ذكرت "الاخبار" انه غداة قدومه إلى وزارة الاتصالات، وتحديداً مع بداية عام 2017، وبحجة إجراء تدقيق تقني ميداني في البنية التحتية لشبكة الإنترنت اللبنانية التي بنتها وتشغلها هيئة أوجيرو، استقدم وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جمال الجراح، ومستشاره نبيل يموت، شركة أميركية متخصصة في شبكات الخدمات الرقمية تدعى (ACUATIVE). هذه الشركة لم يسبق لها أن عملت أو تعامل معها أحد في لبنان، ولا تمثيل رسمياً لها ولا وجود لها في السجل التجاري اللبناني، أي إنها غير معروفة في لبنان إطلاقاً، ما يجعل التعاقد معها مباشرة من قبل وزارة الاتصالات غير جائز، نظراً إلى أن القوانين اللبنانية لا تسمح بذلك.
لكنّ الوزير جمال الجراح ومستشاره قاما بإستدعاء فرع الشركة الموجود في مدينة الرياض في السعودية، وتم الاتفاق معها مباشرة على دراسة تصاميم الشبكة اللبنانية للإنترنت وإجراء تدقيق وتحليل تقني على كل تجهيزاتها. ولكي يكتمل المشهد، تمّ الاتفاق بالتراضي مع الوزارة، من دون عرض الاتفاق المذكور على ديوان المحاسبة، ومن دون أن يمر عبر هيئة أوجيرو، وبقي اتفاقاً سرياً مع الشركة لا يعلم أحد من يدفع أتعابه ومن يموّله، ولا يملك أحد في أوجيرو أو الوزارة نسخة عنه، وهو غير مسجّل لدى الدوائر المختصة في وزارة الاتصالات.
ومع بداية شهر شباط 2017 وصل الطاقم الأجنبي لشركة "ACUATIVE" الأميركية إلى لبنان، وعقد اجتماعات في مكتب الجراح، وبحضور يموت، ومدير عام هيئة أوجيرو عماد كريدية، مع بعض المديرين في الوزارة والهيئة. وأمام الهامش الممنوح للشركة الأميركية، أبدى عدد من المديرين في أوجيرو تحفظهم على تسليم المعلومات السرية والخرائط الهندسية وكلمات السر وبيانات التشغيل والنظم العملانية والبرمجيات إلى الشركة المذكورة، على اعتبار أن ذلك يكشف شبكة الإنترنت اللبنانية وأسرارها ومفاتيحها أمام شركة أميركية تريد نقل جميع هذه المعلومات إلى خارج لبنان، خصوصاً أنه لا يوجد مع الشركة أي عقد اتفاق يلزمها بالحفاظ على سرية المعلومات أو أيّ آلية تنص على بنود جزائية في حال مخالفة أمور معينة. (Non-Disclosure Agreement).
ورأى المديرون أن دخول الشركة على هذا النحو إلى أنظمة المعلوماتية التشغيلية ضمن شبكة هيئة أوجيرو، إنما يسمح لها بالدخول إلى نظام البريد الإلكتروني الداخلي ومعرفة آليات عمله ومضمون البريد الإلكتروني الصادر والوارد، ومعرفة عناوين ومفاتيح السر لجميع العلب الهاتفية البريدية الإلكترونية للعاملين في الهيئة، وإمكانية التلاعب بها واستخدامها. كما أن ذلك يهدّد أمن وسلامة شبكة الإنترنت اللبنانية وبريدها الإلكتروني ويعرضهما للخطر، ويسقط كل التحصينات التقنية العائدة لهذه المنظومات الرقمية ويضع مفاتيحها وبيانات تشغيلها (Network Configuration Data) بيد شركة أميركية تريد إخراج هذه المعطيات خارج لبنان، ولا أحد يستطيع أن يقيّدها بوجهة الاستخدام.