بعد انطلاق مشاورات تأليف الحكومة فجّر رئيسها المكلّف سعد الحريري "قنبلته" الحكومية بالحديث عن حصّة وزارية كرئيس للحكومة منفصلة عن حصّة تيار "المستقبل" الذي يرأسه ، هذه المطالبة جاءت لتطرح علامات إستفهام حول امكانية تطبيقها دستورياً، خصوصاً وأنه وبموجب إتفاق الطائف نُزِعَت الصلاحيات من رئيس الجمهورية وأعطيت لمجلس الوزراء مجتمعاً، في وقت لم يكن في أي من الحكومات السابقة تخصيص حصّة وزارية لرئيس الحكومة كون الصلاحيات بيد مجلس الوزراء الذي يرأسه!.
"رئيس الحكومة هو المسؤول عن السلطة الاجرائية المناطة بمجلس الوزراء مجتمعاً منذ توقيع اتفاق الطائف". هذا ما يؤكده الخبير الدستوري سعيد مالك عبر "النشرة"، لافتا الى أن "باستطاعة رئيس الحكومة أن يتمثّل ضمن إطار كتلته الوزارية وليس هناك من حصّة محفوظة له دستورياً"، مضيفاً: "يمكن لرئيس الحكومة سعد الحريري أن يختار وزيرا أو اثنين من حصّة "المستقبل" ليكونا من حصته ولكن لا يمكنه المطالبة بعدد من الوزراء من خارج الحصة التي ستحصل عليها كتلة "المستقبل". بدوره الخبير الدستوري صلاح حنين يرى أن "الدستور لم يحدّد حصّة لأحد في الحكومة ولا يجوز أن تسير الأمور بالشكل الذي تطرح فيه اليوم"، مشيراً الى أنهم "يتقاسمون الحصص في الحكومة وكل الكتل النيابية تدخلها فتصبح بذلك صورة عن المجلس النيابي مصغّرة وبالتالي لا أحد يقوم بمراقبة عملها".
يشدّد سعيد مالك على أن "مسألة توزيع الحصص الوزارية غير دستورية وبالتالي وفي حال حصل الحريري على حصّة وزارية من خارج حصّة "المستقبل"، فإن ذلك سيشكّل عرفاً يمكن تكراره مستقبلا وإعتماده في إطار "الأعراف الدستورية"، مؤكداً أنه "وفي حال اعتمدنا الاعراف فإن حصّة رئيس الحكومة ستكون من حصص الكتل النيابية التي لن تكون راضية عند رؤيتها لنفسها أنّها غير ممثلة بالشكل الطبيعي". أما صلاح حنين فيؤكد أن "الدستور وفي المادة 95 تحدّث فقط عن التوازن الطائفي وعن الكفاءة"، لافتا الى أن "إدخال كل الكتل في الحكومة يؤدّي الى الغاء الديمقراطية والمجلس النيابي"، مضيفاً: "اتفاق الطائف تحدّث أيضاً عن حكومة وحدة وطنية ولكن من أجل اجراء الاصلاحات السياسية، وهذه الحكومة تكون موجودة لفترة معيّنة"، لافتاً في نفس الوقت الى أن "الحكومة التي ستتشكل لا يمكن أن تكون حكومة وحدة وطنية خصوصًا أن الخلاف بين مكوناتها واضح".
"يريدون أن تكون الحكومة مؤلّفة من جميع الكتل النيابية، ونتيجة الانتخابات أظهرت أن الجميع يريدون تقاسم المغانم في ظل عدم وجود معارضة حقيقية". هذا ما يشير اليه صلاح حنين، لافتاً الى أن "الانتخابات وُجدت لتفرز أقلية وأكثرية، وهذا ما لم يحصل حالياً نظراً لتقسيم الحكومة على أساس أن تجمع الجميع دون معارضة". في حين أن سعيد مالك يرى أن "مطالبة رئيس الحكومة بحصّة خاصة يشكّل عقبة جديدة في وجه تأليف الحكومة المحدودة بعدديتها".
في المحصّلة لم يحفظ الدستور بنصوصه الواضحة حصّة وزارية لأي مرجعية سياسية، ليبقى السؤال: "هل سينجح الحريري في انتزاع حصّة له في حكومته المقبلة فيشكّل بذلك عرفاً قد يعتمد في أي وقت لاحق".