يجمع المراقبون على حقيقة انه ما قبل العام ١٩٧٥ كان للعواصم العربية بشكل خاص وبعض العواصم الكبرى مثل واشنطن وباريس بالتحديد، تأثير على مجريات الحياة السياسية في لبنان سواء بالنسبة للانتخابات الرئاسية، او في ما يتعلق بتشكيل الحكومات. أما اليوم فإنتقل جزء كبير من هذا الثقل الى الجمهورية الاسلامية الإيرانية من خلال حزب الله الذي يعكس الى حد كبير التوجهات السياسية لهذه الدولة في لبنان.
ورأت مصادر سياسيّة ان من احدى نتائج هذا الواقع الجديد نجاح حزب الله في المعركة التي خاضها في الانتخابات الرئاسيّة، وادت الى تسوية وربط نزاع مع الخصوم حول الامور الاستراتيجية، وما زالت هذه المفاعيل قائمة، فيما يسعى النائب سعد الحريري المكلّف تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات او حكومة العهد الاولى كما أراد تسميتها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وقالت هذه المصادر ان العلاقات بين واشنطن وطهران في المرحلة الماضية لم تكن متوترة الى هذا الحد، وان الولايات المتحدة الأميركيّة لم تكن قد انسحبت بعد من الاتفاق النووي والعقوبات الاميركية-الخليجية على حزب الله وقيادته لم تكن موجودة، كما ان تغيير النظام في ايران لم يكن هدفا اميركيًّا معلنا كما هي الحال اليوم، اضافة الى المواجهة العسكرية المباشرة بين الإيرانيين والاسرائيليين على الاراضي السورية .
ولاحظت المصادر ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أشار في خطابه الاخير الى أن الدفاع عن مواطنين وشركات لبنانية لا تربطها علاقات تنظيمية مع حزب الله هي من مسؤولية الدولة اللبنانية، وان مثل هذا الامر سيكون موضع نقاش، لان من واجب الدولة الدفاع عن حقوق مواطنيها .
ولم تستبعد المصادر ان يكون البحث الذي حصل بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في اول لقاء بينهما منذ سبعة أعوام، قد تطرّق بالتفصيل الى هذه الامور بالذات والى أيّ مدى يمكن ان يذهب حزب الله في الربط بين وجوده كمكون أساسي في الحكومة اللبنانية، وكمدافع عن إيران في صراعها مع الولايات المتحدة الاميركية ودول الخليج .
وتؤكد المصادر ان حزب الله يقف الى جانب المطالِب التي وضعتها ايران والتي يجب على أوروبا الوفاء بها لمنع طهران من إلغاء الاتفاق النووي وهي:
1-قرار أوروبي يدين "انتهاك" الولايات المتحدة لقرار مجلس الامن الدولي رقم ٢٢١٣.
2-وعد بعدم اثارة قضايا الصواريخ والشؤون الإقليمية للجمهورية الاسلامية الإيرانية.
3-الالتزام بمقاومة اي عقوبات ضد ايران.
4-ضمان انه اذا ما عملت واشنطن على عرقلة بيع النفط الإيراني الى دول اخرى ستقوم أوروبا بالتعويض عن طريق شرائها للنفط الايراني.
5-الالتزام بمواصلة المعاملات المصرفية الأوروبية مع ايران.
وخلصت المصادر الى التشديد على ان الصراع القائم بين ايران وواشنطن ودول مجلس التعاون وربما أوروبا، سيزداد حدّة اذا ما لم يتوصل وزراء خارجية الدول الأوروبية الى تفاهم مع طهران، وان المطلوب من حزب الله قبل ان يشكّل لجان لمكافحة الفساد ويطالب بتسريع تشكيل الحكومة، التعهّد بأن ينأى بنفسه عن صراعات الجمهورية الاسلامية مع الدول الغربية والعربية، اذا كان فعلا يحرص على الاستقرار الداخلي اللبناني، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وأمنيا .فهل هناك ما تخفيه الأكَمَة السياسية خلفها؟.