بعد أن نجحت الإتصالات، التي قام بها "حزب الله"، في معالجة الخلل الذي رافق الإنتخابات النيابية، بين "التيار الوطني الحر" و"حركة أمل"، الأمر الذي ظهر من خلال التعاون الذي يبديه رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، يبدو أن كلّا من رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع سيتوليان قيادة القوى المعارضة في المرحلة المقبلة، بالرغم من أنهما ابديا رغبتهما في المشاركة بالحكومة.
منذ إنتهاء الإنتخابات النيابية، ظهر سريعاً أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري يريد التعاون مع العهد، الأمر الذي برز في أكثر مناسبة، لا سيما خلال مرحلة إنتخاب نائب رئيس المجلس وهيئة المكتب، إلا أن التصاريح "النارية" لم تتوقف من جانب كل من "الحزب التقدمي الإشتراكي" وحزب "القوات اللبنانية"، وهو ما قد يشمل، في المستقبل القريب، رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري.
في هذا السياق، تشير أوساط سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، أن لكل من "الإشتراكي" و"القوات" أزمته الخاصة، لكن في المبدأ يلتقيان على رفض ما يعتبرانه "حصارا" لنفوذهما، فالأول يرفض إصرار "التيار الوطني الحر" على التدخل في الحصة الحكومية الدرزية، عبر المطالبة بتوزير رئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" وزير الدولة لشؤون المهجّرين في حكومة تصريف الأعمال طلال أرسلان من جديد، بينما الثاني يريد أن يحصل على حصة وزارية أكبر من الحالية، بعد إرتفاع عدد أعضاء كتلته من 8 إلى 15، ويتحدث عن الإتفاق على هذا الأمر فيتفاهم معراب، الذي أدى إلى تبنيه ترشيح ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية.
من وجهة نظر هذه الأوساط، المشكلة التي لدى جنبلاط هي في شعوره بأن "التيار الوطني الحر" يريد أن يدخل معه في منافسة على زعامة الجبل، الأمر الذي لا يحبّذه بأي شكل من الأشكال، لا سيما أنه كان يسعى، خلال الحملات الإنتخابية، إلى تشكيل لائحة جامعة في دائرة الشوف-عاليه، تكون برئاسة نجله رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب تيمور جنبلاط، وتشير إلى أن الجزء الأساسي من "غضبه"، من الوزير أرسلان، يعود إلى تأمينه الغطاء الدرزي لـ"الوطني الحر"، بينما هو لم يكن يمانع في السابق ترك مقعد شاغر له في الإنتخابات النيابية وتمثيله في مجلس الوزراء، وتضيف: "رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي يريد أن يكون هو المقرر الأساسي في كل ما له علاقة بالجبل، أو على الأقل في كل ما له علاقة بالطائفة الدرزية، كي لا يملك أي فريق القدرة على إخراجه من المعادلة تحت أي عنوان".
بالنسبة إلى جعجع، الأزمة هي في المنافسة على الزعامة في الشارع المسيحي مع "الوطني الحر"، بعد أن كان يعتقد أن التفاهم مع التيار سيساعده في توسيع رقعة نفوذه، وبالتالي فتح الباب أمامه ليكون المرشح "القوي" في الإنتخابات الرئاسية المقبلة، إلا أن المفاجأة بأنه سيكون عليه المنافسة مع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل على هذا الموقع، نظراً إلى أن الأخير يطمح إلى "وراثة" الرئيس عون بعد إنتهاء ولايته، خصوصاً أنه اليوم بات رئيس أكبر كتلة في المجلس النيابي.
وتلفت هذه الأوساط إلى أن هذا الواقع هو الذي يدفع "القوات" إلى رفع السقف عالياً بوجه ما يسميه بـ"الحالة الباسيلية"، رغبة منه في إبعاد رئيس الجمهورية عن المواجهة، لا سيما أنهيعتبر نفسه من الداعمين له، لكنهينتظر الخطوات التي من الممكن أن يقوم بها عون على مستوى تلبية مطالبه في الحكومة المقبلة، خصوصاً أن التيار لا يبدي أي ليونة على هذا الصعيد.
في المحصلة، ترى الأوساط نفسها أن هذا الواقع قد يدفع جنبلاط وجعجع إلى قيادة المعارضة، في المرحلة المقبلة، حتى لو كان ذلك من داخل الحكومة، بالتعاون مع أفرقاء آخرين لديهم مشاكلهم مع "التيار الوطني الحر"، إلا أنها تجزم بأن النقطة الرئيسية تبقى في موقف رئيس المجلس النيابي، نظراً إلى أنتعاونه مع العهد سيضعف أي معارضة له.