لفت البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، إلى أنّ "المعرفة القائمة بين الآب والإبن هي الحقيقة والمحبّة. فالله مصدر كلّ حقّ، والله محبّة (1 يو 4: 7 و 16). هذه المعرفة يُظهرها المسيح، ابن الله المتجسّد، ويكشفها للودعاء والمتواضعين المنفتحة قلوبهم على معرفة سرّ الله ومحبّته؛ وبذلك تنفتح قلوبهم على النّاس الاخوة في حاجاتهم".
وأشار خلال عظتهفي قداس التعاونية اللبنانية للإنماء،إلى أنّه "يسعدنا أن نحتفل بهذه الليتورجيّا الإلهيّة، احتفاءً باليوبيل الفضي للتعاونية اللبنانية للإنماء، وقد مرّت خمس وعشرون سنة على تأسيسها. انطلقت فكرتها من هذا الكرسي البطريركي في عهد سلفنا البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس، مع المرحوم الخوري يواكيم مبارك، وشعارها: "برامج التّمويل الصّغير لتمكين أعمالك الصّغيرة في الرّيف"، مبيّناً "أنّنا إذ نهنّئ التعاونية بيوبيلها، نحيّي رئيس مجلس إدارتها الشيخ فؤاد الخازن، وكلّ أعضاء جمعيتها العمومية، والمؤسسات المانحة، والمتبرعين والعائلات الّتي استفادت من قروضها".
وركّز البطريرك الراعي على أنّ "تهانينا مقرونة بصلاة الشكر لله على قيام هذه التعاونية، وعلى ما تُنجز من خير مع عائلاتنا الّتي تتجذّر في أرض الوطن بعيش كريم، ومقرونة بالدّعاء والتمنّي أن يصبح عدد المنتسبين إليها ألف منتسب وفقًا لشروط الإنتساب، من أجل مزيد من الخدمة لعائلاتنا الّتي أصبحت تفتقر أكثر فأكثر. وإنّنا نقدّم هذه الذبيحة المقدّسة على نيّة التعاونيّة ومجلس إدارتها وجميع المنتسبين إليها، والدّاعمين والمتبرّعين، سائلين الله أن يكافئكم جميعًا بفيضٍ من نعمه وبركاته".
ونوّه إلى أنّ "الطّوباوي أبونا يعقوب حداد الكبوشي أنشأ أكبر المؤسّسات الاجتماعية والتربوية والإستشفائية والصحية، بقوّة نعمة المحبة الّتي كانت تملأ قلبه، كثمرة سجوده المصلّي أمام القربان المقدس، ومن قدّاسه اليومي. وكانت صلاته الدّائمة: "يا روح المحبة، علّمني أن أحيا من حبّك، وأن أرتبط بحبّك، وأن أنشر روح المحبّة"، مشدّداً على أنّ "المحبّة وحدها الطّريق إلى بناء عالم أكثر إنسانيّة وعدالة وأخوّة"، لافتاً إلى أنّ "الكنيسة ملتزمة أبداً بخدمة المحبّة الإجتماعيّة في أبرشيّاتها ورهبانيّاتها، وفي مؤسساتها المتنوّعة، وهي بذلك خير سند للدولة في التّعليم والتّربية، في الإستشفاء والعناية الصحية، في الاهتمام بذوي الحاجات الخاصة كاليتامى والمسنّين وذوي الإعاقة. وهذا من جوهر رسالتها وتعليمها: فخدمة المحبّة هي ثمرة خدمة الكرازة والتّعليم، وخدمة الأسرار التقديسيّة. هذه الخدمات الثّلاث تشكّل أعمدة الكنيسة".
وأكّد الراعي أنّ "الشأن الإجتماعي واجب رئيس على الدّولة، لأنّه الغاية من العمل السياسي الهادف إلى خدمة المواطنين كلّهم، وتوفير عيشهم الكريم، بتأمين جميع حقوقهم الأساسيّة وهي السّكن والطّريق والماء والكهرباء والغذاء والتّعليم والدّواء والعمل"، مشدّداً على أنّه "لا يمكن القبول بمسؤولين سياسيين، مؤتمنين على مقدرات البلاد ومرافقها ومالها، يهملون هذا الواجب. ولا يمكن القبول بمسؤولين سياسيّين لا يعنيهم سوى تأمين مصالحهم الخاصّة والفئويّة، ويهملون مصالح الشعب حتّى إفقاره. ولا يمكن القبول بالتّلاعب بمصير مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الحكومة الّتي أصبح تأليفها اليوم رهينة المشادّات بين الكتل النيابية والحزبية والمذهبية، خارجاً عن روح الميثاق الوطني".
وبيّن أنّه "يأتي الأدهى المعيب، وهو هذا التّراشق الكلامي المسيء للغاية بين بعضهم البعض على حساب كراماتهم الشخصيّة وكرامة لبنان وشعبه وسمعته، فضلاً عن كونه مسيئًا لانتظارات أجيالنا الطّالعة، ومخيّبًا لآمال الدول الصديقة الّتي عقدت في الشهرين السابقين مؤتمرات لدعم لبنان في نهوضه الإقتصادي وتمكين جيشه وأجهزته الأمنية".