أصدر النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود تعميماً إلى قضاة النيابات العامة، يتعلق بمتعاطي المخدرات، طلب فيه عدم توقيف المتعاطي في حال إقتصار الملاحقة على هذا الجرم، على أن يحال فوراً على لجنة الإدمان على المخدرات، نظراً إلى أن أحكام قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 673، الصادر في 16-3-1998، تنص على أنه "اذا ثابر المدمن على العلاج حتى الاستحصال من اللجنة على شهادة تثبت شفاءه بناء على تقارير ادارة المصح والطبيب النفساني، يبلغ ذلك إلى المرجع القضائي الواضع يده على القضية فيقرر وقف التعقبات نهائيا عنه، اما اذا انقطع المدمن عن متابعة العلاج أو تمنع عنه، فيبلغ الأمر إلى المرجع القضائي لاستئناف ملاحقته ومحاكمته من النقطة التي توقف عندها".
في هذا السياق، يوضح مصدر أمني متابع لهذا الملف، عبر "النشرة"، أنه عند إلقاء القبض على أي متعاطٍ عادة يتم توقيفه ما بين 24 و48 ساعة، في حين يتم الإفراج عنه بعد ذلك من دون متابعة، لافتاً إلى أن التعميم الصادر عن النائب العام لدى محكمة التمييز، الذي يطبق أحكام القانون النافذ، يشدد على ضرورة المتابعة من قبل لجنة الإدمان، وهو أمر بالغ الأهمية خصوصاً أن الإفراج عن المتعاطي كان يحصل في معظم الأحيان من قبل القطاعات التي توقفه، من دون أن يحوّل إلى مكتب مكافحة المخدرات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.
وفي حين يأمل هذا المصدر أن يتمّ تنفيذ هذا التعميم بشكل جدّي، لا سيما أن عدد مراكز المعالجة في لبنان غير كافٍ، وبالتالي من المفترض رصد موازنات لهذه الغاية، يشدد على أنه من الأفضل بالنسبة إلى المتعاطي أن تتم متابعة حالته، بوصفه مريضاً، كي يصل إلى مرحلة الشفاء، بدل أن يتم توقيفه لمدة 24 ساعة فقط، ومن ثم يتم الإفراج عنه من دون أي متابعة، لا سيّما أن إعادة طلب حضوره للقيام بفحص طبي كل شهر، يثبت عدم عودته إلى تعاطي المخدرات، لا تتم في الكثير من الأحيان، لكنه يوضح أن هذا الأمر يتطلب تفعيل دور لجنة الإدمان غير المفعّلة عملياً.
في هذا الإطار، تضم لجنة مكافحة الإدمان على المخدرات قاضٍ من الدرجة الحادية عشرة وما فوق رئيساً، بالإضافة ممثل عن وزارة الشؤون الإجتماعية وطبيب من وزارة الصحة وممثل عن المديرية المركزية لمكافحة المخدرات، وشخص من المهتمين بشؤون المخدرات في المؤسسات الخاصة.
من جانبه، يشدد الأب مروان غانم رئيس جمعية "نسروتو"-"علية إبن الإنسان" التي تعالج المدمنين على المخدرات، ورئيس أخوية السجون في لبنان، في حديث لـ"النشرة"، على أهمية هذا التعميم، لأنه يؤكد أن متعاطي المخدرات مريض ومكانه مركز المعالجة لا السجن، وبالتالي هو يقدّم له فرصة جديدة كي يصلح وضعه.
ويلفت الأب غانم إلى أن لجنة مكافحة المخدرات تم تفعيل دورها في عهد وزير العدل السابق شكيب قرطباوي لكنه تراجع بعد ذلك، مشيراً إلى أن ليس جميع القضاة كانوا متعاونين في الفترة السابقة، حيث كان التوجّه نحو حبس المتعاطي، متمنياً أن يتبدل هذا الواقع في المرحلة المقبلة، خصوصاً أنه بمجرد دخول الشخص الذي يتعاطى المخدرات إلى مركز المعالجة يكون قد أصبح على الطريق السليم، بينما لا يمكن معرفة المصير الذي سيكون عليه في السجن.
في المحصلة، هي فرصة جديدة تمنح لمتعاطي المخدرات لإصلاح وضعه، لكن هذا الأمر يتطلب الإستمرار في عملية متابعة العصابات والتجار الكبار، لأن هؤلاء هم الخطر الحقيقي على المجتمع.