لم تدم فرحة الاعلان عن ترشح 111 امرأة للانتخابات النيابية في لبنان طويلا. فبالرغم من كون عدد المرشحات هذا والذي انخفض ليشمل 84 مع اقفال باب تشكيل اللوائح، غير مسبوق في تاريخ لبنان، الا ان التجربة في الشهرين الماضيين أثبتت أن معظم هؤلاء متروكات لقدرهن ولخوض معركتهن بـ"اللحم الحي".
وان استثنينا النواب بهية الحريري وستريدا جعجع وعناية عز الدين المدعومات حزبيا واللواتي شملت اللوائح التي تم توزيعها مؤخرا أسماءهن كحزبيين من الواجب اعطاءهن الأصوات التفضيلية، فان المرشحات الـ81 المتبقيات يصارعن وحيدات حتى زملاءهم الذكور على اللائحة الواحدة.
ويشكل عدد المرشحات حوالي 14.8% من عدد المرشحين للاستحقاق النيابي 2018، بعدما انحصر عددهن للانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في العام 2009 بـ12. لكن المفارقة ان 4 فزن في الدورة الأخيرة والأرجحية أن يفوز نفس العدد في هذه الدورة ان لم يكن أقل! وتتحمل الأحزاب الكبيرة مسؤولية أساسية في هذا المجال بحيث ورغم كل الوعود التي أطلقت باعتماد "كوتا حزبية داخلية" لضمان ترشيح أكبر عدد ممكن من النساء، اقتصرت ترشيحات تيار "المستقبل" على 3، "القوات اللبنانية" على 4، علما ان واحدة فقط منهن حزبية وبالتالي ستحصل على أصوات الحزب التفضيلية، اضافة لترشيحين لكل من "التيار الوطني الحر" و"الكتائب اللبنانية"، فيما اقتصرت ترشيحات "أمل" على امرأة واحدة. ولم يتكبد الحزب "التقدمي الاشتراكي" وحزب الله عناء ترشيح أي امرأة، باعتبار أن عضو المجلس السياسي في "حزب الله" ريما فخري، أعلنت صراحة خلال مشاركتها في مؤتمر عقد في بيروت تحت عنوان "تعزيز دور الأحزاب السياسية في تشجيع تمثيل النساء في انتخابات 2018 النيابية" ان حزبها يتحفظ على مشاركة المرأة في الانتخابات "لأن ذلك سيكون على حساب عائلتها".
ووفق آخر المعطيات الواردة من أكثر من مصدر معني بالعملية الانتخابية، فان المرشحات الاساسيات اللواتي ينافسن حقيقة على مقعد نيابي الى جانب جعجع وعز الدين والحريري، هن: ميريام سكاف التي تخوض الانتخابات عن المقعد الكاثوليكي في زحلة، وهي تبذل جهودا حثيثة لتأمين الحاصل الانتخابي للائحتها بعدما فضلت خوض المعركة الانتخابية وحيدة نتيجة فشل المفاوضات مع الأحزاب المختلفة باعطاء مقعدين نيابيين لـ"الكتلة الشعبية".
كذلك تخوض بولا يعقوبيان المرشحة على لائحة "كلنا وطني" عن مقعد الأرثوذكس في بيروت الأولى معركة شرسة لحصد أحد المقاعد النيابية مع ترجيح خبراء انتخابيين امكانية خرق لائحة المجتمع المدني بمقعد وبأفضل الأحوال بـ2.
واضافة لسكاف ويعقوبيان، ارتفعت حظوظ المرشحة عن المقعد الأرثوذكسي في المتن جسيكا عازار، التي تخوض المعركة على لائحة "المتن قلب لبنان" المدعومة من "القوات اللبنانية" كمستقلة، مع ترجيح الخبراء الانتخابيين فوز اللائحة بمقعد واحد وبأفضل الأحوال بـ2.
أما باقي المرشحات، فيرفضن الاستسلام أو الانسحاب، ويعتقد القسم الأكبر منهن ان لا امكانية للحسم بفوز أو فشل قبل السادس من أيار، ويعولن على "وعي المجتمع اللبناني ورغبته بالتغيير واعطاء فرصة للوجوه النسائية بعد تجارب ذكورية فاشلة".
وكما أعضاء اللائحة النسائية في عكار اللواتي يكثفن نشاطهن سعيا أقله لتحقيق خرق واحد، علما انهن وبتشكيل لائحة كل أعضائها من النساء في دائرة كعكار أشبه بخرق وانجاز بحد ذاته، كذلك تعول المرشحة عن المقعد السني في دائرة بعلبك–الهرمل على لائحة "الأرز الوطني" الدكتورة وعد سكرية على تمكنها من تولي احد المقاعد السنية في المنطقة، فتبتعد عن الادلاء بمواقف سياسية وتركز اهتمامها على برنامج انتخابي تسيطر عليه الهموم الانمائية والمعيشية. وفي البقاع الغربي أيضا، تتمسك المرشحة عن المقعد الماروني في دائرة البقاع الغربي-راشيا ماغي عون ولو بأمل صغير بنجاحها ونجاح لائحة المجتمع المدني التي تخوض المعركة الانتخابية على متنها بخرق لوائح الأحزاب الكبيرة بعد تكتل مرشحيهم في لائحتين أساسيتين.
واذا كانت كل هؤلاء المرشحات تركن لمصيرهن في ظل تلكؤ حزبي غير مفهوم خاصة من قبل أحزاب تدعي السعي لنقل المجتمع اللبناني من مرحلة لأخرى، وتغليب الوجه المدني والحضاري للبنان، فالأجدى بقيادات هذه الأحزاب الانصراف منذ اليوم لاختيار عدد من النساء لتوزيرهن للتعويض عن خطاياها النيابية!.