخ من السلام لعودتهم أو أنهم يتطلعون إلى آفاق جديدة خارج منطقة الشرق الأوسط"، مشددا على أن "أجواء الصراع والحرب راسخة في نفوس النازحين وأولادهم".
وشكر حمادة "الدول التي وقفت إلى جانب لبنان في هذه الأوقات، والذين أسهموا في الجهود المشتركة بانتظار توفير الحل المناسب في سوريا، وتأمين مناخ أكثر استقرارا في الشرق الأوسط". وكرر موضوع الأعداد من النازحين الذين أصبحوا في عمر دخول مرحلة الروضة، موضحا أن "وزارة التربية تواجه هذا التحدي بتوسيع مجال استقبال الأولاد في المدارس الرسمية، وتعمل لتأمين تعليم جيد ودمج الجميع في منظومة التعليم"، مؤكدا أن "لبنان ممتن لجميع الشركاء الذين أسهموا في دعم برنامج وزارة التربية RACE لتأمين جودة التعليم للجميع".
وشدد على أن "التعليم يستدعي توفير التمويل لآجال طويلة من أجل المستلزمات وتأمين المعلمين"، داعيا "جميع المانحين إلى تأمين دعم والتزام مالي لثلاث سنوات مما يجعل لبنان قادرا على التخطيط للتعليم لثلاث سنوات حتى 2021، وذلك يتطلب نحو 634 مليون دولار سنويا، أي في حدود 1،09 مليار دولار لثلاث سنوات، وهي الفترة التي يتطلبها تعليم طفل في مرحلة الروضة ليتعرف على أصول القراءة والكتابة والحساب، يعني محو الأمية الرقمية والحروفية".
وقال حماده: "لم نحصل حتى الآن على التزامات مالية من جانب المانحين تمكننا من التخطيط للعام الدراسي المقبل الذي يبدأ في أيلول. وهناك فجوة مالية تبلغ نحو 150 مليون دولار من أصل 364 مليون دولار يحتاجها لبنان من أجل تمكينه من الإستجابة للأزمة السورية".
وأوضح أن "لبنان يتحمل فجوة مالية تنتقل من سنة إلى أخرى، وقد بلغ حجمها التراكمي نحو 14 مليون دولار، وهو المبلغ المخصص فقط للدفع الملح لاستقبال النازحين"، مبديا "فخر لبنان واعتزازه بتأمين تعليم 220،842 تلميذا نازحا في العام الدراسي المنصرم". وقال: "بدأنا بتطوير المناهج وتحسين أداء المعلمين، والتقدم في مشروع الدمج التربوي. لبنان استقبل التلامذة الأكثر حاجة وأدخلهم إلى برنامج التعليم غير النظامي، ريثما ينتقلون إلى التعليم النظامي، كما باشر استقبال التلامذة الذين يعانون صعوبات واحتياجات خاصة، وشكل لجنة وزارية لوضع سياسة لحماية الأولاد".
ودعا "المجتمع الدولي إلى الوفاء بالتزاماته المالية، لكي يتمكن من الحفاظ على المنشآت العامة التربوية وغيرها، وتأهيلها لتستقبل التلامذة اللبنانيين والنازحين البالغ عددهم نحو مليون، ولكي يتمكن لبنان من تحقيق الإستقرار وتنمية قطاعاته، مما يعني تغطية حاجات تبلغ نحو 364 مليون دولار لمشروع RACE 2 وتأمين تطبيق خططه 2021 - 2018"، آملاً أن" تتوافر الإعتمادات في أيلول 2018 وأن يؤكد المانحون التزاماتهم للسنوات المقبلة".