أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أن الانتخابات النيابية في الدول العربية الستّ التي جرت يوم الجمعة شكّلت إنجازاً حقيقياً للعهد وللدولة اللبنانية ولوزير الخارجية جبران باسيل بشهادة كلّ من واكبوا عملية الاقتراع في الخارج، لافتاً إلى أنّها المرة الأولى التي تجري فيها الانتخابات في الخارج بعد سنوات طويلة كانت تطرح فيها الفكرة من دون أن تطبَّق.
وفي حديث إلى تلفزيون "المنار" ضمن برنامج "حديث الساعة" أداره الإعلامي عماد مرمل، وجمعه مع الأمين العام لحزب الكتائب رفيق غانم، اتهم أبو فاضل كلّ الأحزاب المسيحية التي تخوضها معاركها الانتخابية في مواجهة العهد والتيار الوطني الحر تقبض الأموال من المملكة العربية السعودية، معتبراً أنّ المطلوب تطويق العهد وهذه الأحزاب تشارك في ذلك، مذكّراً بزيارة كل من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل قبيل استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من العاصمة السعودية الرياض.
شخصية لن تتكرر
ورفض أبو فاضل حديث رئيس حزب الكتائب سامي الجميل عن الأحرار ودعوته مناصريه إلى انتخاب الأحرار، متسائلاً عمّا إذا كان يعتبر نفسه حراً وغيره عملاء مثلاً، مشدّداً على أنّ مثل هذا الكلام لا يليق به، خصوصاً بحق خصوم كرئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر المشهود لهما بالنضال في سبيل الحرية. وفيما أكد أنه لا ينتقد أحداً على المستوى الشخصي، إنما من الناحية السياسي، شدّد على أنّ أداء الكتائب إذا استمرّ على ما هو عليه قد يحوّل شعار "نبض التغيير" الذي يرفعه اليوم في حملته الانتخابية إلى "نضب التغيير".
وشدّد أبو فاضل، رداً على سؤال، على أنّ الرئيس ميشال عون شخصية لن تتكرّر، وقال إننا لا نزال نتحمّل "هريان" عهد الرئيس الأسبق أمين الجميل حتى اليوم. وأوضح أنّ توجّه حزب الكتائب اختلف كثيراً، مذكّراً بأنّ هذا الحزب كان في السلطة، وهو كان ممثلاً بثلاثة وزراء في حكومة الرئيس تمام سلام.
لو لم يكن باسيل موجوداً
ورأى أبو فاضل أنّ "بعض الأحزاب لن تجد ما تفعله وما تقوله إذا لم يكن الوزير جبران باسيل موجوداً في السياسة"، مؤكداً أن الوزير باسيل بدأ يأخذ مكانته على المستوى السياسي، وأشار إلى أن تطويق العهد يتمّ من خلال هؤلاء، ملمّحاً إلى أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري يمنح هذه الأحزاب غطاءً على هذا الصعيد.
ورداً على سؤال، انتقد أبو فاضل الازدواجية التي يتعامل بها حزب الكتائب، الذي يغيّر توجّهات، فيكون تارة مع الرئيس الحريري وطوراً ضدّه، وتارة مع الدكتور سمير جعجع وطوراً ضدّه وغيره، متسائلاً عن المبدئية في تحالفات الكتائب في الانتخابات النيابية، خصوصاً بعد تحالفه في بعض الدوائر مع حزب القوات اللبنانية، خلافاً لما كان أعلنه سابقاً عن رفضه التعاون مع أيّ من أحزاب وقوى السلطة.
الكتائب تخلى عن مبادئه
ورأى أبو فاضل أن الحضارة العربية موجودة في بلاد الشام فقط، وتحديداً في لبنان وسوريا والأردن وقسم من العراق، واستغرب أن يكون حزب الكتائب وحزب القوات ضد العهد وضد الرئيس ميشال عون وهو الرئيس المسيحي الوحيد في الدول العربية وهو يرفع شعار عودة النازحين السوريين إلى سوريا وهو يرفع شعار عدم توطين الفلسطينيين في لبنان، فيما لا أحد يتكلم بعودة النازحين السوريين إلى سوريا.
واعتبر أبو فاضل أن حزب الكتائب تخلى عن مبادئه في الكثير من الأمور، مشدّداً على أنّ العهد انطلق وأنّ هناك ميثاقية ذهبية تقوم على الجيش والشعب والمقاومة وهي ستتمّ، ورفض ما يقوم به البعض من مفاوضات تحت الطاولة والمزايدة في العلن على الرئيس ميشال عون، وقال إن حزب الكتائب في السابق كان أكبر من حزب الله لكن حجمه اليوم بات صغيراً جداً، معرباً عن اعتقاده بأنّ المطلوب اليوم بأن لا يتقلص حجم كتلته النيابية بشكل كبير.
انتحار سياسي
وشدّد أبو فاضل على أن مصلحة حزب الكتائب أن يكون مع العهد ومع الرئيس ميشال عون، وليس أن يعارض ليعارض كما يفعل اليوم، معتبراً هذا الأمر "انتحاراً سياسياً"، وانتقد الضجة التي افتعلها النائب سامي الجميل على خلفية منح رئيس اتحاد بلديات جبيل كسروان جوان حبيش لمفتاح جبيل إلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وذهابه إلى بكركي ورفعه الصوت وكأن الخراب وقع، مشيراً رداً على سؤال إلى أنه يعطي مفتاح منزله إلى كل من الرئيس ميشال عون والسيد حسن نصرالله.
