إسرائيل تستنفر أجهزتها لمواجهة هزّة أرضيّة مدمّرة. هذا هو عنوان معظم الصحف ونشرات الاخبار العربية والعبرية.
الإسرائيليون عقدوا اجتماعات طارئة بحثوا خلالها بمخاطر متوقعة، بعد حدوث هزّات أرضية متتالية منذ أيام، يُتوقع أن تُستتبع بهزات أخرى، قد تحدث إحداها بدرجة عالية تصل الى ست على مقياس ريختر.
الاستنفار الاسرائيلي يهدف الى تجهيز الجبهة الداخلية، والاستعدادات لمواجهة أي طارئ، "في ظل تأكيدات خبراء بأن اسرائيل غير مستعدة لهزة بقوة ٦ درجات". استحضر الإسرائيليون تقارير صدرت في العقدين الماضيين، حول عدم جهوزية تل ابيب لمواجهة المخاطر، ومعالجة الأزمة التي يمكن ان تفرضها اي هزة كبيرة.
وحسب تقدير تقرير رسمي، فمن المتوقع أن يلقى 16 ألفا من الإسرائيليين حتفهم جراء الهزّة الأرضيّة، كما ستسجل 6 آلاف إصابة خطيرة و83 ألفا إصابتهم ستكون طفيفة، كما من المتوقع إجلاء 377 ألفا بسبب الدمار الذي قد يطال 10 آلاف وحدة سكنية، بينما 20 ألف وحدة سكنية ستتضرر بشكل متوسط. فيما التقديرات تشير إلى أن أكثر من 100 الف وحدة سكنية ستلحق بها الأضرار.
الدراسات تستند الى التاريخ أيضا، الذي شهد وقوع هزة مدمّرة في فلسطين عام 1927، لتصبح الهزة متوقعة قريبا، بعد مضي اكثر من ثمانين عاما، وهو زمن علمي، يتم اخذه بمنهج الدراسات في مقاربة الهزّات التي تحصل في طبقات أرضية مهيأة.
ماذا عن لبنان؟. بغض النظر عن عدم صحة التوقعات، العلميّة والاعلاميّة، بشأن هزّات مرتقبة تصيب لبنان، او يتأثر بها لقربه من طبريا، حيث تتمركز الهزات الأخيرة. هل يستعد لبنان للتعاطي مع أي تداعيات خطيرة محتملة؟ لا وزارة، ولا ادارة تخطيط، ولا امكانيات إداريّة موحّدة، ولا قدرات إنقاذيّة موجودة. اذا كان سقوط مبنى واحد في بيروت، في الاشرفية منذ عامين، وفي برج البراجنة منذ أشهر، إستدعى إستنفار اجهزة الدولة من دون نتائج سريعة ومبهرة، فكيف الحال مع حدوث كوارث أو حوادث؟. ستحل الكارثة فعلا في لبنان، وسيجد المواطنون انفسهم يعتمدون على الجيش وعلى انفسهم. لن يجدوا ادارة لبنانية سليمة لتأمين الحدّ الأدنى من مقوّمات الصمود والمعالجة. ستحل الكارثة فعلا بغياب القدرات التقنية والكفاءات البشرية، وغرف العمليّات الموحدّة. سيجد لبنان نفسه امام كارثة طويلة الأمد.
كل السيناريو المذكور إفتراضي، لكن التحذير واجب، طالما ان هناك استعدادات عالية المستوى تجري في مدن اسرائيليّة تبعد عشرات الكيلومترات عن الأراضي اللبنانية.
اللبنانيون الآن يتجاهلون احتمالات وجود مخاطر حقيقية، لإنشغال السياسيين بالسباق الحكومي والمحاصصات، بينما تهدد الدولة بكل عناصرها، ازمات وجودية، كحال هزة متوقعة بدرجة عالية.
هل بحث السياسيون امر وزارة التخطيط مثلا؟ هل تسابقوا لفرض الاستعدادات؟ هل أمنّوا للدفاع المدني قدرات تقنية مطلوبة، وكفاءات بشرية متروكة من دون توظيف، رغم بت أمرها في مجلس النواب؟.
إن حصلت كارثة في لبنان، لا سمح الله، سيجد المواطنون انفسهم وحدهم، والى جانبهم جيش وطني يترك مراكزه العسكرية لمؤازرة الناس، كما جرت العادة عند حصول ازمات. لكن اذا حصلت هزة يتوقعها الاسرائيليون بحسب مراكز دراساتهم، فإن ذلك، لن يكفي ابداً.
كل المخاطر الطبيعية والإقتصادية تفرض سرعة سياسية لبنانية لبت امر الحكومة اولاً، والانصراف نحو معالجة الازمات، ووضع خطط، ومحاكاة السيناريوهات، ومنها موضوع الهزّات الأرضية. تلك المخاطر لا تتحمل التأخير، ولا الدلع، ولا التجاهل.