لماذا يصرّ حزب الكتائب على المضي في الدعسات الناقصة فيراكم الخسائر؟
السؤال طرح، أمس، في لقاء شخصيات مارونية مستقلة (مستقلة فعلاً لا قولاً وحسب) لا تنتمي الى أي من الأحزاب والقيادات المسيحية المعروفة. وليس لأحد منها أي مطمع ولا حتى أي مطمح في المراكز والمناصب والمواقع. علماً أن المشاركين هم من الشخصيات البارزة في مواقعها في الحياة اللبنانية، ولهم فاعلية في أوساطهم.
هذه المجموعة ليست بنت اللحظة «التجنيسية» إنما هي موجودة (في إطار لقاءات تقتضيها المناسبات والمستجدات) منذ نحو ثلاث سنوات، وكان مرسوم التجنيس الطبق الوحيد على مائدة اللقاء.
ومن دون الدخول في التفاصيل، هنا ملخّص لما أجمع عليه الرأي:
أولاً - لماذا يريد حزب الكتائب أن يقنص الفرص المتاحة أو غير المتاحة بالتسديد الخاطىء؟ فمنذ أزمة النفايات الى أزمة الحملة التي قادها الشيخ سامي الجميل على الفساد، الى الحملة المصطنعة، اليوم، على مرسوم الجنسية واجه الحزب وسيواجه اليوم أيضاً الإخفاق. وفي التقدير أنها لم تكن مصادفة الدفع بإبن العم الشيخ نديم الجميل الى الواجهة في هذه المرحلة «لأن الشيخ سامياً شبع خيبات»، كما إستخلص محام كبير من الحلقة. فطريقة الشيخ سامي في «معالجة النفايات أغرقت منطقة ساحل المتن (على الأقل) في أكوام النفايات ومضارها. وحملته على الفساد (ومن لا يريد الخلاص من الفساد) أوقعته في عجز عن تقديم دليل واحد فتهرّب من الإدلاء بشهادته أمام القضاء بأعذار واهية. أمّا حملته على المرسوم فلن تصل الى أي نتيجة سوى الى تراكم الحذر لدى الشارع المسيحي الذي قال كلمته بوضوح في الإنتخابات النيابية التي أجريت قبل شهر.
ثانياً - وكان في إجماع أعضاء اللقاء أنّ الأسلوب الذي اعتمدته القوات اللبنانية من المرسوم هو أيضاً غير مُجْدٍ، وإن كانت معراب تعاملت مع هذا الموضوع بحد من العقلانية التي افتقدها حزب الكتائب كلياً... كون الأسلوب الكتائبي إستمر يغرف من الديماغوجية المكشوفة.
ثالثاً - وكان لافتاً في اللقاء أن غبطة البطريرك بشارة الراعي كاد أن يركب الموجة من خلال الكلام (وإن قليلاً) الذي تناول به المرسوم في قداس بازيليك سيدة لبنان في حريصا يوم الأحد الماضي.
لماذا حرص اللقاء على حصر الكلام بهذه الجهات الثلاث (بكركي، القوات والكتائب)؟
الجواب لأن في الأوساط المسيحية (الإنتلجنسيا والعامّة) شعوراً بأن هناك من يسعى الى وضع العصي في دواليب العهد، وأن هؤلاء السعاة يتربّصون بالرئيس العماد ميشال عون شراً... فهم ينتظرون على الكوع لكي يجهروا بالنقد العنيف، من دون أن يلفتهم أي من الإنجازات العديدة، ثم إن توقيع المرسوم موضوع البحث وعدم نشره هما في صلب ما تبقى من صلاحيات لرئيس الجمهورية... فهل يصحّ مجدداً القول «من بيت أبي ضُرِبْتُ»؟
وآلى أعضاء اللقاء على أنفسهم أن يلفتوا أصحاب العقيرة المرتفعة على المرسوم (محدود العدد بالنسبة الى المستفيدين منه) الى أن المسألة ليست في الـ 365 شخصاً الذين استفادوا من مرسوم الجنسية، بل في هذا العدد مضروباً بألف في مرسوم التجنيس الشهير... فلماذا لا يرتفع صوت واحد منهم مطالباً (على الأقل) بتنفيذ قرار مجلس شورى الدولة في شأنه؟!