اعتادت حركة «أمل» على عقد مؤتمرها العام الدوري كل ثلاث سنوات في سبيل تقييم المرحلة التي تسبق انعقاد المؤتمر، فتؤخذ منها الدروس وتستخلص العبر وتعالج الثغرات ان هي وجدت.
غير ان الظروف والتطورات غالباً ما كانت سبباً في عدم الالتزام بموعد انعقاد المؤتمر العام، وتكاد تكون حركة «أمل» هي الأولى من بين الأحزاب السياسية التي تلجأ إلى المؤتمر العام لإحداث تغيير وإدخال دم جديد على كافة المستويات الحركية من القاعدة حتى رأس الهرم التنظيمي.
يُعد المؤتمر أعلى سلطة حركية تنعقد دورياً، وفي وقت سابق ترأس الرئيس نبيه برّي اجتماعاً في 24 كانون الثاني 2018 للمجلس المركزي للحركة حضره أعضاء هيئة الرئاسة والهيئة التنفيذية والمكتب السياسي والمجلس الاستشاري وقيادات الأقاليم الحركية، وخصص المجلس جلسته لمناقشة الأوضاع التنظيمية في الحركة، حيث قدم آنذاك الرئيس برّي شرحاً مفصلاً للوضع السياسي العام في لبنان والمنطقة وتقرر في ضوء ذلك تأجيل انعقاد المؤتمر العام الـ14 للحركة إلى حدّ اقصاه آذار من العام 2019.
لكن، بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، عقدت هيئة الرئاسة اجتماعاً وبحثت في الوضع الحركي العام وقررت ان يتم تقديم موعد انعقاد المؤتمر وحدد ذلك في أواخر أيلول من العام الحالي، وقد بقي هذا الموعد من ضمن المهلة المحددة سابقاً. وقد بدأ الحديث عن هذا الأمر من كون ان من شروط عقد المؤتمر العام ان تتم الدعوة إليه قبل شهرين كحد أدنى، ويتطلب ذلك لجنة اعداد المؤتمر التي تنظر بالنظام الأساس للحركة لتطويره أو تعديله وقد سمت هيئة الرئاسة أعضاء هذه اللجنة التي هي منكبة الآن على الأعمال التحضيرية مثل توجيه الدعوات واعداد لوائح الشطب، ودراسة المقترحات المقدمة من القيادات الحركية وصياغتها بشكل تكون جاهزة للطرح في المؤتمر. كما ان رئيس الهيئة التنفيذية يعد تقريراً عمّا انجزه من أعمال ومهام في المرحلة الماضية، وكذلك المكتب السياسي، كما يعد رئيس الحركة التقرير العام. كل هذه العناوين تطرح على المؤتمر فتتم دراستها وتتخذ بشأنها القرارات المناسبة من منطلق ان المؤتمر سيّد نفسه.
وفق المعلومات فإن المؤتمر العام لـ«أمل» سيكون مناسبة لتفعيل العمل الحركي، ووضع الخطة والاستراتيجية للمرحلة الفاصلة عن المؤتمر المقبل (وثيقة سياسية، توصيات ملزمة خلال فترة ولاية القيادة الجديدة)، وينتخب المؤتمر هيئة الرئاسة.
وحول ما تم مؤخراً تناوله من ان رئيس الحركة رئيس مجلس النواب نبيه برّي قد طرح منذ مُـدّة طويلة إمكان تخليه عن رئاسة الحركة للشخص المناسب وان يستمر في رعاية شؤونها من خلال ترؤسه لها فخرياً، تسارع مصادر حركية إلى التأكيد بأن هذا الأمر غير مطروح ما دامت لجنة الاعداد لم تقدّم اقتراحات، واي اقتراحات لهذه اللجنة تبقى خاصة إلى حين انعقاد المؤتمر ولا أحد باستطاعته قبل ذلك الاطلاع عليه، مشيرة إلى ان «حكي السرايا غير حكي القرايا».
