لا ريب في أنّ أمر انتخابات رأس هرم البرلمان الجديد ستؤول إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بإجماع حركة أمل، حزب الله، تيار المستقبل، تيار المردة، الحزب السوري القومي الاجتماعي، تيار العزم، اللقاء الديمقراطي، كتلة الكرامة، الطاشناق، والنواب عبد الرحيم مراد، أسامة سعد، عدنان طرابلسي، فؤاد مخزومي، فريد هيكل الخازن، مصطفى الحسيني وميشال المر.
وبينما توافق تكتل"الجمهورية القويّة" على وضع ورقة بيضاء في انتخاب رئيس مجلس النواب، وكذلك حزب الكتائب، قفز تكتل لبنان القوي فوق الخلافات السياسية على خط بعبدا، الرابية – عين التينة، وقرّر تجاوز الحدث المتمثل بعدم انتخاب نواب كتلة التحرير والتنمية العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية،من منطلق تمسكها بمفهوم الميثاقية القوية والتشاركية. وعلى هذا الأساس، تؤكد مصادر في التيار البرتقالي لـ "البناء" أنّ تكتل "لبنان القوي" سيحترم قرار الثنائية الشيعية بترشيح بري لرئاسة المجلس، من منطلق أنّ حركة أمل وحزب الله يمثلان الأكثرية في الطائفة الشيعية. وعلى هذا الأساس، فإنّ الموقف الفصل سيخرج اليوم عن وزير الخارجية جبرانباسيل والذي يتراوح بين احتمال من اثنين: إما إصدار قرار صريح بالالتزام بالتصويت لبري، أو ترك الحرية للنواب الأعضاء لاتخاذ القرار المناسب.
ما تقدّم، يعني أنّ كتلة لبنان القوي، بصفتها التكتل الأكبر على الساحة المسيحية، ستمنح "الأستاذ" الشرعية المسيحية. ويعني أيضاً أنّ رئيس حركة أمل سيفوز بنحو 110 أصوات في حال ذهبت أصوات البرتقاليين وحلفائهم جميعها إليه. لكن في حال توزّعت الأصوات بين ورقة بيضاء واسم "الأستاذ"، فإنّ الحصيلة ستتراوح بين الـ 90 والـ 100 صوت.
هذه الإيجابية على خط الرئاسة الأولى والثانية ستنعكس تكوكباً أملياً - عونياً حول انتخاب النائب إيلي الفرزلي نائباً لرئيس المجلس الذي يحظى بأغلبية الأصوات لكونه أولاً، مرشح "لبنان القوي"، وثانياً، يحظى بتأييد الثنائي الشيعي وحلفائهما ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، الذي يعتبر الفرزلي من ذاكرة ما قبل العام 2005، ونجح في انتخابات 2005 و2009 بسحب البساط النيابي من تحت قدميه لصالح النائب أنطوان سعد، وصولاً إلى توافقه مع الرئيس سعد الحريري على رفض ضمّ الفرزلي إلى لائحة المستقبلللبقاع الغربي وراشيا في انتخابات 6 أيار.
وتأسيساً على ما تقدّم، فإنّ نائب البقاع الغربي عن المقعد الأرثوذكسيسيفوز بأكثر من 70 صوتاً وسيتفوّق على النائب أنيس نصار مرشح حزب القوات المدعوم من تيار المستقبل وحزب الكتائب.
لقد أطلق تفاهم عون – بري دينامية جديدة في البلد لم يستطع أن يجاريها لقاء الحريري –رئيس حزب القوات سمير جعجع، رغم أنّ لقاء بيت الوسط حاول أن يخلق نوعاً من التوازن بالشكل، وفي اليوم نفسه، مع لقاء بعبدا الذي أحدث تفاهمات ستمثل العنوان العريض للتمركز السياسيالجديد في البلد.
منذ العام 2005 حتى تاريخ 5 أيار 2018 كانت الأكثرية في مكان والأقلية في مكان آخر، رغم تسليم الطرفين بضرورة التعايش القسري بينهما حينذاك. الآن بات المشهد مقلوباً. الأكثريةأصبح يمثلها الثنائي الشيعي وحلفاؤهما وأصدقاؤهما والتيار الوطني الحر، والأقلية تمثلها ثنائية جعجع – الحريري ومن تبقى من إرث 14 آذار. علماً أنّ حزب الله كان رافعة الأقلية في العام 2005، بيد أنّ استحقاق 6 أيار كرّسه رافعة الأكثرية.
وسط هذا المشهد وبينما تنتهي غداً أوزار انتخاب رئيس المجلس ونائبه وهيئة مكتب المجلس واللجان النيابية ورؤسائها ومقرّريها، فإنّ الحركة السياسية ستفتح على مصراعيها لتبيان ملامح الحكومة المرتقبة. وبحسب المعلومات، فإنّ الأمور ستصل إلى تكليف الرئيس الحريري ونقطة على السطر. فلبنان معلّق على حبل الواقع الإقليمي – الدولي المتوتر حول إيران والاتفاق النووي والذي يجعل مصير التكليف محسوماً إلى حين، من دون حسم موضوع التأليف.
كلّ المؤشرات بحسب مصدر في 8 آذار لـ "البناء" تشي أنّ الولادة عسيرة وليست يسيرة. والأحداث المستجدة في المنطقة تشي أنّ التأليف قد يأخذ أشهراً وليس أسابيع، رغم أنّ رئيس الجمهورية والرئيس بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مستعجلون لتشكيل الحكومة بيد أنّ حسابات الحريري في مكان آخر.