رأى رئيس وفد المعارضة السورية إلى مفاوضات آستانة أحمد طعمة في حديث صحافي أن الملف الأول في في آستانة وسوتشي وجنيف سيكون استكمال انتشار نقاط المراقبة التركية في محافظة إدلب، وهو ملف بالغ الأهمية لأنه باستكمالها إلى 12 نقطة من نحو 10 حالياً، سيكون هناك فاصل تام بين النظام والمعارضة، ما يعني حماية المعارضة في شكل كبير، مضيفا: "نحن نعدّه إنجازاً لإسقاطه ذريعة النظام وحججه بأن المعارضة المسلحة تنتهك وقف النار وتقصف المناطق الخاضعة لسيطرته وكلنا يعلم أن النظام يقصف مناطق المعارضة بتحريض ومشاركة من إيران، في حين يقف الروس موقف المتفرج في كثير من الأحيان، وهذا الملف مهم جداً، ونحن متفائلون في تحقيق اختراق فيه، والوصول إلى وقف نار شامل ونهائي في إدلب، أي لننتقل من منطقة خفض تصعيد إلى منطقة وقف نار وإذا نجحنا في ذلك نستطيع القول إننا تمكنا من حماية أربعة ملايين سوري موجودين في إدلب في ظل ظروف صعبة".
وأضاف: "أما الملف الثاني فهو يخص ريف حمص الشمالي، ونرى أن في الاتفاق الموقع مع الروس والنظام نقاط خلل، وفيه كثير من الإجحاف، ونأمل بتحقيق شيء إيجابي في هذا الملف، لأننا كنا نرغب في المحافظة على ريف حمص الشمالي كمنطقة خفض تصعيد وتثبيت وقف النار فيه، لكن أخوتنا المقاتلين أُجبروا على التوقيع على الاتفاق مع الروس بسبب تشديد القصف والضغوط الهائلة"، ومشيرا الى أنه "في الملف الثالث، سنناقش قضية المعتقلين، ففي الجولة الماضية في 21 و22 كانون الأول 2017، تم تشكيل مجموعة عمل تخص المعتقلين، وعلى رغم عدم تحقيق اختراق حينها، فإن المجموعة تعد خطوة ضرورية وواجبة، وتحدد الأساس للاستمرار بالعمل لحل هذا الملف"، لافتا الى أننا " كنا نود أن نسمع من البلدان الضامنة نتائج ثلاثة اجتماعات عقدتها بعد الجولة الثامنة في ما يخص ملف المعتقلين، وكذلك حجم مساهمة الأمم المتحدة في حل هذا الملف، وإمكان مشاركة الصليب الأحمر في الحل"، ومؤكدا أننا "سنناقش في شكل مستفيض انتهاكات النظام ضد المدنيين في كل مكان في سوريا، وحملات الاعتقال والتضييق، وسنبحث إدخال مساعدات إنسانية إلى ما تبقى من مناطق محاصرة وسياسياً، سنستمع من البلدان الضامنة والأمم المتحدة عن التوجهات المستقبلية للحل في سوريا".
وأشار الى أنه "صحيح أننا فقدنا المناطق المذكورة، لكننا لا نعتقد أن ذلك يضعف موقفنا التفاوضي، لأنه في المقابل أصبحت عفرين معنا، والأوضاع إلى تحسن كبير في محافظة إدلب"، معربا عن اعتقاده أنه "سيتم في القريب العاجل تنظيم إدارة مدنية مشتركة في مناطق عملية درع الفرات وعفرين وإدلب يستطيع المواطن السوري أن يعيش فيها بسلام بعيداً عن قصف النظام وغدره، وتشكيل هذه الإدارة وتوحُّد هذه المناطق الثلاث سيقوي موقفنا في المفاوضات وعموماً لا تتعلق المفاوضات بالضرورة بما تملكه على الأرض، وفي بداية المفاوضات العام 2012، كان النظام لا يملك إلا جزءاً يسيراً على الأرض، ولكن المجتمع الدولي حينها رأى أنه يحق له نصف مقاعد المفاوضات، وهناك اتفاق دولي على أن للمعارضة النصف، والنظام كذلك. ولا ننسى أن كل المجتمع الدولي يبحث عن حل: الروس يبحثون عن حل ويبذلون جهودا كبيرة لإقناع دول عدة، بما فيها الولايات المتحدة، للتوصل إلى تفاهمات لانتقال سياسي وتسوية في سوريا"، لافتا الى أنه "وحتى الإيرانيين، رغم أنهم يريدون حلاً على مزاجهم، لكنهم في النهاية سيرضخون لمطالب الشعب السوري المحقة، ونعتقد أن التطورات الأخيرة قيدت إطار تحركهم، ولا يستطيعون الصول والجول في سوريا".
