تعتبر العمليات العسكرية الاخيرة في سوريا وخاصة اعلان النظام السوري ان دمشق وريفها أصبحا يتمتّعان بالامن كليا، وكلام الرئيس السوري بشار الاسد ان "الامور تتحرك الان في الاتجاه الصحيح، وان "الأسوأ اصبح وراءنا"، يدفع الى التساؤل، هل هذا يعني ان نظام الاسد انتصر في الحرب الأهلية؟.
في هذا السياق قالت مصادر سياسية متابعة للملف السوري ان الحرب في سوريا لم تنته بعد، وقد تؤدي عودة القوات الموالية للنظام الى المناطق ذات الأغلبية السنية الى تجدد الاشتباكات، في حين ان الصراعات المستمرة بين الأتراك والأكراد، وإسرائيل وإيران، والولايات المتحدة ونظام الاسد، قد تتداخل او تتصاعد وتيرتها بطرق غير متوقعة .
واضافت المصادر ان الغزو التركي لبلدة عفرين في شمال غرب سوريا قد ابعد المقاتلين الأكراد عن المعركة ضد تنظيم داعش في الشرق، مما أدى الى عرقلة العمليات العسكرية هناك، في وقت قد تؤدي الحرب المستعرة بين اسرائيل وإيران، وربما حزب الله على الارض السورية الى إلحاق أضرار كبيرة بالقوات الموالية للنظام، وتخفيف قبضتها على المناطق التي استعادتها من المتمردين، مما يمنح المعارضة املا جديدا.
وتابعت المصادر مشيرة الى ان العوامل التي غالبا جعلت من الصعب على واشنطن وحلفائها تعزيز الانتصارات في الشرق الاوسط قد تجعل ايضا من الصعب على خصومها القيام بذلك، مما يوفر للولايات المتحدة الاميركيّة فرصا للعمل مع حلفائها على تقويض المكاسب العسكريّة السوريّة او الحدّ منها، وللقيام بذلك ستحتاج الى العمل مع شركاء محليين ضد خصوم مشتركين، مثلما فعلت مع الاتحاد السوفياتي في الشرق الاوسط في سبعينيات القرن الماضي ومع أفغانستان في الثمانينات .
ورأت المصادر ان القوات المرهقة الموالية للنظام في سوريا، التي تعتمد على خطوط اتصال مكشوفة تمر عبر مناطق ذات أغلبية سنية، معرضة لاستراتيجية تستخدم وكلاء عصابات لمنع نظام الاسد من ترسيخ مكاسبه.
وتعتقد المصادر ان مثل هذه الاحتمالات قد تؤدي الى أضعاف القوى الموالية للنظام في سوريا، مما يحدّ من قدرتها على تهديد المناظق التي لا تزال خارج سيطرة الجيش النظامي السوري، وكذلك على اثارة المشاكل في أماكن اخرى.
ولفتت المصادر الى ان الحرب الأهلية السورية أوجدت حتى الان مجموعة من التداعيات المزعزعة للاستقرار في المنطقة وخارجها، وقد تؤدي الى اندلاع المزيد من الصراعات. وفي الواقع، على الرغم من ان الحرب السورية لم تنته بعد الا ان حروبَ ما بعد الحرب قد بدأت بالفعل حيث يواجه الأتراك أكراد سوريا، وتتصادم الولايات المتحدة بين الحين والآخر مع القوات السورية، ودخلت اسرائيل على خط النزاع في صراع تتصاعد حدّته مع ايران ولو انه لا يزال هامشيا.
وخلصت المصادر الى القول ان الجهود الرامية الى رسم معالم الصراع وفرض شروط على القوات الموالية للنظام ما زالت تفتقر الى صفة الدبلوماسية الدولية لإنهاء الحرب في سوريا، ولذلك فإنّ المفاوضات لن تؤدي الى نهايات إيجابية، طالما بقيت القوات الموالية للنظام مؤمنة بوجود حل عسكري للصراع، في وقت تفتقر فيه واشنطن الى النفوذ العسكري على النظام، فإن الكلام عن مشارفة الحرب على الانتهاء ليس دقيقا ولا يعكس حقيقة الوضع في بلاد الشام.