أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّ مفوضية شؤون اللاجئين تتصرّف بقلة احترام وكأن لبنان دولة سائبة، مستغرباً وقوفها في وجه النازحين السوريين الراغبين بالعودة إلى بلادهم وإصرارها مع الاتحاد الأوروبي وآخرين على بقائها حيث هم، من دون أن ينظروا إلى تبعات ذلك على الواقع اللبناني.
وفي حديث إلى تلفزيون "الجديد" ضمن برنامج "الحدث" أدارته الإعلامية نانسي السبع، رجح أبو فاضل أن نكون مقبلين على مشكلة مع المفوضين، لافتاً إلى أنّ هناك قراراً سيُتّخَذ من قبل الدولة اللبنانية بحق هذه المفوضية في الساعات القليلة المقبلة، وسيتولى وزير الخارجية جبران باسيل إعلانه، وهو سيكون بداية الأزمة الكبرى بين لبنان والمفوضية.
وألمح أبو فاضل إلى إمكان إعلان وزارة الخارجية أن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين غير مرغوب بها على الأراضي اللبنانية، ولفت إلى أنّ تريّثاً حصل في سوريا على خط القانون الرقم 10 والرئيس بشار الأسد يعيد النظر به.
ماذا تقول المفوضية للسوريين؟
وكشف أبو فاضل مجموعة من الأسئلة التي تطرحها المفوضية على النازحين السوريين بناءً على وثيقة حصل عليها، ومن بين هذه الأسئلة على سبيل المثال لا الحصر "هل تعلم أنك ذاهب إلى بلدك دون رعاية أممية؟ هل تعلم أنك ذاهب إلى الخدمة العسكرية؟ هل تعلم أن منزلك صالح للسكن أم لا؟ هل تعلم أن الأمم المتحدة سترفع عنك المساعدات؟ هل تعلم أنه يوجد عمل أو لا يوجد عمل لك في سوريا؟"
وقال أبو فاضل إن المفوضية تقول للنازحين واللاجئين السوريين بشكل أو بآخر من خلال هذه الأسئلة أنهم يجب أن يبقوا في لبنان وأن لا يعودوا إلى بلادهم، وكأنهم تدعوهم إلى البقاء في لبنان والحصول على التوطين في لبنان، مستهجناً تخويف السوريين من التجنيد الإجباري، في حين أن القانون السوري ينصّ على ذلك، مؤكداً أن التجنيد الإجباري يؤدي إلى الانصهار وهو ضروري، ولبنان أخطأ بإلغائه، ما أدى إلى تعزيز الطائفية.
الحرب في سوريا ضد الدواعش
ولفت أبو فاضل رداً على سؤال إلى أن الرئيسين الفرنسيين السابقين نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند وأميركا وإسرائيل والرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي وصفه بسلطان الحريم وغيرهم هم الذين افتعلوا الحرب في سوريا، وأوضح أنّ الحرب في سوريا هي في مواجهة التكفيريين والدواعش، نافياً وجود حرب طائفية في سوريا كما يحاول البعض الإيحاء.
وأشار أبو فاضل إلى أن مشكلة لبنان في ما يتعلق بمقاربة ملف اللاجئين والنازحين وتبعاته على واقعه ليست محصورة مع مفوضية اللاجئين فقط، متحدّثاً في هذا السياق عن خلاف مع الاتحاد الأوروبي ومع الأمم المتحدة، وقال: "هناك قرار أممي ببقاء النازحين السوريين في لبنان لأن المخطط لم ينتهِ في سوريا، وهذا غير مقبول، والسوري يجب أن يعود إلى سوريا". وحذر من خطر كبير على هذا الصعيد، مشدّداً على ضرورة وقوف الدولة وجميع الأحزاب وقفة رجل واحد لمنع التوطين، بدل التلهّي ببعض التفاصيل.
صلاحيات الرئيس أولاً
ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ مرسوم التجنيس لا يمكن أن يؤدي إلى التوطين كونه يحتوي على 400 اسم فقط بخلاف مرسوم العام 1994 الشهير، مشيراً إلى أنّ المشمولين به قدّموا خدمات للدولة اللبنانية استحقوا الجنسية على أساسها وفقاً للمعطيات المتوافرة، وأوضح أنّ أسماء المشمولين به عُرضت على ثلاث جهات أمنية في السابق هي فرع المعلومات والنشرة القضائية والانتربول الدولي، ويقوم الأمن العام اليوم بالتدقيق بها من جديد أيضاً.
وأكد أبو فاضل أنه يدافع عن مرسوم التجنيس لأنه يندرج ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية، التي لم يبق منها بعد الطائف سوى إقرار المراسيم العادية على غرار مرسوم التجنيس بالإضافة إلى تعليق الأوسمة واستقبال السفراء وترؤس جلسات مجلس الوزراء في حال حضورها، وقال: "نحن بعد اليوم لن نسكت على التعرض لمقام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون"، مستهجناً تصوير الرئيس ميشال عون وكأنه قبض الأموال لتمرير هذا المرسوم.
