يُعتبر الصراع بين ​المختارة​ ورئاستي الجمهورية والحكومة مزمن، وهو بدأ منذ استقلال ​لبنان​ ولم يتوقف خلال كل العهود. فكانت الست نظيرة والدة الزعيم الدرزي ​كمال جنبلاط​ اول من دشّن هذه الظاهرة وتولى المهمّة بعد ذلك كمال بك، ويتابع من بعده ​وليد جنبلاط​ النمط نفسه.

وتقول مصادر سياسية مخضرمة ان احد اهم اسباب هذه الظاهرة ربما يكون نابعا من شعور لدى جميع الذين تعاقبوا على الزعامة الجنبلاطية، ان سقف حضورهم السياسي هو الوزارة، خصوصًا وأنهم يعتقدون أنّ دورهم في هيكليّة الدولة ومناصبها يجب ان يكون اكبر من ذلك.

وتروي المصادر انه في بداية ومرحلة الاستقلال وقفت الست نظيرة جنبلاط مع حليف الفرنسيين اميل أده ضد الشيخ بشارة الخوري، لان هذا الاخير كان زعيما مسيحيا قويا ونسج علاقات متينة مع زعيم سنيّ آخر هو رئيس الحكومة الراحل رياض الصلح، وبالتالي انتفت في حينه مقولة ان الأقليّة الدرزية هي بيضة القبّان في أيّ خلاف سياسي بين الرئاستين الاولى والثالثة، لا سيّما في تشكيل الحكومات او الانتخابات الرئاسية او في اي اصطفافات سياسية اخرى.

وذكّرت المصادر بالمراحل التي أدّت الى انتخاب الراحل كميل شمعون رئيسا للجمهورية ضد الزعيم الماروني حميد فرنجية، على اعتبار ان الاول برأي جنبلاط والحركة الوطنية هو"فتى العروبة الأغر"، ثم ما لبث ان انقلب عليه وحمل السلاح ضده في ما عرف حينه بثورة ٥٨.

والمعروف ايضا بحسب المصادر ان كمال جنبلاط كان من ابرز المؤيدين لانتخاب فؤاد شهاب رئيسا للجمهورية. ولكن وفي عز العلاقات الاميركية الجيدة مع لبنان، لجأ الزعيم الدرزي الى التركيز على عناوين دولية كبيرة يعرف انها تزعج العهد سعيا منه الى نيل مطلب انتخابي او تعيين شخص ما. والجميع يذكرون أن جنبلاط كان في لقاءاته مع رئيس الجمهورية يخرج من جيبه ورقة مُتخمة بالعناوين، كالمطالبة بالاعتراف بالصين الشعبيّة في حينه، او الوقوف مع الاتحاد السوفياتي السابق في ملف ما، او البحث في تغيير هوية لبنان ليصل في قعر الورقة الى مطالبه الحقيقية، التي عادة ما تكون نقل موظف ما او تعيين آخر. ومع ان العلاقات مع العهد الشهابي كانت جيّدة لكن جنبلاط اقترع ضد مرشح الشهابيّة الرئيس الراحل الياس سركيس لصالح سليمان فرنجية، الذي انتهى عهده بالحرب اللبنانيّة، مع ما رافقها من تقلبات في مواقف المختارة وما أدّت اليه من نتائج كارثية على الزعامة الدرزية وعلى لبنان.

اليوم التاريخ يعيد نفسه مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وموقفه المعادي لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي يفضّل ان تتمثل ​الطائفة الدرزية​ في الحكومة المقبلة بجناحيها اليزبكي والجنبلاطي، وهو المُنزعج من التقارب الإرسلاني من العهد وسيده .

وتعتقد المصادر ان هجوم وليد جنبلاط على العهد بحجة انه يريد اعادة ​النازحين السوريين​ الى بلادهم، ليس حفاظا على أمن هؤلاء، خصوصًا مع وجود تقارير تشير الى ان أغلبيتهم من انصار النظام (وقد ظهر ذلك في الانتخابات الرئاسية السورية الاخيرة)، بل لانه غير قادر على توجيه الانتقادات لـ"حزب الله" الذي واجهه في ٧ أيار والذي ساند ​النظام السوري​، وحل محلّ المختارة في العلاقات مع ​سوريا​ التي كانت من اهم اسباب دخول الاشتراكيين والحركة الوطنية في الحرب اللبنانيّة.

وترى المصادر ان انحسار دور المختارة اقليميّا وعربيّا وحتى محليّا، جعل من الصعب على زعيمها اليوم مواجهة قوى اخرى محليّة، فرأى في الخصومة مع رئيس الجمهورية المسيحي القويّ منصّة لشدّ عَصب الانصار في مرحلة انتقال الزعامة الى ابنه تيمور .