أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّ هناك تصعيداً من جانب كلّ من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ناقلاً عن مصادر بعبدا نفيها نفياً قاطعاً ما أثاره جنبلاط عن إقالة حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة، مشدّداً على أنّ الرئيس ميشال عون لا علم له بذلك، وقد فوجئت أوساط بعبدا بكلام جنبلاط في هذا السياق.
وفي حديث إلى تلفزيون "MTV" ضمن برنامج "بموضوعية" أداره الإعلامي وليد عبود، كشف أبو فاضل أنّ السعودية أبلغت رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أنّ وليد جنبلاط وسمير جعجع خط أحمر في مطالبهم وفي دخولهم إلى جنة الحكم، مستغرباً كلام جعجع عن فشل اتفاق معراب وعدم سقوطه وتصويبه في الوقت نفسه على الوزير جبران باسيل رغم التهدئة، مشدّداً على أنّه إذا كان يحق للقوات بأربعة وزراء، فعندها يحق للتيار الوطني الحر بثمانية وزراء.
جعجع أخلّ باتفاق معراب
ورأى أبو فاضل أنّ الدكتور جعجع هو الذي أخلّ أولاً باتفاق معراب حين رشح فادي سعد إلى الانتخابات النيابية في البترون، وأبدى استعداده للتعاون مع الوزير بطرس حرب، وثانياً عندما احتُجِز الرئيس الحريري كما قال الرئيس عون، كان للدكتور جعجع موقف مغاير حين قال إنّه تأخّر ليقدّم استقالته. ولفت إلى أنّ وزراء القوات لم يقبلوا بأيّ مشروع طرحه وزراء التيار الوطني الحر في الحكومة، مشدّداً على أنّهم بذلك لم يلتزموا باتفاق معراب.
وأكد أبو فاضل أنّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي دخل بقوة على خط المصالحة المسيحية، وهو يسعى لاحتواء الخلاف المسيحي، ولكنّه جزم بأنّ اللقاء المرتقب بين كلّ من النائب إبراهيم كنعان والوزير ملحم رياشي في بكركي لن يؤثر على مفاوضات تأليف الحكومة، معرباً عن اعتقاده بأنّ الأجواء سلبية للغاية، متحدّثاً عن عامل إقليمي يفاقم من التشنجات الحاصلة بين مختلف الفرقاء.
اتفاق معراب انتهى؟
ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ التوازن في البلد موجود، ولكنّه أشار إلى أنّ الرئيس ميشال عون لم يقم بعمل مخالف للدستور والقوانين، نافياً أن يكون أحد يمسّ بصلاحيات أحد في عملية تشكيل الحكومة. ورأى أنّ اجتماع رؤساء الحكومة السنّة دعا إليه الرئيس فؤاد السنيورة، مشيراً إلى أنّ حزب الله تمنى على الرئيس عون تمثيل النواب السنة المعارضين للحريري في الحكومة.
واعتبر أبو فاضل أنّ "الديمقراطية تقول إنه يجب أن تشكل حكومة تضم أكثرية وأقلية ومن يقول إن العهد فشل فليرحل من لبنان"، لافتاً إلى أنّ جنبلاط وجعجع يصوّبان على العهد على حد سواء، مقللاً من شأن فصل جعجع بين الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر. وأكد أن الرئيس عون أبلغ جعجع أنه حريص على اتفاق معراب، لكن في اليوم التالي استمر مسؤولو القوات بالهجوم حتى خرج باسيل وتكلم للإعلام، مشيراً إلى أنّ "اتفاق معراب ضرب عندما رمي الى الاعلام وهذا يعني أنّ الاتفاق انتهى".
من حق باسيل أن يدافع عن نفسه
وأكد أبو فاضل أنّ من حق الوزير جبران باسيل أن يدافع عن نفسه في وجه الهجوم الذي تعرّض له من جانب نواب ووزراء القوات اللبنانية، مستهجناً تصوير التيار الوطني الحر وكأنّه يمارس الهدر والفساد، ولفت إلى أنّ هناك هجمة على البلد خلفها السعودية، ملمّحاً إلى أنّهم لا يريدون أن ينجح الرئيس ميشال عون في الحكم، مشيراً في هذا السياق إلى هجوم النائب السابق وليد جنبلاط على العهد بعد الزيارة التي قام بها إلى المملكة العربية السعودية.
وأقرّ أبو فاضل بأنّ جنبلاط هو الأكثر تمثيلاً في طائفته، ولكنه لفت إلى أنّ الأصوات التي أخذها النائب طلال أرسلان والوزير السابق وئام وهاب لا تعطيه الحق باحتكار الساحة الدرزية ككلّ. وشدّد رداً على سؤال على أنّ الثنائي المسيحي يختلف كلياً عن الثنائي الشيعي، وأنّ المقارنة بينهما لا تصحّ، وأكد أنه منذ البداية كان يدعو إلى توسيع المصالحة المسيحية، وعدم تركها حكراً على القوات والتيار.
العهد ينتصر
وأعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ مفعول اتفاق معراب انتهى بالانتخابات النيابية، مشدّداً على أنّ من أخلّ بالاتفاق هم القوات اللبنانية وليس التيار الوطني الحر، موضحاً أنّ الاتفاق ملزم للطرفين بكل بنوده، وبالتالي حين يخلّ طرف ما بأحد بنوده، يسقط الاتفاق تلقائياً ككلّ. وأشار إلى أنّ وزراء القوات كانوا يعارضون وزراء التيار في كل الجلسات، ولفت إلى أنّ العرف يقضي بأنّ مجلس إدارة تلفزيون لبنان يكون تابعاً لرئيس الجمهورية، وبالتالي فإنّ تسمية رئيس مجلس إدارته من حق الرئيس.
