أجهضت الولايات المتحدة الأميركية تبني بيان أممي في مجلس الأمن يدين الإحتلال الإسرائيلي على حمام الدم الذي ارتكبه في قطاع غزّة، أمس الأول، ضاربة بعرض الحائط الإجماع الدولي والإدانة الواسعة للمجزرة، التي أسفرت عن استشهاد 64 وإصابة أكثر من 2750 بجراح،
ولم تكتف الإدارة الأميركية بنقل سفارة بلادها من تل أبيب إلى القدس في الذكرى الـ70 لنكبة فلسطين، بل عطّلت إدانة مجلس الأمن للكيان الإسرائيلي على انتهاكاته، التي واصلها بفضل التغطية الأميركية السافرة.
فقد عُقِدَتْ أمس، جلسة طارئة لمجلس الأمن بدعوة من دولة الكويت، عقب المجزرة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزّة.
وأبدى مندوب الكويت في مجلس الأمن السفير منصور العتيبي أسفه لعدم تمكّن مجلس الأمن من اعتماد البيان الصحفي الذي أعدته دولة الكويت أمس، لإدانة الإجرام الصهيوني، معرباً عن دعم الكويت لأي "تحرّك تجاه الجمعية العمومية إذا عجز مجلس الأمن عن التحرّك".
ورأى العتيبي أنّ "نقل البعثات الدبلوماسية إلى القدس مخالف للقرارات الدولية، ويؤجّج الأوضاع"، مشدّداً على أنّ "القدس الشرقية هي عاصمة دولة فلسطين".
من جهته، أكّد مندوب فلسطين الدائم في الأمم المتحدة الدكتور رياض منصور "رفض أي ذرائع لإعفاء إسرائيل من مسؤوليتها عن قتل الفلسطينيين، بالذخيرة الحيّة"، مطالباً المجلس بـ"التحرك بشكل فوري من أجل وقف المجزرة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة وإجراء تحقيق دولي شفّاف ومستقل".
فيما غادرت المندوبة الأميركية نيكي هايلي قاعة المجلس خلال كلمة مندوب فلسطين.
ودافعت هايلي عن "قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس"، زاعمة أنّه "قرار لا يؤثّر على وضعية القدس، ولا يقوّض فرص السلام، ولا قضايا الوضع النهائي، وافتتاح سفارتنا في القدس كان صواباً ومدعاة للإحتفال".
وتحدّث عدد من الأعضاء في مجلس الأمن، مطالبين بإجراء تحقيق شفّاف ومستقل ومفتوح بشأن الأحداث التي وقعت في قطاع غزّة.
العالم يتحرّك
وفي إطار التحرّك العربي، أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز عن أنّ بلاده، بصفتها رئيساً للقمة العربية، ستدعو إلى عقد اجتماع لجامعة الدول العربية على مستوى الوزراء، للخروج بموقف عربي موحّد ضد الجرائم التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.
وأبلغ العاهل السعودي الرئيس محمود عباس بهذا الموقف خلال اتصال هاتفي جرى بينهما الليلة الماضية، اطمأن خلاله إلى صحة "أبو مازن"، بعد العملية الجراحية الناجحة التي خضع لها في الأذن الوسطى في "المستشفى الإستشاري" في رام الله، وتمنّى له الصحة والسلامة.
وأدان الملك سلمان بشدة "الجريمة التي تمت بحق أبناء الشعب الفلسطيني والجرائم المرتكبة، والتي أدّت إلى سقوط 64 شهيدا وآلاف الجرحى، على يد قوّات الإحتلال".
وأكد الملك سلمان وقوف السعودية إلى جانب فلسطين للوصول إلى انتزاع حقوق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
من جهته، أكد أمين سر اللجنة التنفيذية لـ"منظّمة التحرير الفلسطينية" الدكتور صائب عريقات أنّ "الرئيس محمود عباس استدعى ممثّل منظّمة التحرير في واشنطن حسام زملط، بعد نقل سفارة الولايات المتحدة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، حيث سيصل السفير زملط أرض الوطن يوم غدٍ (اليوم)".
وتابع: "بحضور الرئيس وقّع وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي على الإحالة الرسمية للمحكمة الجنائية الدولية، مطالباً المجلس القضائي والمدعية العامة بفتح تحقيق قضائي مع المسؤولين الإسرائيليين حول الجرائم المرتكبة بحق أبناء شعبنا".
وأشار إلى أنّه بتعليمات من الرئيس تمكّن ممثّل فلسطين لدى مجلس حقوق الإنسان السفير إبراهيم خريشة من الحصول على 18 توقيعاً لدعوة مجلس حقوق الإنسان للاجتماع يوم الجمعة لاتخاذ قرار بإرسال لجنة تقصي حقائق في جرائم الحرب المرتكبة من جانب إسرائيل".
وأوضح عريقات أنّ "لجنة عليا شكلها الرئيس ستبدأ اجتماعاتها لوضع ملف قطاع غزة وإزالة أسباب الانقسام، ونأمل أن يتم ذلك بأسرع وقت ممكن، إضافة للجنة عليا لاستمرار وضع آليات تنفيذ قرارات المجلس الوطني الأخيرة بما في ذلك تحديد العلاقات الاقتصادية والأمنية والسياسية مع سلطة الإحتلال".
