حرّكت الإنتخابات النيابية، المقررة في السادس من أيار المقبل، العديد من القطاعات الإقتصادية، لا سيما تلك التي تتولى شؤون الدعاية والإعلان الإنتخابيين، خصوصاً في ظل الإنفاق الهائل من قبل عدد لا يستاهن به من المرشحين.
هذا الواقع، يعود بالدرجة الأولى إلى تركيز المرشحين على التوجه إلى الناخبين بأفضل صورة ممكنة، ما دفعهم إلى التنافس على حجز اللوحات الإعلانية المنتشرة على معظم الطرقات اللبنانية، بالإضافة إلى سعيهم إلى الظهور الإعلامي المُكثف، الذي بات خاضعاً لمعايير ما يُعرف بـ"الإعلان الإنتخابي"، بحسب ما ينص قانون الإنتخاب الجديد، رغم أن الأرقام التي يجري الحديث عنها، خصوصاً في المرئي والمسموع، خياليّة بالغرم من اّنها لا تؤدّي الى النتيجة المرجوّة.
في هذا السياق، يؤكد مؤسس ومدير شركة "فينومينا" للإعلانات سامي صعب، في حديث لـ"النشرة"، أن هذا الواقع يتكرر في كل موسم إنتخابي، سواء كان نيابياً أو بلدياً وإختيارياً، مشيراً إلى أن قطاع شركات الإعلانات يستفيد من هذه المرحلة، التي يشبهها بـ"موسم الأعياد"، الذي تستفيد منه الكثير من المؤسسات التجارية.
ويوضح صعب أن شركات الإعلانات هي بمثابة "الوسيط"، الذي يحرك قطاعات أخرى، مثل المصوّرين وشركات الإنتاج والمطابع وأصحاب اللوحات، لكنه يشير إلى أن هناك "إجحافاً" بحق هذا القطاع، من خلال القول أن أصحاب الشركات "قبروا الفقر"، لا سيما أن مدّة الموسم الإنتخابي قصيرة، وبعد انتهائها تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه في السابق أو إلى حجمها الأصلي.
على صعيد متصل، يُعتبر قطاع الطباعة تاريخياً من أكثر المستفيدين من المواسم الإنتخابية، نظراً إلى أن المرشحين يعمدون إلى طبع أعداد كبيرة من صورهم لنشرها في كل مكان، وليس هناك من مرشح لا يقدم على مثل هذه الخطوة، كونها وسيلة لتعريف الناخبين عليه.
حول هذا الموضوع، يؤكد أحد المسؤولين في مطابع "القبس" شربل أبو عبدالله، في حديث لـ"النشرة"، إرتفاع الطلب على مختلف أعمال الطباعة في الموسم الإنتخابي، لكنه يشير إلى أن هذا الأمر أدى إلى إنخفاض في الأسعار، على عكس ما يجب أن يكون عليه الوضع، حيث عمدت بعض المؤسسات، بالإتفاق مع بعض المرشحين، إلى تخفيض الأسعار التي يُصرح عنها رسمياً إلى هيئة الإشراف، كون هذا الإنفاق يُحتسب من ضمن المبالغ المحددة للمرشحين، ما دفع بآخرين إلى طلب الأسعار نفسها.
ومن الأمور اللافتة في العمل، يشير أبو عبدالله إلى حرص المرشحين على إختيار الصور التي يريدون طبعها بعناية فائقة، بالإضافة إلى العبارات التي يستخدمونها كشعارات إنتخابية، لكن يبرز أيضاً الأشخاص (الناخبين) الذين يعمدون إلى طبع صور لمرشحين على نفقاتهم الخاصة، حيث يحرصون على إبراز عبارة "تقدمة..."، ويضيف: "هي تكون نوعًا من تبييض الوجه مع المرشح".
بالنسبة إلى اللوحات الإعلانية على الطرقات، التي تنتشر عليها صور المرشحين من مختلف الإتجاهات، يوضح رئيس مجموعة "بلاس ميديا" جورج شهوان، في حديث لـ"النشرة"، أن الموسم الإنتخابي حرّك هذا القطاع بشكل كبير، لا سيما في ظل إعتماد قانون الإنتخاب على الصوت التفضيلي، الذي دفع بالمرشحين إلى محاولة تذكير الناخبين بهم عبر تعليق صورهم، لا سيما أن الإعلان الخاص باللائحة لا يكفي، نظراً إلى أن المنافسة ليست بين اللوائح فقط، بل أيضاً بين المرشحين ضمن اللائحة نفسها.
ويؤكد شهوان وجود إقبال كبير من قبل المرشحين على اللوحات الإعلانية، الأمر الذي أدى إلى إرتفاع الأسعار ما بين 50 إلى 100%، ويشير إلى أن أغلب اللوحات الإعلانية في لبنان اليوم "مشغولة"، حيث تصل نسبة الإشغال إلى 100%.
من ناحية أخرى، كان الموسم الإنتخابي يُحرك قطاع مكاتب شركات السياحة والسفر في الدورات السابقة على نحو كبير، حيث كانت أغلب التيارات والقوى السياسية تسعى إلى جلب الناخبين المتواجدين في بلدان الإغتراب، إلا أن الواقع في هذه الدورة مختلف، حيث تؤكد مصادر مطلعة من هذا القطاع، عبر "النشرة"، أن الحركة في الموسم الإنتخابي أقل من السابق، نظراً إلى أن قانون الإنتخاب سمح للمغتربين بالإقتراع في أماكن تواجدهم (بلغ عدد المسجلين للإقتراع في الخارج 82900 ناخب)، لكنها تؤكد أن بعض المرشحين يعملون على تأمين نقل، من يرغب بالإقتراع لكنه لم يسجل اسمه، إلى لبنان.