وجدّد أبو فاضل انتقاد اتفاق الطائف، محمّلاً مسؤولية القوى المسيحية التي شاركت في إبرامه بخراب البلد، مشيراً إلى أنّ هذا الاتفاق ذبح المسيحيين من خلال نزعه صلاحيات رئيس الجمهورية، وأشار إلى أن حزب الكتائب يقاهر ويعذب العهد اليوم بشكل لم يسبق لم مثيل، معتبراً أن انتماء حزب الكتائب خارج لبنان والأوامر تأتيه من خارج لبنان، ونبّه إلى أنه إذا لم يحصد كتلة من خمس نواب في المجلس النيابي المقبل، قد لا يحصل على فرصة توزيره في الحكومة.
من ترك المر وحيداً؟
وانتقد أبو فاضل حزب الكتائب الذي ترك النائب ميشال المر في الانتخابات النيابية المقبلة بعد التحالف المشترك بينهما في الاستحقاقات السابقة، لافتة إلى وجود قاعدة مشتركة بين الجانبين، إلا أن النائب سامي الجميل فتت هذه القاعدة، مستغرباً تصويب الوزير الياس المر هجومه على التيار الوطني الحر في هذا السياق، في حين أنّ الجميل وكذلك رئيس حزب القوات اللبنانية يتحمّلان مسؤولية في ترك النائب المر وحيداً وليس فقط التيار الوطني الحر.
ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنّ التيار الوطني الحر سيحصد الحصة الأكبر من نواب المتن، مشيراً إلى أنّ خمسة أو ستة نواب من لائحته سيفوزون، مشدّداً على أن التيار وحيداً من دون حلفائه لديه ثلاثة حواصل انتخابية، ولفت في المقابل إلى أنّ وضع النائب سامي الجميل مريح كذلك، وأنّ الجميل يفوز، وربما يفوز شخص آخر معه في حال ساعده الكسر في ذلك.
وجدّد أبو فاضل انتقاد القانون الانتخابي الذي قال إنه لا يشبهنا، نظراً للمعركة التي استحدثها داخل اللائحة الواحدة، وأشار رداً على سؤال حول رفض الوزير جبران باسيل إجراء مناظرة مع النائب سامي الجميل أن لا نار من دون دخان، وأوضح أن النائب سامي الجميل هو الذي افتعل معركة من لا شيء ضد الوزير باسيل والنائب إبراهيم كنعان، وهو الذي يتحمّل مسؤولية استفزاز الطرف الآخر على هذا الصعيد.
أين الإنجاتز؟
ورداً على سؤال، نفى أبو فاضل أن تكون المادة 49 من الموازنة التي أثارت الجدل تمنح التوطين أو الجنسية لأحد كما يوحي البعض، مشدّداً على أنّ هذه المادة تعتمد في جميع الدول، والإقامة التي تعطيها لمن يتملكون هي موقتة مرتبطة بمدة الملكية وليست دائمة، وهي لا علاقة لها بالتوطين أو بالجنسية.
ورفض أبو فاضل في هذا السياق محاولة حزب الكتائب تصوير نفسه وكأنه حقق إنجازاً بالطعن بالقانون، مشيراً إلى أن الرئيس ميشال عون كان أول من طرح إعادة النظر بها، لافتاً إلى أن المجلس الدستوري لم يبطل هذه المادة، وإنما علق العمل بها ريثما يتخذ قراره، مذكّراً بأنّ المجلس الدستوري معيّن منذ أيام الرئيس السابق ميشال سليمان، ومع ذلك فإنّ التيار الوطني الحر يحترم قراره ويلتزم به.
التيار سيربح الانتخابات
ولفت أبو فاضل إلى أن التيار الوطني الحر مُنِع من أن يكون في تحالف مع تيار المستقبل في مناطق الأكثرية السنية بضغط أجنبي عربي خليجي، ملاحظاً أنّ التحالف بين الجانبين حصل في العديد من المناطق ولكن ليس في المناطق حيث توجد أكثرية سنية، والأمر نفسه حصل مع حزب الله وحركة أمل، حيث اصطدم التحالف ببعض العوائق، ما اضطر التيار للذهاب إلى التحالف مع قوى أخرى على غرار الجماعة الإسلامية وغيرها، وقال إنه يتمنى أن يحصد الشيخ حسين زعيتر الحاصل الانتخابي في جبيل.
وشدّد أبو فاضل على أنّ من كتب اتفاق الطائف ونزع صلاحيات المسيحيين هم الكتائب والقوات والبطريرك السابق نصرالله صفير، مشيراً إلى أن هؤلاء لا يحق لهم الكلام اليوم لأن العهد لا يزال ينقع اليوم من ورائهم، وتمنى على حزب الكتائب القيام بمراجعة ذاتية، معرباً عن اعتقاده بأنّ التيار سيربح في الانتخابات، وقال إن جميع الأطراف يبحثون عن حاصل، في حين أن التيار ينطلق من عدة حواصل.