وأضاف: "إن مندوبة أميركا في مجلس الأمن هايلي أصبحت متحدثة باسم حكومة نتنياهو".
وحول محكمة العدل الدولية، قال عريقات: "اتخذنا الإجراءات القانونية الواجبة الاتباع بإرسال رسائل رسمية للإدارة الأميركية للاستفسار وهذا شرط أساسي، ومن ثم سنذهب بقرارات الرئيس ترامب لنضعها أمام محكمة العدل الدولية خلال الأيام المقبلة".
وفي إطار ردود الفعل أيضاً على تنفيذ الإدارة الأميركية نقل سفارتها إلى القدس، استدعت جنوب إفريقيا سفيرها في الكيان الإسرائيلي احتجاجاً على قتل الإحتلال للفلسطينيين، وتنديداً بنقل السفارة الأميركية إلى القدس.
وقد غادر السفير الإفريقي الكيان الإسرائيلي أمس عائداً إلى بلاده.
واستدعت تركيا سفيريها في تل أبيب وواشنطن للتشاور في أعقاب نقل السفارة الأميركية لمدينة القدس المحتلة، والمجزرة الإسرائيلية.
وأبلغت وزارة الخارجية التركية السفير الإسرائيلي في أنقرة، أنّ "عودته إلى بلاده لفترة ستكون مناسبة".
وردّت وزارة خارجية الإحتلال الإسرائيلي على استدعاء القنصل التركي العام في القدس، وطلبت منه المغادرة إلى بلاده لوقت ما من أجل التشاور.
فيما استدعت وزارة الخارجية الإيرلندية السفير الإسرائيلي لديها، تعبيراً عن إدانتها لنقل السفارة إلى القدس والمجازر التي يقترفها جيش الإحتلال ضد الفلسطينيين.
في غضون ذلك، عزّزت الولايات المتحدة الأميركية أمن سفاراتها داخل الكيان الإسرائيلي وفي الأردن وتركيا خشية تعرّضها لهجوم في ضوء الاحتجاجات والتظاهرات التي تُنفّذ ضد قرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.
وأرسلت واشنطن عشرات جنود المارينز إلى السفارات الأميركية الثلاث، بهدف تأمينها بناء على طلب وزارة الخارجية الأميركية مع احتمال إرسال المزيد من القوّات العسكرية إلى دول عدّة شهدت احتجاجات في السابق، وبينها لبنان ومصر وباكستان، خشية تفاقم الوضع في قطاع غزة.
يوم غضب
إلى ذلك، عبّر الفلسطينيون عن غضبهم خلال إحياء الذكرى الـ70 لنكبة فلسطين بالإضراب العام، الذي عمَّ مختلف أراضي فلسطين التاريخية، مع حداد على الشهداء، الذين سقطوا بالمجزرة التي ارتكبتها قوّات الإحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين أمس الأوّل جنوب قطاع غزّة.
ووسط إقفال تام لفَّ مختلف المناطق الفلسطينية، وشمل المؤسّسات والدوائر الحكومية والمدارس والمحال التجارية، جرى تشييع جثامين عشرات الشهداء، التي غطّت مختلف محافظات قطاع غزّة.
وقد رُفِعَتْ الإعلام الفلسطينية ورايات الفصائل الفلسطينية وسط دعوات للرد على المجزرة الصهيونية.
وشملت التظاهرات الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1948 خاصة في حيفا، مجد الكروم، إم الفحم ومدينة رهط.
كما نُظّمت وقفات احتجاجية وتظاهرات غاضبة في عدد من البلدات والجامعات الفلسطينية بما في ذلك جامعة تل أبيب، شجباً وإدانة لنقل السفارة الأميركية إلى القدس، وتنديداً بمجازر الإحتلال في قطاع غزّة.
وقد ارتفعت حصيلة شهداء المواجهات إلى 64 شهيداً، كانت أصغرهم الطفلة ليلى أنور
الغندور (8 أشهر)، التي استشهدت جرّاء استنشاقها للغاز الذي أطلقه الإحتلال باتجاه منطقة شرق غزّة.
فيما بلغ عدد الجرحى وفق وزارة الصحة الفلسطينية 2771 جريحاً بينهم مصابون بجروح حرجة وخطيرة.
وسُجّلت أمس مواجهات عنيفة بين الشبان الفلسطينيين وجنود الإحتلال داخل الضفة الغربية.
فقد اندلعت مواجهات عند المدخل الشمالي لمدينة البيرة، حيث أطلق جنود الإحتلال الرصاص الحي والمعدني المغلّف بالمطّاط، فأُصيب العشرات من الشبان بجروح بعضها بحالة حرجة.
فيما قذف الشبان الحجارة باتجاه جنود الإحتلال وأشعلوا الإطارات المطاطية.
هذا في وقت، استمرت قوات الإحتلال باعتقال عدد كبيرمن الشبان الفلسطينيين.