في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى القمة المرتقبة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، يخوض الجيش السوري معارك كبرى في جنوب البلاد بهدف إعادة السيطرة الحدود مع الأردن، لا سيما معبر نصيب الحدودي، الذي يشكل أهمية بارزة بالنسبة إلى عمان ودمشق.
القمة المرتقبة من المفترض أن تعقد في السادس عشر من تموز المقبل، بحسب ما أعلن الكرملين، في العاصمة الفنلندية هلنسكي، وستناقش الفرص المستقبلية لمزيد من تطوير العلاقات الروسية-الأميركية، وكذلك القضايا الراهنة في جدول الأعمال الدولي، ومن المؤكد أن الأزمة السورية لن تكون خارجها، لا سيما أنها كانت جزءاً أساسياً في القمتين السابقتين بين الرئيسين.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن من الواضح وجود "تخلٍّ" من الجانب الأميركي عن الفصائل العاملة في الجنوب السوري، وهو ما يتأكد من خلال رسائل التي أرسلتها واشنطن إليهم، والتي تدعوهم فيها إلى عدم الرهان على تدخلها في المعارك الدائرة مع الجيش السوري، حيث أشارت إلى أن "الأمر يعود إليهم فقط في اتخاذ القرار السليم بشأن كيفية مواجهة الحملة العسكرية التي يشنها الجيش السوري بناء على ما يرون أنه الأفضل بالنسبة لهم ولشعبهم".
في الجهة المقابلة، يُصر الجانب الروسي على الحفاظ على منطقة خفض التصعيد القائمة في الجنوب السوري، التي تشمل كل من درعا والقنيطرة والسويداء، بموجب الإتفاق المبرم مع الولايات المتحدة، بحسب ما تؤكد المصادر نفسها، على عكس ما روج مؤخّرًا أنها لم تعد قائمة، لكنها في المقابل تشدد على أن وقف إطلاق النار لا يشمل تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة" الإرهابيين، الأمر الذي يُفسر مشاركتها في العمليات العسكرية القائمة، بالتزامن مع إعلانها أن فصائل "الجيش السوري الحر" تريد القتال إلى جانب الجيش السوري ضد المنظمات الإرهابية.
في ظل هذه الوقائع، تشير هذه المصادر إلى أن الحكومة الأردنية، على ما يبدو، تريد وصول الجيش السوري إلى المناطق الحدودية بين البلدين، لا سيما أن الخسائر التي تعرضت لها بسبب إغلاق معبر نصيب كبير جداً، وبالتالي لها مصلحة إقتصادية في إعادة فتح الحدود البلدين، وأخرى أمنية عبر فرض جهة نظامية سيطرتها، بالرغم من أنها تعلن رغبتها بالوصول إلى وقف لإطلاق النار، على إعتبار أنها تفضل الحل السلمي الّذي يمنع تدفّق المزيد من النازحين نحو أراضيه، مع العلم أنها أعلنت بشكل رسمي إغلاق الحدود بوجه هؤلاء، الأمر الذي يُفسر ذهاب الفصائل المعارضة التي تدور في الفلك الأردني إلى خيار التسوية مع الجيش السوري.
في هذا الإطار، يبقى السؤال الأساسي حول موقف الجانب الإسرائيلي من هذه التطورات، خصوصاً أنه كان يسعى طوال الأشهر السابقة إلى ضمان مصالحه الأمنية في حال عودة الجيش السوري إلى السيطرة على المناطق الحدودية مع الأردن ومع الجولان السوري المحتل، حيث تشدد المصادر السياسية المطلعة على أن تل أبيب لا تزال في موقع المتفرج على ما يحصل على المستوى العسكري، لكنها من ناحية أخرى تقدم الدعم إلى بعض الفصائل المسلحة التي تدور في فلكها، بينما توجه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي إيزنكوت، يوم الخميس الفائت، إلى واشنطن، لمناقشة تطورات الحرب في سوريا مع نظيره الأميركي جوزيف دونفولد.
في المحصلة، العنوان الأساسي للمعركة في الجنوب السوري، هو أن الجيش سيعود إلى السيطرة على المناطق الحدودية، والمسألة لم تعد إلا مسألة وقت فقط، على أن تكشف الأيام المقبلة عما إذا كان هناك ثمن معين لذلك أم لا.