ومن المقرّر ان يناقش المؤتمر السياسات الماضية التي اتخذت، كما انه يبحث في المستجدات السياسية ويضع خطة عمل تكون بمثابة خارطة طريق للقيادات الجديدة، وفي الشأن التنظيمي فإنه سيعمل على تفعيل العمل وإعادة هيكلة بعض الهيئات الحركية بما يتناسب والضرورات. والمؤتمر العام بالتأكيد لا يقتصر عمله على الشأن الداخلي بل سيتناول كل القضايا على المستوى الإقليمي والدولي، لكن عنوانه الأوّل يبقى قضية الامام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمّد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين.
وعن اسم المؤتمر تقول المصادر انه من المبكر تسمية المؤتمر ووضع شعاره وموعد انعقاده، مشيرة إلى ان لجنة المؤتمر عقدت اجتماعها الأوّل في شهر رمضان المبارك.
وتلفت المصادر الحركية إلى انه انطلقت ورشة عمل حقيقية لتنظيم عمل المؤتمر، من دون ان تستبعد حصول تغييرات على المستوى التنظيمي.
وحول ما يطرح عن وجود توجه لخلافة رئيس الهيئة التنفيذية في الحركة محمّد نصر الله الذي أصبح نائباً في البرلمان، تؤكد المصادر ان هذا الموضوع سيطرح حكماً في المؤتمر الذي وحده يُقرّر هذا الأمر، وهذا الموضوع يطرح من باب ان نصر الله أصبح نائباً والنائب حكما يصبح عضوا في المكتب السياسي، والمؤتمر العام في ضوء ذلك يُقرّر ان يبقى في موقعه أو ينتخب بديل عنه.
وتلفت المصادر الانتباه إلى ان المؤتمر العام لا يأتي نتيجة اخفاقات أو بروز سلبيات تنظيمية لا سمح الله، بل انه يدل على حيوية الحركة وقدرتها على العمل التنظيمي وعلى تحقيق الأهداف الموضوعة بناء على استراتيجيات، مشددة على ان المؤتمر سينتج عنه بالطبع ضخ دم جديد في الحركة على مستوى القيادات العليا والقيادات الوسطية وصولا إلى الخلايا، وهذا الأمر لا تستطيع كل الأحزاب السياسية القيام به دورياً كون ان المؤتمر العام هو أعلى سلطة في التنظيم ويستطيع المحاسبة على الأداء إيجاباً أو سلباً.
اما على مستوى المشاركة والحضور، فإن القاعدة الحركية لا تشارك كلها في هذا المؤتمر، وينحصر ذلك في الهيئات المركزية الثلاث، وأعضاء المجلس الاستشاري إضافة إلى أعضاء الأقاليم والمناطق الحاليين، فضلا عن الفئات الأوّلى السابقين والذين يضمهم تلقائياً المجلس الاستشاري، اما القاعدة الحركية فتلجأ إلى انتخابات لا مركزية على مستوى الشعب والمناطق والاقاليم. ويستهل المؤتمر بالاستماع إلى تقارير الهيئات الأساسية الثلاث، تطرح فيه هيئة الرئاسة والمكتب السياسي المجريات السياسية وتنبثق عن ذلك وثيقة سياسية يتم التصويت عليها تشكل العناوين الرئيسية للمرحلة المقبلة ولا سيما في ما خص التحالفات السياسية التي تفرضها المرحلة المقبلة.
اما الهيئة التنفيذية فإنها تعرض الإنجازات الحركية في الفترة السابقة التي فصلت بين المؤتمرين الثالث عشر والرابع عشر. تتم بعدها مناقشة التعديلات المقترحة للنظام الداخلي ان هي وجدت وتقر بالتصويت بالاغلبية المطلقة، يتحوّل بعدها المؤتمر بشكل تلقائي إلى هيئة انتخابية يتم فيها انتخاب الهيئات من الرئاسة إلى أعضاء الهيئات وما دونها بما يفرضه النظام الأساسي للحركة.
مع الإشارة إلى انه تولى مؤسس حركة «امل» الامام موسى الصدر رئاستها في العام 1974 حتى اخفائه في ليبيا في آب من العام 1978، بعدها انتخبت قيادات الحركة الرئيس حسين الحسيني أميناً عاماً لها، قبل ان تنتخب الرئيس نبيه برّي رئيساً للحركة في 4 نيسان من العام 1980 وهو ما زال رئيساً حتى الآن بناء على تجديد انتخابه في المؤتمرات الحركية السابقة.