أطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بمناسبة عيد المقاومة والتحرير وتطرق الى جملة مواضيع في لبنان بدءاً من التأكيد على تطلع الحزب الى حكومة قوية وفاعلة، مروراً بإعلانه عن عزمه الايفاء بوعده بدخول الحزب معركة مكافحة الفساد وإن هذه المعركة جديّة واستراتيجيّة كبرى بالنسبة له، وصولا الى اعادة إعلانه ان العقوبات على المقاومة وجمهورها لن تصل لهدفها، وهي جزء من المواجهة القائمة، وينبغي التصدّي لها بالمثابرة والعزم والتصميم.
في هذا الاطار اشار الكاتب والمحلل السياسي طارق ابراهيم، في حديث لـ"النشرة"، الى ان " نصرالله كرر الموقف من موضوع العقوبات حيث اكد ان التأثير ليس على حزب الله بل على الشعب اللبناني"، لافتا الى ان "الأمين العام للحزب لديه معطيات وهو يحاول الاعلان عنها بالتدرج وهذه المسألة تخضع لطبيعة منهجيته بالرد على الاميركيين".
واوضح ابراهيم أن "نصرالله كان واضحا بان حزب الله سيسهل تشكيل الحكومة والمسألة لديه خاضعة لحسابات محليّة واقليميّة وما يحققه ينطلق منه لطمأنة الجانب اللبناني وليس تخويفه، وهو يعتبر ان تشكيل الحكومة جزء من مواجهة المشروع الاميركي والاسرائيلي"
ورأى ابراهيم ان " حزب الله قرر ان يكون لديه دور فاعل في لبنان، وهو بحاجة الى وزارات فاعلة ويهدف الى تاكيد دوره وليس التحدي"، معتبرا ان "ملف مكافحة الفساد سيكون جزءا من التوجه الاساسي في عمل حزب الله لانهاض الدولة ومؤسساتها ومن الطبيعي ان يكون هناك اعادة نظر بشأن الكثير من الملفات في لبنان".
من جهته، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي علي حمادة ان "كلام نصرالله عن العقوبات ليس جديدا وهذا موقف يتكرر دائما في كل المناسبات حيث يقوم على ركنين، الاول انها لا تطال حزب الله كتنظيم والثاني هو ان العقوبات هدفها الضغط النفسي والمادي على البيئة الحاضنة لحزب الله"، معتبرا ان "الموقف المستجد هو مطالبة نصرلله الحكومة بمواجهة العقوبات، وطبعا هذا امر غير ممكن لان لبنان لا قدرة له على مواجهة عقوبات مالية تحت عنوان استهداف حزب الله، قياسا على ذلك يمكن مراقبة تاثير عودة العقوبات الاميركية على ايران وعدم قدرة الشركات العالمية الكبرى مثل شركة "توتال" على سبيل المثال لا الحصر على الوقوف بوجه بوجهها بغض النظر عن موقف الدول الاوروبية من العقوبات على ايران"، مشيرا الى ان "لبنان يستطيع ان يحاول عبر قنواته الدبلوماسية التحدث مع الاميركيين ولكن لا الاقتصاد ولا المؤسسات اللبنانية كوزارة الماليّة لها القدرة على الاصطدام مع العقوبات الاميركية".
وعن تشكيل الحكومة، رأى حمادة أن "مصحلة حزب الله هي بتسهيل تشكيل الحكومة وخصوصا ان المرحلة هي مرحلة ضغوط كبيرة على ايران وكل حلفائها وحزب الله في مقدمتهم وهناك مخاطر كمواجهة عسكرية في المنطقة"، لافتا الى ان "الانتخابات جاءت لمصلحة الحزب وقد خرج رابحًا من هذه الدورة الانتخابية ومن مصلحته ترجمة هذه النتيجة في الحكومة من دون ان يبالغ بمطالبه الوزارية"، مؤكدا انه "لا يستطيع تسمية اشخاص للحكومة وهم على لائحة العقوبات والواضح ان الحزب ليس معنيًّا بتولي حقائب استراتيجية".
في سياق آخر، وحول اللقاء الذي جمع نصر الله برئيس مجلس النواب نبيه بري، رأى حمادة انه "طبيعي وهو بين حليفين اساسيين ومن الواضح وجود اعادة توكيل لبري بأن يكون هو المفاوض الحكومي وان تكون حركة "أمل" هي الحائزة على الوزارات الاساسية للطائفة الشيعية".
أما ابراهيم فاعتبر ان "جزءا من النقاش في اللقاء هو حول كيفية العمل على تشكيل الحكومة ومحاربة الفساد ومواجهة كل الملفّات على الساحة المحلية بالاضافة الى الضغوط الاميركية".
في الخلاصة، يبدو أن ما ينتظر لبنان ليس مجهولا بالنسبة للحزب وهو ما جعل السيّد نصرالله يرسل اشارات بمدى جديّة اهتمامه فعليًّا بالوضع الداخلي ولا سيّما على صعيد محاربة الفساد وملاحقة المفسدين من خلال الحكومة المقبلة، اضافة الى استعجاله تأليفها في ظل الوضع الاقليمي المأزوم والمتأرجح بين الحرب وحالة اللاحرب.