خلال الإستشارات النيابية الملزمة التي أجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كان رئيس حزب الكتائب وكتلته النيابية، النائب سامي الجميل من بين الذين سمّوا رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري لتشكيل الحكومة، متحدثاً عن فرصة يريد أن يعطيها للحريري، وذلك بعد قطيعة سياسية بين الصيفي وبيت الوسط مارس فيها حزب الكتائب كل أنواع المعارضة ضد حكومة الحريري الثانية، التي دخلت مرحلة تصريف الأعمال بعد الإنتخابات الأخيرة. فهل قرر الجميل العودة الى السلطة من بوابة حكومة الحريري الثالثة فقرر مسايرة رئيسها المكلف تشكيلها؟ أم أنه أراد أن يبعث برسالة إيجابية الى التيار الأزرق بهدف فتح صفحة جديدة معه بعد الإنتخابات النيابية التي مُني بها حزب "الله-الوطن-العائلة" بخسارة أدت الى تراجع عدد نواب كتلته من ٥ الى ثلاثة فقط؟.
في المعلومات التي ترشح من خلف جدران بيت الوسط، يتبين أن الفرصة التي قال الجميل إنه يريد إعطاءها للحريري لم تترجم بعد في عملية تشكيل الحكومة، وفي هذا السياق يكشف المقربون من الحريري أن "المسودة التي وضعها الحريري لتوزّع الأحجام على الكتل الأكثر تمثيلاً لم تخصص مقعداً مسيحياً لحزب الكتائب"، وبحسب المعلومات فقد توزعت المقاعد المسيحية الـ١٥على الشكل التالي: مقعدان لرئيس الجمهورية، ٦ مقاعد لتكتل "لبنان القوي" الذي يمثّل التيار الوطني الحر وحلفاءه، ٤ مقاعد لتكتل القوات اللبنانية وحلفائها أو "الجمهورية القوية"، مقعد لتيار المستقبل بدلاً من المقعد السني الذي سيحصل عليه رئيس الجمهورية، مقعد للتكتل الوطني الذي يضم تحالف المرده مع النواب فريد هيكل الخازن ومصطفى الحسيني وفيصل كرامي وجهاد الصمد إضافة الى مقعد أخير "يترك الحريري مسألة حسم من سيملأه لمفاوضات اللحظات الأخيرة" يقول مصدر متابع لمشاورات التأليف.
في المقابل، لا تربط مصادر الكتائب فرصتها الإيجابية لرئيس الحكومة المكلف بمسألة مشاركتها في حكومته، وتقول على هذا الصعيد، "مشاركة الحزب مرهونة بالتوازنات التي يجب أن تحترم داخل الحكومة، وإذا كان يسيطر عليها فريق واحد كما هو الحال في حكومة تصريف الأعمال الحاليّة، فمن الأفضل ألا نكون ضمن تشكيلتها بغض النظر عن الحقيبة التي ستعرض علينا وحجمها السياسي".
بهذه المقاربة الكتائبية لعملية التشكيل، ترى أوساط معنية بالملف أن حزب الكتائب يعرف أنه في ظل التنافس المسيحي–المسيحي القائم على الحقائب بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، لن يحصل على الحصة التي يريد، وبالتالي يبدو أنه ترك لنفسه مخرجاً سياسياً لعدم مشاركته، يحفظ له أمام جمهوره ماء الوجه، ولا يعيده الى مرحلة التراشق السياسي مع الحريري، على إعتبار أن حجة عدم المشاركة لن تكون إتهام رئيس الحكومة المكلف بإقصائه، بل عدم إقتناع الحزب بشكل الحكومة التي يهيمن عليها فريق على آخر.
إذاً الكتائب ستكون خارج الحكومة على الأرجح، فهل سيتعاطى الحزب مع الحكومة المقبلة بالمعارضة عينها التي إنتهجها مع الحكومة الحالية قبل أن تصبح حكومة تصريف للأعمال؟.