ألقى رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر عظة بمناسبة عيد القديسة ريتا شفيعة الأمور المستحيلة والمستعصية، تحدّث فيها عن "صاحبة العيد وبطولاتها في الإيمان والتقوى وحبّها لعائلتها ولكنيستها عن تضحياتها كأم وزوجة"، ذاكراً "اننا في كلّ سنة مثل هذا اليوم، على موعد مع القديسة ريتا، وفي كنيستها هنا في سن الفيل، هذه الكنيسة الجميلة، نحن هنا لنشكر الله على كل النعم التي يعطينا إياها، في حياتنا وأنعامه علينا لا تُعدّ ولا تُحصى"، متسائلاً "أليس هو الذي يعطينا الشمس والقمر والهواء والماء؟ ألم يعطنا جسدنا ودمنا وعقلنا وكل ما نملك؟ ألم يعطنا الخبز لنأكله ويعطينا القوّة والصحة؟ عن كلّ ما يعطينا الله إياه، نشكره في هذا اليوم المبارك نشكره لأنه وضعنا في وطن من أجمل أوطان الدنيا، لنمجدّه ونعلي اسمه أمام الأمم ونشهد لمحبّته لجميع الناس ونعلن خلاصه في الأرضز نحن المسيحيين مسؤولون عن نشر إنجيل المسيح وروحه ومحبّته، أمام العالم كلّه".
وتابع المطران مطر بالقول "نشكره على السلام، وحتى وهو نسبيّ، الذي ننعم به في بلادنا، ونسأله تعالى أن تتوقف الحروب عند جيراننا، فيعود كلّ مهجّر إلى بيته والحياة في هذه البلاد إلى ظروفها العاديّة، نعم، يا إخوتي، في هذا القدّاس، نشكر ربّنا على كلّ نعمه وعطاياه"، لافتاً الى "اننا نسأله أن يبارك المسؤولين عندنا، والمجلس النيابي الجديد والحياة السياسيّة الجديدة، نسأله تعالى أن يلهم النواب الجدد والنواب القدامى، إلى كلّ عمل صالح من أجل شعب لبنان وأن يخدموه بمحبّة باسم محبتّهم للربّ ومسؤولياتهم الكبيرة تجاه شعبه وفقرائه ومهمّشيه". كما نوه الى "انني أُذكركم، أيها الأحباء، بالإنجيل الذي سمعتم، اليوم، والذي تختاره الكنيسة لعيد القديسة ريتّا، يسوع يقول لرسله ها نحن صاعدون إلى أورشليم وسوف أموت ولكنّي سأقوم بعد ذلك أي أنه يضعنا في حقيقة موت وقيامة، ألم ورجاء، تختار الكنيسة هذا الإنجيل من أجل حياة القديسة ريتا، التي أمضت في حياتها مرحلتين، مرحلة الألم والعذاب ومرحلة عندما فقدت كل شيء حولها لم يبقَ لها، إلا الله لهذا نقول عنها شفيعة الأمور المستحيلة، لأنها وقعت في المستحيل والعذاب، في الخسارة الكبرى، لكنّ الله دعاها إلى الدير وإلى القداسة، فامتلأ قلبها حبًّا به وتحولت هذه الراهبة إلى إنسان آخر زرع الله في قلبها المحبّة والرجاء من أجل العالم كلّه، وقال لها أن الألام التي تحملت هي من أجل فداء الناس هي الكأس المُرّة التي شربتيها، ولكنّ بعد هذا الموت تأتي القيامة".
واعتبر أن "هناك وجوه شبه بين المسيح بموته وقيامته والقديسة ريتا بعذابها وقيامتها إلى حياة جديدة"، متسائلاً "ماذا عنّا نحن، يا إخوتي؟ قد نكون شبيهين بالقديسة ريتا أو العكس هناك أناس يبدأون حياتهم بالنجاحات والأموال والربّ يُبارك حياتهم، ولكن حادثة تغيّر ظروفهم ويبدأ الألم يقول لنا الربّ نحن نمجّد بألامنا الله مثل ما نمجّده بأتعابنا وبكل نجاحاتنا حياتنا تُكتب على صفحتين صفحة النجاح والصعود وصفحة الألم والسقوط عندما نكون من الناجحين نشكر الله ونمدّ بالخبز والطاقة مَن هم بحاجة إلينا الربّ يقول لنا، لكم إخوة بحاجة إليكم، فانظروا إليهم هذا منطق الله، يا إخوتي، إذا نجحتم فمجدّوا الله وعندما تمرّون بالصعاب مجدّوا الله أيضًا، الله يعطينا قوّة حتى نتغلّب عليها".
وشدد على أن "الله لا يتركنا أبدًا لوحدنا الربّ قال لتلامذته يا قليلي الإيمان أنا معكم وتخافوا؟ ونحن في هذا اليوم، إذا كنّا قليلي الإيمان فنقول للربّ، زدنا إيمانًا، لنخرج من هذه الكنيسة وإيماننا بالربّ كبير وكبير جدًا هذا هو معنى العيد، الله لا يترك أحدًا الخطر يكمن في أن نترك نحن الله، وليس أن يتركنا هو الله لا يتركنا بل نحن نتركه نشكر الله على كل نعمه"، منوهاً الى أن "كنيسة القديسة ريتا في سن الفيل، أصبحت بالنسبة إليكم وإلينا مزارًا، يأتون إليها من كل لبنان نهنىء سن الفيل واهلها على هذه الكنيسة التي صارت كنيسة كلّ لبنان. فليبارك الربّ الذين بنوا هذه الكنيسة من تعبهم ومالهم ولتبارك سيدة سن الفيل والقديسة ريتا ، البلدة والبلدات المجاورة وتبارك جميع اللبنانيين وغير اللبنانيين الذين يأتون إليها بخوف الله ومحبّته".
واشار المطران مطر بالقول "تذكروا القديسة ريتا كيف عاشت، حتى تأخذوا الضوؤ في حياتكم، وكيف تعيشون وكيف تسيطرون على الأمور في حياتكم بقوّة الربّ الذي يؤيدكم ولا يترككم أبدًا، هذه هي رسالتي إليكم في عيد القديسة ريتا، من قلب الإنجيل ومن كلام الربّ يسوع المسيح. نحن قياميون، نحن أهل رجاء، حياتنا الفضلى هي المستقبل وليس الماضي طبعًا الماضي له قيمته ، يعلّمنا ولكن ملكوت الله هو إلى الأمام، وهو ملكوت العدل والمحبّة والسلام والمصالحة هذا ليس كلامًا، بل وعد الله للإنسانيّة بأسرها، شرط أن يعترف الناس أنهم إخوة بعضهم لبعض لا مكان للمستحيل في كنيسة".