أكد بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، في كلمة له خلال حفل افطار جامع نظمته أبرشية صيدا ودير القمر للروم الكاثوليك في بلدة الصالحية في قضاء صيدا، أن "النموذج الذي نشهده الآن في هذا اللقاء، هو النموذج الذي نعتقد به ونتمسك به ونسعى إلى ترسيخه، ليس لأننا وجدنا أنفسنا فيه، وليس لأنه قدر حتم علينا، بل لأنه من صلب الإنجيل الذي يعلمنا أن السيد المسيح، بذل نفسه من أجل كل إنسان، وأن كل إنسان هو قريب، وأن القريب هو ذاك، الذي تذهب أنت إليه وتجعل منه قريبا".
أشار الى أنه "ما أجمل لقاءنا في هذا اليوم المشهود من شهر رمضان الفضيل، وما أجمل وما أكثر وما أعمق ما نلتقي عليه، نحن المسيحيين والمسلمين من أمور في موضوع إيماننا بالله عز وجل"، منوهاً الى أنه "يكفي أن نتوقف قليلا، في هذه المناسبة السعيدة، على ما يقوم به إخوتنا المسلمون من عبادة في زمن صيامهم، وما نقوم به نحن المسيحيين في زمن صيامنا أيضا، حتى نتيقن ذلك".
كما ذكر أنه "في رمضان يقوم المسلمون بفرائض الصوم والصلاة والزكاة، التي هي الأركان الأساسية من الأركان الخمسة في الإسلام ويقوم المسيحيون كذلك بهذه الأركان عينها بنوع خاص أيضا في زمن صيامهم، وقد أوردها يسوع نفسه في الإنجيل مذكرا بأهميتها يقول في الإنجيل بحسب متى "أما أنت فمتى صمت فطيب رأسك واغسل وجهك لكي لا تظهر للناس صائما، أما أنت فمتى صليت فادخل حجرتك وأوصد الباب وصل إلى أبيك الذي في الخفية، أما أنت فإن تصدقت فلا تعلم شمالك ما تصنع يمينك، ثلاثة أركان نلتقي عليها جميعا ونعيشها في زمن الصيام هذا اللقاء الروحي، وغيره الكثير من اللقاءات المماثلة، هو الذي يجدر بنا كلنا أن نسعى إليه وننادي إليه، نحن جميع الذين يعبدون الإله الواحد الصمد، في وجه ما نشهده من تراجع في الدين وغزو للالحاد بشتى مظاهره".
وتابع العبسي بالقول "شكري الخالص لحضرة الأب طلال تعلب المخلصي، المسؤول عن دار العناية لاستضافته لنا في هذا المكان، الذي صار منارة للمنطقة وللبنان كله في العمل الاجتماعي والإنساني والإنمائي، يرتاده أولادنا من كل الفئات، وينهلون منه العلوم والمهن والفضائل"، لافتاً الى أن "لبنان كله يدين لهذه المؤسسة بفضل ما تخرج منها من طلاب أسهموا في نهضته وبنائه في مجالات شتى، وأسهموا خصوصا بتعزيز الفكر التعايشي فيه، ذلك الفكر الذي تنشأوا عليه هنا، وتشربوه على أيدي المؤسسين غبطة السيد البطريرك غريغوريوس لحام والمطرانين سليم غزال وجورج كويتر وعلى أيدي من لحقوهم، ذلك الفكر الذي يجمع بين الانتماء إلى الوطن والانتماء إلى الكنيسة أو المسجد، الذي يحفظ لبنان والذي يمتاز به أهل صيدا والجنوب بنوع خاص".
كما لفت الى أن "الشكر الموصول للرهبانية الباسيلية المخلصية أم هذه الدار، وكم لها من الأيادي البيضاء في هذه المنطقة على الأخص، وكم لها من الأثر الطيب في نفوس الكثيرين، وكم لها من الشهادة الإنجيلية الخالصة الصافية الناصعة كافأها الله وأجزل عطاياه عليها وإن ننس لا ننسى الأصدقاء والمحسنين الكثر بفضل سخائهم وعطائهم، سواء إلى الأبرشية أو إلى الدار، تمكن الكثير من أبناء هذه المنطقة من أن يبنوا حياة كريمة سعيدة لهم ولغيرهم. إن تضامنهم مع القريب المحتاج أو الضعيف أو المهمل أو المهمش أو المنبوذ، أيا كان، يقوي الروابط الاجتماعية وينقذ الكرامة الإنسانية. عوض الله عليهم أضعاف ما يقدمون".
وختم العبسي بالقول "الموائد الرمضانية في لبنان، ما عادت شأنا إسلاميا، بل أخذت طابعا وطنيا، بالأمس كنا على إفطار في القصر الجمهوري جمع لبنان كله واليوم نحن على إفطار يجمع الجنوب كله، موائد رمضان موائد الإلفة والمودة أشكركم جميعا على تلبية دعوتنا إلى هذا الإفطار، أشكركم على محبتكم واستقبالكم وحضوركم تحيتي الصادقة لكم وتهاني وأدعيتي بهذا الشهر الصيامي الكريم، والشكر في الفاتحة وفي الخاتمة لله تعالى، الذي يجمع إليه عياله. له المجد والعزة والإكرام إلى دهر الداهرين، كل عام وأنتم بخير".