تفاهم وزراء خارجية روسيا وايران وتركيا خلال المحادثات التي عقدوها نهاية الأسبوع في موسكو، على جدول أعمال اجتماع آستانة 9 المرتقب انعقاده منتصف الشهر المقبل، اي بعد نحو شهرين على آخر اجتماع مماثل عُقد في عاصمة كازاخستان التي تحولت في المرحلة الراهنة بديلا عن جنيف. وبعد تعثر المسار الأممي، فرض الثلاثي الروسي–الايراني–التركي نفسه كمقرر بالشأن السوري، وان كانت الضربة العسكرية التي وجهتها واشنطن بالتعاون مع دول أوروبية الى مواقع نظامية محددة في دمشق منتصف الشهر الحالي، شكلت رسالة أميركية حازمة لجهة عدم امكانية تحييد واشنطن عن المشهد السوري.
ولا شك أن هذه الضربة ستُظلل الاجتماع المرتقب في آستانة كما ظللت الاجتماع الأخير الذي عقده وزراء خارجية الثلاثي السابق ذكره نهاية الأسبوع في موسكو، واتفقوا خلاله على اتخاذ خطوات "جماعية وفردية" لضمان دفع العملية السياسية، العودة إلى مسار تطبيق القرار 2254، تثبيت وقف النار في سوريا، ومواجهة ما تم وصفه بـ"محاولات لتقويض الجهود الثلاثية لدفع التسوية السورية". واعتبرت مصادر مطلعة على الاستعدادات المستمرة لآستانة 9 ان "ما صدر عن اجتماع موسكو، وبالتحديد ما يمكن وصفه بالمقررات، سيشكل الى حد بعيد أساس جدول الأعمال الذي سيتم الالتزام به في كازاخستان، وان كان سقف التطلعات من هذا الاجتماع متدنيا وينحصر الى حد بعيد بالتأكيد على فعالية مسار آستانة مقابل المراوحة القاتلة التي يشهدها مسار جنيف".
واعتبرت مصادر معارضة لمسار آستانة أن الثلاثي الروسي-التركي–الايراني "حسم أمره، على ما يبدو، بوجوب حصر النقاشات بالعملية السياسية بملفي الدستور والانتخابات، فيما ان الأطراف الـ3 يعون تماما ان النظام لن يكون متجاوبا في اي من الملفين خاصة انه أرسل اشارات واضحة في الآونة الأخيرة كما مباشرة بعد مؤتمر سوتشي أن اي عمل على تعديل الدستور يجب أن يتم من خلال لجنة سورية محض تُشكل وتعمل في الداخل السوري".
ويُعقد آستانة 9 هذه المرحلة على أنقاض الائتلاف السوري المعارض بعد اعلان أعضاء بارزين فيه مؤخرا وهم جورج صبرا وخالد خوجة وسهير الأتاسي استقلالتهم، لتضاف الى سلسلة استقالات أخرى كان أبرزها استقالة رئيسه رياض سيف وعبد الباسط سيدا.
وقد استبقت هذه الاستقالات الاجتماع الذي تعقده الهيئة العامة للائتلاف في الخامس والسادس من شهر أيار المقبل لانتحاب رئيس جديد للكيان المعارض ونواب له، إضافة إلى انتخاب أعضاء الهيئة السياسية، وأمين عام جديد. وفيما ربطت مصادر معارضة بين استقالة الاعضاء الـ3 السابق ذكرهم والصراع التركي–القطري للاستحواذ على القرار المعارض، تحدثت معلومات عن توجه لتشكيل مجموعة معارضة جديدة تكون اكثر فعالية من الائتلاف الذي تلاشى دوره تماما بعد تشكيل الهيئة العليا للمفاوضات في الرياض، والتي تولت طوال الفترة الماضية اتخاذ القرارات سواء في جنيف او في ما يتعلق بسوتشي او غيرها من المحطات الاساسية.
ولعل هذه الضبابية التي تحيط بتفاصيل الكيان المعارض الجديد المنوي تشكيله، مؤشر واضح للتخبط الذي كانت ولا تزال تعيشه المعارضة السورية، التي يُجمع الخبراء على أن دورها انتهى منذ فترة طويلة وباتت تركيا ومن خلال اجتماعات آستانة هي التي تُقرر عنها حتى من دون الرجوع اليها، ما خلق حالة من الاستياء العارمة في صفوف المعارضين البارزين أدت لانكفاء العدد الأكبر منهم.