مع توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون على مرسوم تجنيس عدد من الأشخاص، عاد الى الواجهة قانون حق إعطاء الأم اللبنانيّة الجنسية لأولادها حيث تعود المطالبات باقراره لسنوات خلت وعند كلّ إستحقاق يطرح من جديد، والأمر الابرز الذي والذي كانت إجابته على لسان رئيس الحكومة سعد الحريري ومن القصر الجمهوري هو ان "العوائق التي تمنع إعطاء الأم الحق بمنح جنسيتها لأولادها سياسيّة وطائفيّة".
344 ألف مجنّس
حمل لبنان منذ سنوات طويلة عبء النكبة الفلسطينية عام 1948 وبعد العام 1975 بات الوجود الفلسطيني أكبر في لبنان ونتيجة لتواجد هؤلاء بشكل دائم وإختلاطهم بالمجتمع حصلت العديد من الزيجات، زاد على هذا كلّه النزوح السوري الى لبنان منذ العام 2011، هذا اضافة الى نساء متزوجات من أجانب، وأمام هذا المشهد قد يصل عدد المستفيدين من قانون منح الام جنسيتها لأولادها الى 344 ألف شخص. حسب ما يؤكد الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة عبر "النشرة"، مشيراً الى أن "أغلب المستفدين هم من اللبنانيات المتزوجات من فلسطينيين خصوصاً وأن الوجود الفلسطيني في لبنان يعود الى العام 1948 أو 1967 وبالتالي سيحصل على الجنسية أكثر من جيل".
أعباء اقتصادية
منذ العام 2010 حضّر وزير الداخلية السابق زياد بارود قانوناً في شأن حقّ المرأة في اعطاء جنسيتها لأولادها ورفعه الى مجلس الوزراء ولكنه لم يوضع على جدول الاعمال. يشير بارود الى أن "القانون الذي رفعه يتضمّن ضوابط، ولكن إذا اعتمدنا رابطة الدم فماذا يكون الفارق بين امرأة متزوجة من ياباني وأخرى متزوجة من فلسطيني"؟، مشيراً الى أن "القانون اللبناني يمنح الجنسية للطفل على أساس رابط الدمّ ولكن مرتبطة بالرجل وليس بالمرأة"، لافتاً الى أن "وضع الضوابط لا تعني الغاء الحق، بل يعني عدم السماح بالزيجات البيضاء أي الزواج بين الرجل والمرأة فقط من أجل الحصول على الجنسية، ولكن هنا لا نتحدّث عن الجنسية للطفل وليس في مثل الحالات في لبنان". في المقابل يشير عجاقة الذي يؤكد وقوفه الى جانب منح الام جنسيتها لأطفالها الى أن "تطبيق النظرية الاقتصادية على كل أنواع الهجرة تشدد على ضرورة أن يكون هناك خلل ديمغرافي بالبلد المضيف حتى يهاجر أو ينزح اليه أعداد كبيرة من الناس، أن يكون وضع الماكينة الاقتصادية في البلد المضيف جيدة وتستوعب أعداد المهاجرين وأن يكون عددهم أقل من 1% من عدد السكان سنوياً، وهذا ما لا يحصل في لبنان".
ضوابط على القانون
في سياق آخر، يؤكد بارود أن "هناك مصلحة أن يضع مجلس النواب اطارا لاعطاء الجنسية، وهناك قانون لاعطاء الجنسية صدر عام 1925 وأدى الى منح الجنسية لعدد كبير من الاشخاص في 1994 وهذا الامر أثار بلبلة في حينه، وحان الوقت لنعالج هذه المسألة بما فيها منح الأم جنسيتها لاولادها"، مضيفاً: "إذا كان هناك من مخاوف لها علاقة بالتوطين فالقرار يعود لمجلس النواب أن يضع استثناءات في هذا الاطار كما حصل مثلا في قانون تملك الاجانب". في المقابل يكشف عجاقة أنه "وفي حال اقر قانون منح الام جنسيتها لاولادها دون وضع معايير فإن هذا سيسبب خللا ديمغرافيا بالدرجة الاولى نظراً لكون أغلب المجنسين سيكونون من الفلسطينيين أو السوريين كما سيرتب أعباء إقتصادية لا يمكن تحملها"، مشيرا الى أن "البطالة في لبنان تصل الى 30% ولدى الشباب 50% وفي حال اقر قانون منح الام الجنسية لاولادها فإن فرص العمل ستقلّ وسترتفع البطالة لدى عامة الناس الى 35 % فيما ستصل لدى الشباب الى 60%"، ويضيف: "بالنسبة لمستوى الفقر فإنه يصل في لبنان الى 31.5% ولكن وفي حال اقرّ القانون فإنه سيصل الى 40%".
ان هذا الواقع يجعل من اعطاء حق الجنسية لكل هؤلاء امرا مؤذيا للمجتمع اللبناني، ولكن عدم اعطائها من دون رقابة قاسية قد يضرب لبنان في عمقه بسبب انقساماته فكيف يكون الحل الوسط؟.