وأضاف: "طبعاً، أنا لا اتفق في أن روسيا تهيمن على هندسة الأمور في سوريا"، لافتا الى أن "روسيا تريد حلاً وفق مخططاتها، ولكنها ليست اللاعب الوحيد على الأرض السورية"، مؤكدا أن "هناك أكبر حلفائنا وأقواهم، وهم الأتراك، وهم قادرون على فرض شيء معقول مما نريد على طاولة المفاوضات وفي شرق الفرات، لا يستطيع الروس تجاهل القوى الدولية هناك، ولن يستطيعوا أن يفرضوا نظاماً كما يشاؤون، وأبعد من ذلك هم يدركون أنهم لن يستطيعوا ضمان استمرار (رئيس النظام) بشار الأسد في السلطة ولا ننظر إلى مساريّ آستانة وسوتشي على أنهما الحل النهائي، ولا حتى نصف الحّل، ونعدهما منصتين مهمتين يمكن عبرهما الدفاع عن مصالح السوريين، وتحصيل حد أدنى يمكننا من الاستمرار في التفاوض والسعي الحثيث إلى تحقيق مطالب شعبنا"، لافتا الى أنه "رغم أن روسيا تبدو ظاهرياً هي المسيطرة، فإن بيان سوتشي الأخير ركز على نقطتين بالغتي الأهمية؛ الأولى مبادئ (المبعوث الدولي ستيفان) دي ميستورا الـ12 التي أقرت في جنيف، وهي في صالحنا كمعارضة، والنظام لا يريد على وجه الخصوص، ضمن هذه المبادئ، بناء جيش وطني وإعادة النظر في بناء الأجهزة الأمنية ودورها، كما يرفض فكرة الإصلاح الدستوري، ويريد استبدالها بتعديلات دستورية محدودة لا تمس جوهر المسألة المتعلقة بالصلاحيات الدستورية الواسعة للرئيس، وبيان سوتشي ثبّت تشكيل اللجنة الدستورية وفق مبدأ ثلث للنظام وآخر للمعارضة، وأخير يقره دي ميستورا من شخصيات محايدة لن تكون على الأرجح ضد النظام والروس بدفعهم بهذه القرارات حشروا النظام والإيرانيين في الزاوية".
وأعرب عن عدم اعتقاده أن "النظام يمكنه التقدم في إدلب أو جنوب سوريا"، لافتا الى أنه "في المنطقة الأولى، لن تسمح القوات التركية له بالاقتراب من نقاط المراقبة التي نشرتها، وهذه القوات صدت محاولة منه للتقدم في الماضي، والنظام يعلم أن استكمال نقاط المراقبة التركية سيمنعه من مجرد التفكير بذلك لأن المدفعية التركية قادرة على ردعه"، مشيرا الى أنه "بالنسبة إلى الجنوب، حصل اتفاق روسي- أميركي- أردني في آب 2017 لإخراج المنطقة الجنوبية من مناطق خفض التصعيد بتحويلها إلى منطقة وقف نار بموافقة إسرائيل، وبهذا لا يستطيع النظام والميليشيات الإيرانية الوصول إلى هذه المناطق أظن أن هاتين المنطقتين تمضيان نحو ترسيخ وقف للنار، ما يمهد لتنفيذ النقطة الأولى ضمن توافقات المجتمع الدولي بضرورة وقف النار في سورية بحلول نهاية 2018".
واشار الى أن "شرق الفرات منطقة مستقرة، ولن يستطيع النظام التقدم فيها، ولا يمكنه المراهنة على دعم الروس"، لافتا الى أن "النظام السوري حاول اجتياز الخط في شرق الفرات للحصول على الموارد في حقل كونيكو النفطي، لكنه جوبه بقصف أميركي شديد، وأعاد الكرة وتعرض إلى القصف في تذكير للرسالة الأولى"، مشيرا الى أن "شرق الفرات يشكل نحو 30 في المئة من أراضي سورية، ويضم ما بين 57- 60 في المئة من حجم اقتصادها، والولايات المتحدة أحكمت سيطرتها على سد الفرات، وإنتاج الكهرباء، ومنابع النفط والغاز والمياه والزراعة، والنظام لا يستطيع على المدى المتوسط والبعيد إنشاء دولة من دون هذه المنطقة الحيوية، ما يشكل نقطة ضعف له وحالياً لا يمكن أن نرى تمثيلاً للأكراد في وفد المعارضة، وطالما حافظت "قسد" على توجهاتها الحالية، فإن تمثيلها صعب، وإذا ازداد تأثير المكون العربي في قوات شرق الفرات، يمكن أن نرى تمثيلاً لأهل المنطقة بعيداً عن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي".
وأكد أننا "نؤمن بضرورة تلازم المسارات الثلاثة وتكاملها، ولكل من المسارات دوره، وحالياً جنيف متوقف، وآستانة هو الذي يعمل"، لافتا الى أننا "نسعى إلى حل سياسي عادل برعاية الأمم المتحدة، أي في جنيف ولا استطيع المفاضلة بين أي من المسارات، وفي اآستانة نعمل في شكل معقول نحو انضاج حل سياسي"، مشيرا الى أنه "وفي الإطار العام، تم رسم الخطوط العامة للحل السياسي ضمن أربعة بنود، هي وقف النار، ومشاريع دعم الاستقرار اللامركزية لأن المجتمع الدولي يرفض إعادة الإعمار عبر النظام بسبب الفساد وقبل الوصول إلى حل سياسي مقنع"، ومؤكدا أن "البند الثالث هو الإصلاح الدستوري ضمن اللجنة الدستورية المشكلة في سوتشي بإشراف دي ميستورا، والبند الرابع تنظيم انتخابات حرة ونزيهة بإشراف أممي بناء على الإصلاح الدستوري، وبعد توفير البيئة المناسبة لانتخابات نزيهة"، مضيفا: "يتوقع إنجاز كل ما سبق في غضون السنوات الثلاث المقبلة. ولا يمكن تحديد الفترة الزمنية بالضبط لان النظام غير راغب بالحل، والمجتمع الدولي ليس جاداً بما فيه الكفاية لفرض الحل، لكن الأزمة السورية طالت كثيراً، وكثير من الأطراف التي كانت تماطل بات متورطاً ويسعى إلى الإسراع في الحل".