بعدما حسم القرار على صعيد تيار المستقبل وحزب الله والقوات اللبنانية بإعتماد فصل النيابة عن الوزارة، باتت الأنظار السياسية متجهة نحو التيار الوطني الحر، الذي لطالما كان ينادي في السنوات الماضية بإعتماد هذا الفصل، ولم يعد لخصوم التيار في السياسة إلا سؤال واحد يطرح، كيف للتيار الوطني الحر الذي يرفع راية التغيير والإصلاح أن يغض النظر عن تدبير إصلاحي كهذا؟.
إذاً ما الذي يمنع القيادة البرتقالية من إتخاذ قرار كهذا؟ ولماذا الحديث في الآونة الأخيرة عن إحتمال تطبيق هذا المبدأ جزئياً مع بعض الإستثناءات وعلى رأسها رئيس التيار النائب جبران باسيل؟.
أسئلة لا تحرج العونيين أبداً ولكل تفصيل فيها جوابه، وفي هذا السياق، يقول نائب حزبي في تكتل "لبنان القوي"، "لطالما كنا أم الصبي في هذا الموضوع، وتكتلنا النيابي الذي كان يحمل إسم تكتل "التغيير والإصلاح"، هو من قدّم في العام ٢٠٠٩ إقتراح قانون يرمي الى فصل النيابة عن الوزارة، ولسنا نحن من عرقل إقرار هذا الإقتراح كي يصبح قانوناً نافذاً مفروضاً على جميع الأفرقاء، ولكن أن يصبح الإقتراح قانوناً شيء، وأن يطبق اليوم في السياسة ومن دون قانون بشكل إنتقائي شيء آخر كلياً". ويتابع "لماذا لم يطالب المزايدون علينا اليوم منذ سنوات بإقرار الإقتراح المقدم من قبلنا؟ أو على الأقل هل إطلعوا على نصه وحيثياته التي وضعت بمهنية تامة، وعلى ما تضمنه حيال وجوب أن يكون هناك نائب رديف لكل نائب يصبح وزيراً بما أن الدستور اللبناني لا يمنع النائب من الجمع بين النيابة والوزارة"؟.
في المحصلة، لم يعلن تكتل "لبنان القوي" بعد موقفه الرسمي من فصل النيابة عن الوزارة، لكن مصادره ترجح عدم إعتماد هذا المبدأ كونه لن يكون معمماً على الجميع بفعل القانون، ولأن هناك بين الأفرقاء من يصر على توزير "الصقور" بين صفوفه، بينما يطلب من التيار وغيره توزير "الحمائم"، وعندها تكون النتيجة على الطاولة الوزارية كارثيّة على من يوزر شخصيات غير ملمّة بالملفات الأساسية المطروحة، وغير قادرة على مقارعة صقور الآخرين عندما يدور سجال على ملف ما".
من هنا قد يعيد التكتل توزير رئيسه وزير الخارجيّة في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل من جديد، كونه المطلع على كل الملفات في مجلس الوزراء منذ المشاركة الأولى للتيار الوطني الحر في الحكومة، ومن هنا أيضاً قد يقع خيار التيار أيضاً على وزراء سابقين له نجحوا في مواقعهم، لتمثيله في الحكومة المقبلة التي يعمل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على تشكيلها. أضف الى ذلك أن قيادة التيار قد تعلمت درساً من الحكومة الماضية، وهو أن نجاح الوزير يبقى مرتبطاً الى حد ما بشخصه مهما حصل على الدعم السياسي المطلوب من فريقه، وهناك أكثر من وزير في حكومة تصريف الأعمال، حصل على دعم التيار بعد تسميته لكنه لم ينجح في المهمة الملقاة على عاتقه، وهذا ما دفع قيادة التيار الى البحث جدياً بإستبدالهم بآخرين يوم طرحت مسألة التبديل في الأشخاص والحقائب.