لم تعد المساحات الخضراء التي تغطي المناطق اللبنانية كبيرة وكلّ ذلك يعود الى أيادي البشر التي تشوّه الطبيعة، وقرية زندوقة في بعبدا واحدة من القرى التي لا تزال تتزّين باللون الأخضر نتيجة الجبال والأحراج وقلّة وجود الكثافة السكانية فيها ولكن ها هو التشوه يطل برأسه في ذلك المكان!.
حين تقصد منطقة برمانا الشرقية وتتوقف في نقطة معيّنة وتنظر أمامك ناحية الوادي تجد منطقة حرجيّة خضراء تكاد تكون لوحة مرسومة، لو لم تشوهها حفريات طريق يصل عرضها الى حوالي ثمانية أمتار فيما تبلغ مساحة المنطقة المشوّهة حوالي أربعة آلاف متر مربع.
بلدية رأس المتن مسؤولة!
"حينما تسأل عن جغرافية الرقعة يأتيك الجواب فوراً أنها لا تتبع لزندوقة بل لخراج منطقة رأس المتن، رغم أن المدخل الى هذه الرقعة هو عند مدخل زندوقة قرب محطة البنزين"، بحسب ما تشير مصادر مطلعة عبر "النشرة"، لافتةً الى أن "الردميّات لا ترمى في المساحة الحرجيّة عن عبث أو بشكل عشوائي، فهذه المنطقة عملياً لا يمكن لأي كان أن يدخلها ويرمي فيها، لوجود بوابة مقفلة يقف عليها شرطي بلدي"، مشيرةً الى أن "الشاحنات تدخل الى هذه المساحة وترمي الردميات التي تحملها مقابل بدل مالي ربّما"، ومشددةً على أن "بلدية رأس المتن تحفر طريقا في الجبل لتصل الى عمق الوادي"، ومضيفةً: لا أحد يعرف ما هو المشروع المنوي القيام به هناك، ولكن الأكيد أنه مكبّ لرمي الردميّات وهو ملك لبلدية رأس المتن التي حاولت "النشرة" الاتصال برئيسها مروان صالحة ولكنها لم تلقَ جواباً.
شكوى بيئية
إزاء التشوّه الحاصل للبيئة هناك وصلت شكوى من وزارة البيئة الى محافظ جبل لبنان السابق بالوكالة منصور ضو بتاريخ 10/07/2017 وجاء فيها أنه "واستناداً الى القانون رقم 251 تاريخ 15/04/2014 (تخصيص محامين عامين متفرغين وقضاة تحقيق لشؤون البيئة)، المرسوم الاشتراعي رقم 118 تاريخ 30/06/1977 قانون البلديات، المرسوم 8735 تاريخ 23/08/1974 (المحافظة على النظافة) نطلب من المسؤولين المعنيين اتخاذ الإجراءات الفورية لوقف أعمال رمي الاتربة والنفايات والردميّات على جوانب الطريق، الذي تم شقه، كما وإزالة التعديّات واحالة الملف الى الجهّات المعنية لإجراء المقتضى القانوني وذلك لحماية البيئة من أي تشوّه". وتشير مصادر بيئية الى أنه "ورغم ورود الشكوى الى المحافظ ضو وقتذاك، إلا أن شيئا لم يتغيّر في المسألة فأعمال الردم لا تزال قائمة كما كانت وأكثر، ومن يراقب صور الأقمار الإصطناعية يدرك أن مساحة ردم الحفريات إتّسعت ما يعني أن الأعمال مستمرّة". أما مصادر أخرى فلفتت الى أن "الاعمال توقّفت لبعض الوقت ثمّ عادت واستكملت من جديد".
أخطار الردميات
أمام هذا الواقع تشرح المصادر عبر "النشرة" أن "جزءا من المساحة التي ترمى فيها الأتربة تفوق بأضعاف مساحة المقلع والتدمير الذي يمكن أن ينجم عنه"، مشيرة الى أنه "وفي حال احتسبنا المساحة التي تعرّضت للأذى، فهي تفوق 4 مقالع وهي تحتاج الى سنوات لإعادة تشجيرها من جديد"، مشددا على أن "المقلع يزيل كميّة محدودة من الأشجار ولا ترمى الردميات على الرقعة الخضراء التي لها علاقة بجلب الأمطار، وهي بيت لكل التنوّع البيولوجي للطيور والحيوانات وغيرها كما تساهم بالحدّ من إنجراف التربة".
لا أحد يمكن أن يتكهّن بما يمكن أن يخطط له المسؤولون عن أعمال الردميات في المنطقة بين زندوقة ورأس المتن، فهل هو مشروع خاص أو شيء آخر، الا أن الاكيد أن خلف هذه الأعمال من النافذين الّذين يساهمون وبشكل مخالف للقانون بـ"جريمة بيئية" تقضي على ما تبقى من مساحات خضراء في بلد يكاد يصيبه بعض المسؤولين بالتصحّر جرّاء فسادهم ومخالفاتهم!.