أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أنه "عندما كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في العقد الثاني من عمره تبيّن فجأة أن والده فقير بالمقاييس السعودية، وأن الآخرين من أسرة عبد العزيز المؤسس للمملكة جمعوا ثروات طائلة من الأعمال الحكومية"، مشيرةً إلى ان "الملك سلمان بن عبد العزيز ظل أميرا لمنطقة الرياض لعقود يعول أسرته بالمنح التي يقدمها له شقيقه الملك فهد بن عبد العزيز"
ولفتت إلى أن "ابنه محمد عندما تبيّن تلك الحقيقة شعر بالصدمة وقرر تغيير ذلك"، موضحةً أن "ذلك على هامش كشفها صفقة تمت بين شركة إيرباص الأوروبية لتصنيع الطائرات والخطوط الجوية السعودية عام 2015 حصل بموجبها الشقيقان على عشرات الملايين من الدولارات".
وأشارت إلى ان "قصة هذه الصفقة تشير إلى أن الخلط بين العمل التجاري والعمل الحكومي مستمر في كونه السمة الرئيسية للاقتصاد السعودي رغم "الحملة على الفساد" التي تم الترويج لها بشكل واسع ونفذها ابن سلمان ضد كثير من الأمراء الآخرين الذين اتهمهم ابن سلمان بإساءة استخدام سلطاتهم لجمع الأموال لأشخاصهم وبدت وكأنها ترغب في تقديم تفسير للحملة الغريبة التي شنها ابن سلمان على الأمراء الآخرين من أسرة آل سعود التي تشبه الانتقام لفقر والده من ثراء أقاربه".
وقالت إن "ولي العهد السعودي أصبح ثريا بشكل خيالي، إذ امتلك في السنوات القليلة الماضية أضخم اليخوت في العالم، وقصرا فرنسيا، ولوحة فنية لليوناردو دافنشي تبرع بها لاحقا لدولة الإمارات"، مشيرةً إلى ان "شركة إيرباص الأوروبية قررت أن تعمل مع أسرة ملك السعودية رغم تحفظاتها على عدم وضوح الحدود بين المصالح المالية العامة والمصالح الخاصة".
وأضافت: "الخطوط السعودية، التي أصبحت في وضع مالي سيئ، توصلت لاتفاق مبدئي مع شركة إيرباص في 2014 لتجديد أسطولها المتقادم وشراء عشرات الطائرات بتمويل من صندوق الاستثمار السعودي الحكومي وفي تلك الأثناء كانت هناك شركة جديدة يُقال إن محمد بن سلمان شريك رئيسي فيها، وتسمى هذه الشركة "ثروات واشترت "ثروات" 54% من أسهم "شركة بنك كوانتوم للاستثمار" الموجود مقرها بـ دبي في 2014، وأصبح الأمير تركي الشقيق الأصغر لولي العهد رئيسا لكوانتوم".
وأوضحت الصحيفة ان "سلسلة معقدة من الصفقات والمعاملات تنتهي بصب المال في شركة "ثروات" التي يملكها ولي العهد محمد بن سلمان، والتي جاءت بممولين وحصلت على أرباح هائلة من دون أن تخاطر بأي جزء من أموالها وأنشأ مديرون في كوانتوم وبنك صغير آخر شركة أطلقوا عليها اسم "إنترناشيونال إيرفاينانس كورب" للدخول في سوق تأجير الطائرات. وبدأت إيرفاينانس كورب تدير صندوقا اسمه "ألف" صمم ليتقيد "بالتعاليم الإسلامية بدلا من الفوائد الربوية".
وتابعت: "وافقت إيرباص على استثمار 100 مليون دولار في صندوق "ألف" بشرط أن يشتري الصندوق طائرات إيرباص فقط. وفي 23 حزيران 2014 نظمت إيرباص وإيرفاينانس غورب حفل توقيع بـلندن للإعلان عن الصندوق الجديد واستضاف الحفل الأمير تركي بن سلمان وكان الصندوق يستهدف جمع خمسة مليارات دولار في شكل أسهم وديون وفي كانون الثاني 2015 توفي الملك عبد الله بن عبد العزيز وتوقفت الصفقة الأصلية الأولى مع إيرباص وبعد فترة قصيرة من تولي سلمان العرش، أبلغ المسؤولون السعوديون إيرباص بأن لديهم خطة جديدة تتلخص في أن تبيع إيرباص طائرات لصندوق "ألف" -مرتبط بأسرة الملك سلمان- بدلا من الحكومة السعودية، ويقوم الصندوق بدوره بتأجير الطائرات للخطوط السعودية ويقول أشخاص مشاركون في عملية تأجير الطائرات للخطوط السعودية إن هذه الخطوط لم يُسمح لها بالاختيار بين عروض متنافسة من شركات التأجير، ورفضت عروضا من شركات كانت تسعى لتقديم أسعار منافسة قبل أن تختار "ألف" لإبرام الصفقة معها ورغم بعض الاعتراضات والتحفظات من بعض المسؤولين بإيرباص الذين يخشون من تحقيقات حول الفساد بموجب القانون البريطاني رضخت هذه الشركة الأوروبية، وقال أحد المشاركين في التوصل للصفقة إن كبار مسؤولي إيرباص قرروا أنهم "لا يرغبون في حرمان ابن الملك من ممارسة العمل التجاري".
ولفتت إلى أن "بعض المسؤولين بالحكومة السعودية وشركة الخطوط السعودية بدأوا يتساءلون عن الحكمة في خسران الخطوط السعودية خصما كبيرا إذا اشترت طائرات من إيرباص بدلا من تأجيرها من صندوق "ألف"، مشيرةً إلى أن "الوثائق التي استعرضتها أوضحت لها أن سلسلة معقدة من الصفقات والمعاملات تنتهي بصب المال في شركة "ثروات" التي يملكها ولي العهد محمد بن سلمان، والتي جاءت بممولين وحصلت على أرباح هائلة من دون أن تخاطر بأي جزء من أموالها".
وأضافت: "السلسلة تبدأ بكوانتوم، وهو البنك الذي تملكه ثروات بالشراكة والذي عُين تركي بن سلمان رئيسا له ودبّر كوانتوم تمويلا من مستثمرين ومصارف لشراء طائرات. وجمع صندوق "ألف" أربعة مليارات دولار ابتداء من 2017 لشراء طائرات إيرباص بخصم كبير يصل إلى 60% من السعر المعلن وبتأجيره الطائرات للخطوط السعودية بسعر السوق بدلا من تقديم خصم لها مساو للخصم الذي حصل عليه من إيرباص، يكون صندوق "ألف" قد حصل على عوائد تبلغ نسبتها 15% بدلا من 7% إلى 9% وفقا لما يقوله الخبير بول ليونز بمجموعة (آي بي أيه غروب المحدودة) البريطانية لاستشارات أعمال الطيران المدني".
وتابعت: "أبرم محمد بن سلمان الصفقة أثناء زيارة لـفرنسا في 2015. وقال أحد المسؤولين السعوديين من ذوي الاطلاع على الصفقة إنه رأى محمد بن سلمان بعد فترة قصيرة من عودته من باريس آنذاك وهو يتفاخر في مجلس بأحد القصور السعودية بأنه مهندس هذه الصفقة".