أعلن المجمع الأنطاكي المقدس، أنّ "المجمع الأنطاكي المقدس برئاسة البطريرك يوحنا العاشر يازجي، انعقد في دورته العادية التاسعة ودورته الإستثنائية العاشرة من السادس والعشرين وحتّى الثلاثين من نيسان 2018 في البلمند"، موضحاً أنّ "بعد الصلاة واستدعاء الروح القدس في غمرة موسم الفصح العظيم المقدس، افتتحت أعمال المجمع واستمطر الآباء رحمات الله على نفس المثلث الرحمة متروبوليت اللاذقية وتوابعها المطران يوحنا منصور، سائلين الرب أن يرتب نفسه في مظال القديسين".
ولفت في بيان إلى أنّ "الآباء قبلوا رسميّاً الإستقالة المقدّمة من متروبوليت جبل لبنان المطران جورج خضر الّذي حضر الجلسة الإفتتاحية للمجمع، مقدّرين أتعابه الجمّة في خدمة الكنيسة لأكثر من نصف قرن"، مشيراً إلى أنّ "الآباء انتخبوا الأسقف أثناسيوس فهد متروبوليتا لأبرشية اللاذقية وتوابعها وقرّروا استثنائيّاً وتدبيريّاً نقل المطران سلوان (الأرجنتين) ليصبح متروبوليتاً على أبرشية جبيل والبترون وما يليهما".
وبيّن المجمع أنّ "الآباء تدارسوا عدداً من القضايا الكنسية الّتي تلامس حياة المؤمنين اليومية واستمعوا إلى تقارير قدّمها المطارنة باسيليوس (أستراليا) وإغناطيوس (المكسيك) وذلك بعد استلامهما مهامهما الرعائية، وإلى تقرير قدّمه المطران غطاس (بغداد والكويت) عن واقع وهواجس العمل الرعائي في الأبرشية. وناقش الآباء سبل تفعيل عمل مجالس الرعايا للنهوض بواقعها وتحفيز العمل الرعائي ومسألة معيشة الكاهن وقضية الأديار وتنظيم الحياة الرهبانية في ظلّ قراءة شاملة لواقع وحاجة الأبرشيات"، منوّهاً إلى أنّهم "ناقشوا أيضاً فكرة تبني خطة مشتركة للإغاثة ومسألة إدارة الأوقاف والأطر التنظيمية لتنمية الطاقات والموارد الاقتصادية بالشكل الأمثل، وأحالوها إلى اللجان لمزيد من التمحيص والتشاور لتكون على جدول أعمال الدورة المجمعية القادمة".
وركّز على أنّ "آباء المجمع توقّفوا عند التطورات الّتي يشهدها العالم الأرثوذكسي، حيث يتمّ تأجيج الخلافات والصراعات القومية والعرقية ويجري السعي لتغيير الحدود القانونية للبطريركيات والكنائس المستقلة، الأمر الّذي اختبرته الكنيسة الأنطاكية وما زالت تعاني منه بسبب تعدي البطريركية الأورشليمية على حدودها القانونية وإنشاء ما يُسمى أبرشية لها في قطر"، مؤكّداً أنّ "الآباء يواكبون بصلواتهم وأدعيتهم التحضير للانتخابات النيابية 2018، ويدعون أبناءهم إلى عدم التخاذل في ممارسة واجبهم الإنتخابي، ويحثّونهم على تحكيم ضميرهم، وانتخاب ممثّيلهم في الندوة البرلمانية أشخاصاً يتمتّعون بالإستقلالية والنزاهة والكفاءة، يحبّون لبنان ويخلصون لقضاياه ويعلون المصلحة الوطنية على مصالحهم الشخصية ويكونون قادرين على خدمة هذا الوطن وصيانة استقلاله والمحافظة على القيم الوطنية وعلى فرادة هذا البلد ورسالته".
وأوضح أنّ "الآباء يصلّون لكي تكون هذه الإنتخابات منعطفاً يقود إلى تدعيم الإستقرار في البلاد وانتظام عمل المؤسسات فيها وإلى فتح ورشة إصلاحية لتمكين المواطنين وترقيتهم اجتماعيّاً واقتصاديّاً. كما يصلّون من أجل أن يعمّ السلام في جميع أنحاء سوريا، ومن أجل أن يتمكّن هذا البلد بهمّة جميع أبنائه المخلصين من النهوض من الدمار الّذي سبّبته الحرب الظالمة والأعمال الإرهابية عليه وعلى شعبه"، منوّهاً إلى أنّ "الآباء دعوا إخوتهم جميعاً في سوريا لكي يعملوا على التهيئة للسلام الّذي يتطلّب في حدّه الأدنى وقفاً كليّاً لإطلاق النار وتعهّداً بالإمساك عن سفك الدماء على كامل التراب السوري، ووضع حدّ للخطف وإعادة جميع المخطوفين، وعودة النازحين والمهجرين إلى ديارهم".
وأشار المجمع في بيانه، إلى أنّ "في هذا المجال، شدّد الآباء على أنّ السلام المرجو يتطلّب أيضاً تغييراً في الذهنية يبدأ بالإعتراف بأهمية لقاء الوجه مع الوجه الآخر ببساطة ومن دون شروط مسبقة، ويمرّ بصحوة الضمائر وبإخلاصها للوطن فقط، وبقبول الآخر المختلف واحترام هواجسه ومخاوفه، وكلّ ذلك ضمن عملية سياسية شفافة ترتكز إلى الحوار الصادق والفعال وتسمح للشعب السوري مجتمعا بأن يقرر خلالها مستقبل سوريا التي يريد بحرية ومسؤولية واستقلالية ضمن ثوابت الوحدة الوطنية ووحدة التراب السوري بكامله والحفاظ على مؤسسات الدولة".
ونوّه إلى أنّ "لمرور خمسة أعوام على اختطاف المطرانين بولس يازجي ويوحنا ابراهيم مطراني حلب، يعيد آباء المجمع الأنطاكي شجبهم لهذا الجريمة المخزية الّتي تعتبر حرباً على الحضرة الإنسانية. وهم يكرّرون نداءهم إلى جميع الخيرين في هذا العالم من أجل العمل على إطلاقهما ووضع نهاية لهذا الملف الّذي يعكس صورة لما يتعرّض له إنسان هذا المشرق من خطف وعنف وإرهاب وتهجير"، لافتاً إلى أنّ "الأباء شدّدوا على أنّه إذا كان الهدف من وراء خطف المطرانيين هو إلغاء الإشعاع المسيحي في سوريا والشرق وتخويف المسيحيين، فإنّ هذا الإشعاع سيبقى ويزداد ألقاً بنعمة الله وبصلوات المغيبين الحاضرين أبداً في صلوات الكنيسة".
وكشف أنّ "آباء المجمع عبّروا عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني المعذب وندّدوا بالمجازر الّتي ترتكبها سلطات إسرائيل بحقّ المواطنين العزل والأطفال. وفيما خصّ قضية القدس الشريف، عبّر الآباء عن موقفهم الثابت أنّ القدس تبقى في ذهن وضمير المسيحيين والمسلمين محجة إلى رحمانية الله وتبقى عصية على كل مؤامرة وتزييف للتاريخ. وهي عاصمة لفلسطين وللشعب الفلسطيني وقبلة أنظار المشرقيين من كلّ الأطياف".