في ظل التزايد السكاني والتمدد العمراني في برجا، تزداد الحاجة إلى تطوير الخدمات من خلال الإنماء المتوازن في شتى مجالات الحياة، لا سيما القطاع الذي جُعل منه كل شيء حيّ، إنه الماء.
إن أهلنا في برجا، يدفعون الضرائب المتوجبة عليهم دون تأخير أو تهرّب، وذلك باعتراف المسؤولين في مصلحة المياه. وكباقي القطاعات في بلدتنا، يقابل الالتزام بالإهمال.
يمر عام وعام وأزمة شح المياه في برجا تتفاقم سوءاً، فلا صيانة دورية دائمة، وإذا تمت تلك الصيانة، فتكون في أبشع صورها، من استهتار واستعمال لأردئ المواصفات وقطع الصيانة. أما مراقبة تلك الأعمال، فحدث ولا حرج، فإنها تكون صورية، فقط لرفع العتب.
والسؤال الذي يطرح نفسه دائماً، هل برجا تعاني من أزمة في توزيع المياه أم أنها أزمة مصادر؟ ومن أين تشرب برجا؟.
فإذا قمنا برحلة سريعة إلى أحياء برجا، فنرى أن بئر السنترال يغذي القسم الأكبر من أحياء برجا: الصوانة، الفتيحات، البطنة، الجرينة، البيادر، حي الساحة، جب الغبرا، زاروت، حقرون (القسم الجنوبي)، القلعة، المسيل، المعبور، الحفة، مغارة الملح، كرم عمار، الديماس.
أما خزان "الرّوس" الذي يتغذى بدوره من بئر الحمرا وبئر وادي عمرين فهو يغذي الأحياء التالية: العريض، حارة العين، البيدر، السراي، المسقى، الحمرا، التعمير، الجبانة، حي أبو حسن (تحت صف المغاير)، حقرون (القسم الشمالي)، حي الجامع الكبير، حي الجرن، عين الزغير، المهاوي، المعنية، النعصة ( النجدة الشعبية)، بيادر حريز، ساحة الروس، حي فيروز، حي الخزان، خلة زريق، خلة النافوش، عين الأسد، مرج برجا، وادي قصب، الناعورة.
لو استعرضنا الآبار الارتوازية الخاصة المحفورة في منطقة برجا لاحتجنا إلى صفحات وصفحات لإحصائها.
أما الآبار الارتوازية العامة، فهي قليلة نسبة إلى المستفيدين منها، حيث أن قسماً منها يغذي الأحياء المجاورة والقسم الآخر خارج الخدمة.
فبئر "الصوانة" تم حفره منذ عامين وتم بناء خزان بجواره، وحتى الآن لم يجهز بمضخّة للمياه، لذلك فهو غير موصول بالشبكة.
أما بئر حديقة البلدية في حي "جب الغبرا" فتستفيد منه الحديقة فقط لعدم قدرته على تغذية الأحياء المجاورة. فلماذا لم يتم مراعاة التطور العمراني والتزايد السكاني عند حفر هذا البئر؟.
وإذا مررنا بجانب ثانوية برجا الرسمية، فنشاهد مسرحية ما بات يُعرف ببئر "الثانوية" فهو متوقف عن العمل منذ سنوات حيث كانت تستفيد منه منطقتي القلعة والصوانة. وإذا سألت عن سبب توقفه فتسمع إجابات عديدة، فيقول أحدهم أن البئر قد أصابه الجفاف، ويرد آخر أن مياهه أصبحت مالحة، وينادي منادٍ من بعيد، مهلاً، إن تجهيزاته قد نقلت إلى مكان آخر. لكن إذا نظرت إلى جانب هذا البئر، ترى عدّة آبار تم حفرها على بعد أمتار من بئر الثانوية، فلا جفاف ولا ملوحة، إذن متى يسدل الستار على تلك المسرحية؟.
وخزان حي "المهاوي"، هذا الخزان التراثي الذي تم بناؤه منذ عقود، فقد أكل عليه الدهر، وشربت منه برجا، ألا يستحق هذا الخزان بعضاً من الصيانة تعينه على إكمال مسيرته؟.
أما خزان " وادي عمرين"، فتراه ينظر بعين الحسرة إلى البئر المجاور له، ويرفع يديه إلى السماء سائلاً نقطة ماء تروي جوفه العطشان. فلماذا هذا الإهمال؟ ولماذا تم تشييد هذا الخزان، وحتى الآن لم يتم وضع أي خطة للاستفادة منه؟ وما هي صحة الكلام بأن الخزان يعاني من تشققات تجعله غير صالح للاستعمال؟.
ونتوقف الآن مع أحجية بئر "عين الزغير"، أحجية لم يستطع المفكرون حلها، كيف ولماذا تم حفر هذا البئر؟ من قام بتمويله ومن نفذه؟ وهل سيتم وصله بالشبكة؟ أم سننتظر "صدقة" أخرى؟ لكن مهلاً... لقد تم وصله منذ أيام بالشبكة الرئيسية! فمتى سيوضع في الخدمة الفعلية؟.
ونصل الآن إلى مسلسل "بئر السنترال"، مسلسل درامي طويل من ثمانية أجزاء بعمق 400 متر. هذا البئر الذي شهد شتى أنواع الفساد، من فساد إداري ورقابي وإهمال في الصيانة حتى شهدنا "فكّ" أنابيبه ما يقارب 10 مرات خلال عام واحد. هذا البئر الذي يغذّي أكثر من نصف مساحة برجا فهل سيتم قريباً إصدار الجزء 11 من هذا المسلسل؟.
وأختم بأغنية، لطالما غنّاها أهلنا في برجا، أغنية من أغاني الزمن الجميل، إنها "مياه الباروك".
مياه الباروك التي تفيض في خزاناتنا شتاءً، ونشتاق إلى رؤيتها صيفاً، مع الإشارة إلى الوعود المتكررة بتحسين التغذية من مياه الباروك.