استهداف للرئيس عون
واعتبر أبو فاضل أنّ المعترضين على مرسوم التجنيس من حزب الكتائب والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وغيره ليسوا ضدّ المرسوم بحدّ ذاته، ولكنّهم ضدّ الرئيس ميشال عون ويسعون إلى إضعاف العهد، مستهجناً تركّز الحملات على الرئيس عون شخصياً دون غيره، رغم أنّ المرسوم وقّعه إلى جانب الرئيس عون كلّ من رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق.
ولفت أبو فاضل إلى أن 90 بالمئة من القوى السياسية كانوا على علم بالمرسوم، مؤكداً أنّ مرسوم التجنيس هو مرسوم عادي، ومشيراً إلى أنّ التحقيقات قد تؤدي إلى شطب بعض الأسماء في حال تبيّن وجود أيّ خلل.
متطرف للبنانيتي
ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنه لا يؤيد منح الأم اللبنانية المتزوجة من أجنبي الجنسية لأبنائها، مشيراً إلى أنّ المرأة حين تتزوج تلحق زوجها، لافتاً إلى عدم إمكان تغيير ميزان القوى في لبنان، وهو ما يمكن أن يحصل في عشر سنوات خلال أقلّ من عشر سنوات. وقال رداً على سؤال عن إمكان اعتبار موقفه هذا تمييزاً، "أنا تمييزي وعنصري ومتزمت ولبناني متطرف للبنانيتي".
وشدّد أبو فاضل على أنّ المسيحيين في لبنان لن يقبلوا بمنح الأم الجنسية لأولادها، منعاً لتغيير وجه لبنان، مهما حصل وبغضّ النظر، مشيراً إلى أنّ اللبنانيين الذين يقاتلون لمنع توطين السوريين والفلسطينيين لا يمكن أن يوافقوا على مثل هذا القانون الذي يؤدي تلقائياً إلى تغيير ديمغرافي.
ونفى أبو فاضل رداً على سؤال أن يكون موقفه هذا مرتبطاً بنظرته إلى المرأة اللبنانية، مشيراً إلى أن خوفه من منح الأم اللبنانية المتزوجة من أجنبي الجنسية لأبنائها مبرّر، وهو يعبّر عن قناعة شخصية راسخة، مشدّداً على أن لبنان قائم على التوازنات الطائفية والمذهبية.
لن يُقبَل أي طعن
ورداً على سؤال، استبعد أبو فاضل أن يُقبَل أيّ طعن في نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة من قبل المجلس الدستوري، موضحاً أنّ الشوائب التي حصلت في الانتخابات لا ترتقي إلى مستوى الخطأ المميت لإبطال نيابة أحد أو إعادة إجراء الانتخابات.
وأعرب أبو فاضل رداً على سؤال عن اعتقاده بأنّ تسريب الأنباء عن مرسوم التجنيس قد يكون صدر من أحد في وزارة الداخلية، واستغرب قول رئيس حزب القوات اللبنانية إن هذا المرسوم يشكل ضربة للعهد، معتبراً مثل هذا التصريح دليلاً على وجود استهداف للعهد.
المشكلة بالتجنيس الجماعي
وأشار أبو فاضل إلى أنه ضدّ التجنيس بالمبدأ، وحتى هذا المرسوم كان متحفظاً عليه بالبداية قبل أن يظهر أن هناك استهدافاً متعمّداً لرئيس الجمهورية، خصوصاً أنّ الأخير تلقف الهجوم بتحويله الموضوع إلى الأمن العام، متسائلاً لماذا إطلاق النار على الرئيس عون فقط دون غيره من الموقعين على المرسوم، لكنه لفت إلى أنه ليس ضدّ التجنيس في حالات فردية خصوصاً إذا كانت حالات إنسانية أو لضرورات مفيدة للبلد.
وشدّد أبو فاضل رداً على سؤال، على أنّ المشكلة هي في التجنيس الجماعي كالذي حصل في العام 1994، الذي جُنّس خلاله أكثر من 200 ألف بالكيلو، والذي كان مخالفاً للدستور وللقوانين، متسائلاً لماذا صمت يومها المعترضون اليوم على هذا المرسوم الذي يقتصر على 300 أو 400 اسم.
الحريري لم يوفَّق في السعودية
وفي موضوع تأليف الحكومة، أعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأن الرئيس سعد الحريري لم يوفق في السعودية وهو بانتظار الموقف السعودي، مشيراً إلى أنّ المشكلة حاصلة سواء لم يلتق أحداً خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية، أو التقى أحداً من دون أن يفصح عن ذلك لأنّ هذا الأمر يعني أنّ اللقاء لم يكن مثمراً.
وأكد أبو فاضل أن الرئيس الحريري يحاول إبعاد بعض الضغوطات عليه لكنه يحتاج إلى دعم سعودي، والسعوديون يتأخرون عليه على هذا الصعيد. وأشار إلى أنه شخصياً ضد حكومة الوحدة الوطنية التي يتم اللجوء إليها عادة بعد الحرب، وقال: "حتى الآن يريدون أن يتمثل الجميع، لكن نحن بانتظار ما ستقرره السعودية، وهذا يمس بالسيادة اللبنانية".