المداهمات آتية الى بعلبك الهرمل لا محال، وما من جهة رسمية سياسية كانت أم أمنية وقضائية لا تزال قادرة على تحمّل الفلتان الأمني المستشري في المنطقة والذي إرتفع منسوبه منذ الإنتخابات النيابية وحتى اليوم، إذ لم تعد تمر ليلة واحدة على أهالي المنطقة من دون إشكالات مسلّحة تبدأ بإطلاق عيارات نارية رشاشة، ولا تنتهي بحرق منازل برمّتها لا بل بسقوط قتلى وجرحى أيضاً.
المداهمات آتية على كبار المطلوبين قبل صغارهم، وهذا ما تؤكده المصادر المواكبة لحركة الإتصالات الدائرة بين قصر بعبدا وقيادة الجيش، والأهمّ هذه المرة أن هذه المداهمات لن توكل مهمّة تنفيذها الى الوحدات الأمنية المنتشرة في المنطقة، بل الى قوّة أمنيّة عسكرية مركزية تتوجه من بيروت الى البقاع، وذلك لأسباب عدّة أصبحت بحوزة أعلى المراجع وعلى رأسها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. أسباب تختصرها المصادر المتابعة على الشكل التالي:
أولاً- لأن المعلومات تؤكد أن عدداً من الضباط متورّط مع المطلوبين الذين يهزّون أمن المنطقة ساعة يشاؤون، وهذا التورط تكون نتيجته عادةً إتصال بين الضابط والمطلوب يفيده به بضرورة تواريه عن الأنظار واللجوء الى جرود بلدته، قبل أن تصل اليه القوة التي تنفذ المداهمة.
ثانياً- لأن الأمن الرائج في بعلبك-الهرمل قائم على إقامة الحواجز وتسيير بعض الدوريات الموسميّة وهذا أمن غير نافع على الإطلاق في ظل الوضع المتردّي الذي تعاني منه المنطقة، فالأمن المطلوب هو الأمن اليومي، والأمن المطلوب هو القائم على الرصد والمتابعة وعمليات الدهم المباغتة، والتي تؤدي عادة الى توقيف المطلوبين والمرتكبين، وعند التوقيف، مطلوب نقل الموقوف الى خارج البقاع، وذلك بهدف إقفال الباب أمام التدخّلات والإتّصالات التي تسجل بين أهله والضباط المسؤولين، بهدف إطلاق سراحه.
ثالثاً- لأنّ ما من وسيلة إعلامية مرئية كانت أم مكتوبة أو الكترونيّة إلا ووصلت الى كبار المطلوبين وأجرت معهم مقابلات وأحاديث، كل ذلك من دون أن نسمع خبراً إلا نادراً، مفاده أن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على موقوف من الموقوفين الكبار وعلى رأسهم نوح زعيتر الذي ينشر المسلحين على كل الطرقات المؤدية الى منزله، وقد زوّد محيط المنزل بكاميرات مراقبة لرصد أيّ حركة أمنيّة متجهة اليه.
رابعاً- لأن الأجهزة الأمنيّة المنتشرة في بعلبك الهرمل فقدت هيبتها وبذلك لم يعد مطلق النار أو السارق أو الخاطف، يحسب ألف حساب قبل إرتكاب جريمته، كيف لا، وهو بات على يقين بأنه سيبقى حراً ولن يتم توقيفه ومحاكمته بأشد العقوبات. لذلك يقوم بما يقوم به من إرتكابات ويكررها ساعة يريد، ولذلك أيضاً تتوزع مذكرات التوقيف ووثائق الإتصال التي يتخطى عددها في بعلبك–الهرمل الأربعين ألف، على عدد يقل عن عدد المذكرات، إذ تبين وجود فارين من وجه العدالة مطلوبون بمئات المذكرات والأحكام.
إذاً القرار السياسي بضبط الوضع الأمني في بعلبك الهرمل إتّخذ ويبقى تنفيذه على الأرض، فهل تأتي النتيجة هذه المرة على قدر الآمال التي يعلقها أهالي المنطقة على هذا الموضوع؟.