على الرغم من الضغوط الخارجية الكبيرة التي ينتظرها "حزب الله"، بعد الإنتخابات النيابية، والتي بدأت من خلال توسيع مروحة الإتهامات التي توجه له بالتدخل في شؤون الدول العربية نحو المغرب، يبدو أن المهمة الأصعب، أمام الحزب، ستكون على الساحة المحلية، بعد أن رفع الإستحقاق الإنتخابي من منسوب التوتر بين حلفائه، لا سيما "التيار الوطني الحر" و"حركة أمل"، إلى الحدود القصوى.
خلال الموسم الإنتخابي، أدرك الحزب أن حدود معركته لا تقتصر على بعض المقاعد النيابية، التي قد يخسرها بسبب القانون الجديد الذي يعتمد النظام النسبي، الأمر الذي دفعه إلى تحويل المواجهة إلى إستفتاء على خيار المقاومة، لا سيما في دائرتي الجنوب الثالثة وبعلبك الهرمل، بعد أن شعر بأن هناك جهوداً تبذل، من قبل جهات محلية وإقليمية، لخرقه في بيئته الشعبية، من خلال رفع شعار الإنماء وإتهام نوابه بالتقصير في هذا المجال، لكن بعد الإنتخابات الأمور ستكون مختلفة.
في هذا السياق، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن الحزب، منذ السابع من أيار، سيكون أمام توازنات جديدة تفرزها الإنتخابات، بالرغم من أن النتائج في معظم الدوائر باتت شبه محسومة، نظراً إلى أن الخلافات بين حلفائه قد تطيح بالآمال المعقودة على الفوز بالأغلبية النيابية، للمرة الأولى منذ العام 2005، بعد أن نجحت قوى الرابع من عشر، في دورتي 2005 و2009، بحصد العدد الأكبر من مقاعد البرلمان، خصوصاً أن الساحة اللبنانية ليست معزولة عما يجري على مستوى المنطقة من تحولات، لا سيما مع إرتفاع منسوب التوتر بين اللاعبين الإيراني والسعودي، ودخول اللاعب الإسرائيلي على الخط، عبر التهديدات التي يطلقها، إنطلاقاً من الساحة السورية والملف النووي الإيراني.
وتلفت هذه المصادر إلى أن القوى الإقليمية المعارضة لـ"حزب الله" تراهن على الخلافات بين حلفائه حول الملفات الداخلية، لإضعافه أو التضييق عليه، في ظل محاولة رئيس الحكومة سعد الحريري الترويج لنظرية، مفادها أن الإستمرار في تفاهمه مع "التيار الوطني الحر" سيقود إلى إبتعاد الأخير عن الحزب، بسبب تعاظم خلافاته مع "حركة أمل"، وبالتالي سيكون على الحزب، في أكثر من إستحقاق، الإختيار بين الإنحياز إلى التيار أو الحركة، الأمر الذي لا يفضله بسبب حاجته إلى الحليفين معاً، حيث يضمن له الأول الغطاء المسيحي، الذي يحتاج له على المستوى الوطني، بينما يضمن له الثاني وحدة الساحة الشيعية، التي لا يمكن له التفريط بها بأي شكل من الأشكال.
بناء على ذلك، يضع الحزب، بحسب ما تؤكد المصادر المطلعة، هدفين أساسيين في المرحلة المقبلة، بالإضافة إلى هدفه الأساسي من الدخول إلى المؤسسات الرسمية منذ العام 1992، أي حماية المقاومة وسلاحها، هما التركيز على الملفات الإقتصادية والإنمائية، والعمل على معالجة الخلافات بين حلفائه، لا سيما بين "حركة أمل" و"التيار الوطني الحر" وبين الأخير وتيار "المردة"، نظراً إلى أنها ستكون عاملاً أساسياً في كل إستحقاق، والمواجهة الأولى ستكون عند تشكيل الحكومة المقبلة، التي يشدد "الوطني الحر" على أنها ستكون حكومة العهد الأولى.
في المحصلة، تشير المصادر نفسها إلى أن الحزب سيكون عليه، بالإضافة إلى المعارك التي يخوضها أو الملفات التي يُعنى بها على مستوى المنطقة، الإلتفات أكثر نحو الساحة المحلية، من أجل ضمان وقوف حلفائه معه، في مواجهة الضغوط التي سيتعرض لها، متوقعة أن يلجأ إلى الإعتماد على السياسة التي كان يلتزم بها في الفترة السابقة، أي السعي إلى معالجة الخلافات من دون الإنحياز إلى حليف على حساب آخر، مع العلم أنه في بعض الملفات سيكون عليه الإنحياز.