في التاسع والعشرين من نيسان الماضي اقترع اللبنانيون المغتربون في الدول الغربية، وكانت نسب المشاركة متفاوتة بين دولة وأخرى ما رسم علامات استفهام كثيرة حول السبب الذي يدفع المغترب لتسجيل اسمه للانتخاب ومن ثم لا يشارك بالعملية الانتخابية.
قبل تلك الفترة عرضت "النشرة" في أكثر من تقرير العقبات التي تواجه المغتربين الذين يريدون المشاركة بالعملية السياسية، وتحدثت في تقرير أيضا عن عدم تكافؤ الفرص بين اللوائح في الخارج وكيف يعاني الثنائي الوطني حزب الله وحركة أمل من الحظر الخارجي، وكيف امتنع جمهور هذا الفريق عن التسجيل والاقتراع خوفا من اجراءات تتخذ ضده من قبل سلطات الدول التي يعيش فيها. أما اليوم فقد علمت "النشرة" من مصادر خاصة ان خوف هؤلاء قد تحقق في استراليا.
وفق بيان وزارة الخارجية والمغتربين فقد شارك بالعملية الانتخابية 6602 ناخباً في قارة أستراليا التي تسجل فيها 11826 ناخباً، فكانت نسبة الاقتراع مرتفعة جدا مقارنة بباقي الدول، ولكن المفاجأة كانت بما حصل بالساعات القليلة الماضية اذ تم بحسب المصادر استدعاء لبنانيين للتحقيق من قبل جهاز الاستخبارات الاسترالي، مشيرة عبر "النشرة" الى أن الأسئلة تمحورت حول سبب المشاركة بالعملية الانتخابية والجهة التي ذهبت الأصوات اليها ولماذا؟ وعن الانتماء السياسي وأسبابه، كاشفة أن أحد اللبنانيين أمضى 24 ساعة في غرفة التحقيق.
وتكشف المصادر نفسها عن استغراب اللبنانيين في استراليا من كيفية معرفة السلطات الاسترالية بالخيار الذي صوّت له كل شخص، لافتة الى أن الأسئلة التي طرحت خلال التحقيقات تشير الى أن جهاز الاستخبارات يعلم بشكل دقيق هوية اللوائح التي صوّت لها اللبنانيون في استراليا.
من جهتها واذ تؤكد مصادر مقربة من حركة أمل وحزب الله ان التنظيمين لم يتلقيا بعد أي شكوى لبنانية مماثلة، تشير الى ان الثنائي كان يعلم جيدا صعوبة "العمل الانتخابي" في كثير من الدول ولذلك لم يطلب من جمهوره التسجيل أو القيام بنشاطات انتخابية في اغلب الدول التي جرت فيها الانتخابات. وتضيف المصادر عبر "النشرة": "لأن الثنائي يعلم وضعه جيدا وتحديدا وضع حزب الله لم يكن للحزب مندوبين في أي دولة ولم يقم أي مسؤول حزبي بزيارة أي دولة خلال الحملات الانتخابية لعدم إحراج اللبنانيين"، كاشفة أن الشعور بالمسؤولية تجاه المواطنين جعل حزب الله وحركة أمل يطلبان من عدد كبير من الذين تسجلوا للمشاركة بالانتخابات عدم الاقتراع واعتبار الانتخابات كأنها غير موجودة وذلك لعدم وضعهم تحت الشبهات.
توقع بعض المشاركين بالانتخابات بالخارج أن تأتيهم المشاكل في الدول العربية وإذ بها تطل عليهم من حيث لم يتوقعوا، ولكن كل هذه الامور الغريبة التي تحصل في دول تتغنى بنظامها الديمقراطي الحر تستدعي التساؤل وتنتظر جوابا من وزارة الخارجية اللبنانية المخوّلة الاجابة عن هذه التساؤلات، خصوصا وانها لم تعلم بعد بما حصل ربما لأن اللبنانيين الذين تعرضوا للتحقيق يخافون التحدث بالأمر خشية من ارتدادات كبيرة عليهم.
يقدر عديد الجالية اللبنانية في أستراليا بـ230 ألفا، يعيشون فيها منذ عشرات السنوات ويشكلون مثالا للمواطن الصالح والمقيم المحترم، فهل يدفع اللبناني المغترب ثمن إشراكه بانتخابات بلده وجعله عرضة للتحقيق وخطر الإبعاد بسبب انتماءاته الحزبيّة؟!