اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان "استحقاقات كثيرة تنتظر الدولة اللبنانية بمؤسساتها كافة بما فيها مجلس النواب الجديد لتحقيق الانطلاقة التي ينتظرها اللبنانيون في مجالات تحديث الادارة وتأليلها وتأمين الكهرباء وانشاء السدود، وتطوير البنى التحتية فضلا عن الانتقال بالاقتصاد من الريعية الى الانتاجية"، مشدداً على "موقفه بالنسبة الى عودة النازحين السوريين الى المناطق السورية الامنة"، مستغربا "موقف بعض الجهات التي تعرقل هذه العودة او لا تشجع على تحقيقها، رافضا انتظار تحقيق الحل السياسي لاعادة النازحين السوريين الى وطنهم".
وخلال استقباله وفد الكلية الملكية للدراسات الدفاعية في بريطانيا برئاسة الجنرال غريغ لورنس، هنأ الوفد على "ما يقوم به من تبادل للمعلومات مع الدول الصديقة الامر الذي من شأنه ان يعزز التقارب في ما بينها"، لافتا الى "تجربته الشخصية في هذا السياق. وتناول رئيس الجمهورية اجراء الانتخابات النيابية في لبنان اخيرا وفق القانون الجديد القائم على اساس النسبية".
وأوضح أن "اللوائح المغلقة التي اقترع لها الناخبون مثلت الخط السياسي للاحزاب، فيما حدد الصوت التفضيلي ترتيب المرشحين ضمنها ما سمح بتمثيل الاكثريات والاقليات على حد سواء، اي تمثيل كل الشعب اللبناني، ما يتيح تاليا بحث كل المشاكل داخل مجلس النواب"، مشيراً إلى أن "تشكيل المجلس النيابي على هذا النحو يؤمن التوازن الصحيح بين الاكثرية والاقلية وكذلك بين الطوائف"، لافتا الى انه "بموجب القانون السابق كان يتم تشكيل حكومات اتحاد وطني فيما يمكن بموجب القانون الجديد ان تتشكل حكومة اكثرية وبقاء المعارضة خارجها اذا رغبت".
وشرح رئيس الجمهورية "التحديات التي يواجهها لبنان مع وجود مليون و850 الف نازح على اراضيه وفق ارقام 2015"، كاشفاً عن انه "فيما تحدثت اللجنة الدولية المكلفة توزيع المساعدات على مليون نازح، فان اعدادا من النازحين دخلوا لبنان منذ العام 2015 من دون ان يتم تسجيلهم فيها الا انهم سجلوا في لوائح الدولة اللبنانية. وقال ان هذا الرقم يشكل ما نسبته 50 في المئة من الشعب اللبناني".
واعتبر الرئيس عون ان "استضافة العدد الكبير من النازحين التي يصعب على الدول المتطورة تحملها باتت تشكل عبئا على لبنان كما على اقتصاده وامنه وقدرة التوظيف لديه"، لافتاً الى "مواصلة المجتمع الدولي تمسكه بعدم عودتهم الى بلادهم رغم ان مساحة كبيرة منها تعادل عشر مرات مساحة الاراضي اللبنانية باتت آمنة وربطه الامر بالحل السياسي، معددا بعض القضايا التي لم يتم التوصل حتى الان الى الحل السياسي لها، وبينها القضيتان القبرصية والفلسطينية".
وأضاف: "لبنان يخشى من ان تكون التدابير التي يقترحها المجتمع الدولي عليه لجهة افساح المجال امام عمل الفلسطينيين انطلاقا من عدم وجود اي حل للقضية الفلسطينية، مقدمة للتوطين فيه وهو الذي لم يعد بمقدوره ان يتحمل الكثافة السكانية الوطنية، ما يدفعه الى طلب المساعدة الدولية كي لا ينهار اقتصاديا واجتماعيا او يتعرض للتغيير الديموغرافي" وشكر بريطانيا على "المساعدة العسكرية التي تقدمها للجيش اللبناني والتي كان لها الاثر الفعال في مساعدته على تطهير الاراضي اللبنانية من الارهابيين، وامل ان تلتزم بريطانيا التجديد والدعم للقوات الدولية العاملة في الجنوب "اليونيفيل" والمساعدة في عدم تقليص موازنتها نظرا لما تقوم به من حفظ السلام بين لبنان واسرئيل، لافتا في هذا السياق الى ما يتم تداوله من معلومات عن السعي لخفض عديدها وموازنتها".
وطمأن الرئيس عون المجتمع الدولي بـ"تقيّد لبنان بنص القرار 1701"، مشدداً على "رفض اي اعتداء اسرائيلي على اراضيه" ومذكراً بـ"الخروقات الاسرائيلية الكثيرة التي تحصل للأجواء اللبنانية، لاسيما خلال شن اعتداءات على سوريا".
وأشار الى ان "لبنان كدولة مجاورة لسوريا، تمكن من منع دخول العديد من الارهابيين اليها عبر حدوده، كما استطاع ان يمنع القوى الارهابية من البقاء فيه والتمدد نحو الداخل لضمان مقر آمن لها، وهنا كان دور القوى الامنية اللبنانية في وضع حد لهؤلاء الارهابيين وللقوى المتقاتلة التي احتلت جزءاً من الاراضي اللبنانية على الحدود الشمالية الشرقية وأُجبرت على وقف القتال والرضوخ للحل".
ورداً على سؤال عن التحدي الاول الذي سيواجه الرئيس عون في تعامله مع البرلمان الجديد بعد الانتخابات النيابية الاخيرة، اشار الى أنه "قد مرّ على آخر انتخابات نيابية أجريت في لبنان تسع سنوات، ومن المؤكد أن لبنان في هذه الفترة ورث الكثير من المشاكل الاقتصادية التي تفاقمت مع المشاكل الامنية التي حصلت في تلك الفترة بسبب الحرب في سوريا، فأصبح لديه الكثير من الاولويات، وبدأت الدولة اللبنانية اولاً بتأمين الاستقرار الامني باعتبار أن ذلك يشكل الارضية الوحيدة التي تسمح بإعمار البلد وعدم لجوء اللبنانيين الى الخارج. كما لجأ لبنان الى تحديث الادارة عبر تعيين اشخاص يتمكن من خلالهم من إجراء الاصلاحات الممكنة وتحقيق الانطلاقة الجديدة لمؤسسات الدولة".
وتحدث عن مشروع تأليل المؤسسات والادارات، لافتاً الى "النقص الذي يعاني منه لبنان في قطاع الطاقة"، مشيراً الى "المشاريع والجهود التي يبذلها لبنان لتأمين المياه عبر إعمار السدود وإعادة تشغيل تلك التي توقف العمل بها منذ فترة، إضافة الى مشاريع تطوير وتوسيع شبكة الطرقات في ظل ارتفاع نسبة السيارات في لبنان الذي يسعى الى تحويل نظام اقتصاده من الريعي الى المنتج، بعدما كلّفه هذا الاقتصاد الكثير من الديون وهو يفتقر الى القدرة المالية التي تمكنه من تنفيذ كل هذه المشاريع، ولذلك عقدت الدول الصديقة مؤتمر "سيدر" في فرنسا وتمكنت من تأمين قروض للبنان بقيمة 11 مليار دولار لمساعدته على الشروع بمسيرة النهوض".