وشدّد أبو فاضل على أنّ العهد ينتصر بعكس من يقاتلونه ويهوّلون بالاقتصاد، ونفى أن يكون حليف التيار الوطني الحر، حزب الله، أكبر معارض له ولمشاريعه على طاولة مجلس الوزراء، وأشار رداً على سؤال، إلى أنّ المطلوب ليس أن يبصم الوزراء داخل مجلس الوزراء، ولكن من غير الممكن أن يبدأ التصويب على وزراء العهد منذ اليوم الأول بعد التوقيع على تفاهم معراب.
عون لم يخطئ بشيء
وأكد أبو فاضل أنّ الرئيس عون لم يخطئ بشيء وهو يبذل المستحيل لإنقاذ البلد، مشدّداً على وجود فارق بين الرئيس ميشال عون والرئيس ميشال سليمان، مذكّراً بأنّ الأخير كان له حصّة وزارية وكان يدافع عنها من يستكثرون اليوم على الرئيس عون أن تكون له حصة وزارية في الحكومة.
ونبّه أبو فاضل إلى وجود حملة تهدف إلى إبقاء النازحين السوريين على أرض لبنان، مشدداً على أنّ هذا البلد لا يتحمّل بقاء الوضع على ما هو عليه، داعياً الجميع إلى التصدي لهذا المخطط، عبر تأمين عودة النازحين إلى بلادهم، خصوصاً مع تحرك المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على هذا الخط.
المسيحي يأخذ دوره
ورداً على سؤال، أشار أبو فاضل إلى أنّ المسيحي في لبنان يأخذ دوره اليوم بعدما كان دورهم مصادَراً منذ اتفاق الطائف، مشدّداً على أنّ المشكل كان ليكون ذاته لو كان الرئيس غير الرئيس ميشال عون، لافتاً إلى أنّ الموارنة لا يتفقون ولا ينتظمون. وأكد أنه شخصياً مع تحالف الأقليات، موضحاً أنه رجل مسيحي ماروني لبناني ومن ثمّ عربي، لافتاً إلى أنّ سلطة رئيس الجمهورية على مجلس الوزراء معنوية، فهو يترأس جلساته إذا حضرها.
واعتبر أبو فاضل أنّه كان هناك خطأ بين التيار الوطني الحر والرئيس نبيه بري بالخلاف بينهما، مشيراً إلى أنّ العهد يأخذ مكانه اليوم، وهو أصدر تشكيلات قضائية ودبلوماسية، وأجرى التعيينات الأمنية والقضائية والإدارية الأساسية، لافتاً إلى أنّ البلد انطلق، ولكن أزمة النازحين السوريين فعلت فعلها أيضاً، مستغرباً إصرار البعض على توصيف هؤلاء بالثوار رغم كل ما حصل، ورغم الهجوم على الجيش اللبناني والقوى الأمنية.
عون لن يقبل
ورداً على سؤال، تساءل أبو فاضل كيف يلام التيار الوطني الحر للتحالف مع شخصية درزية كالوزير طلال أرسلان، في حين أنّ الحزب التقدمي الاشتراكي رشح النائب هنري حلو إلى رئاسة الجمهورية، واستغرب تصعيد جنبلاط على العهد اليوم، ورفضه لتوزير أرسلان بعدما كان الأخير جزءاً من كل الحكومات السابقة بموافقة جنبلاط.
وأكد أبو فاضل أنّ الرئيس عون كان ولا يزال حريصاً على مصلحة كل اللبنانيين، وأشار إلى أنّ هناك عقدة سنية أيضاً على الرئيس الحريري أن يحلّها، لافتاً إلى وجود نواب سنّة يعقدون اجتماعات دورية. وكشف أنّ الرئيس عون لن يقبل بأيّ تشكيلة يقدّمها الحريري إذا كانت تضمّ أربعة وزراء للقوات أو ثلاثة وزراء دروز للحزب التقدمي الاشتراكي، مذكّراً بأنه سبق أن قال إنّ هذه الحكومة هي حكومة العهد الأولى. ولفت إلى أنّ المنطقة كلها تغلي، في حين أن لبنان البلد الوحيد الذي فيه ضمان وأمان أكثر من كل البلدان.
لمدة تكليف محصورة
واعتبر أبو فاضل أنّ المطلوب إقرار قانون لتكون مدة التكليف لرئيس الحكومة محصورة بحيث لا تستغرق العملية 11 شهراً، وكشف عن وجود استشارات في جيب الرئيس عون، مشدّداً على أنه يريد أن ينجح عهده، وهو لن يقبل بالانتظار 11 شهراً لتأليف حكومة.
وتحدّث أبو فاضل عن طلب سعودي لإحياء تحالف 14 آذار وهذا الأمر شبه معروف، ولكن النائب السابق وليد جنبلاط هو الذي رفض العودة إليها، كما أن 14 آذار لا يمكن أن تنجح من دون الرئيس الحريري. وأكد أنّ الرئيس عون يحترم السعودية، رداً على ما يقال عن مسعى سعودي لتحويله إلى عهد تصريف أعمال، مشكّكاً بوجود مثل هذا التوجه.
وشدّد أبو فاضل، رداً على سؤال، على وجوب أن لا يعتبر القرار الإقليمية كتلة لبنان القوي كتلة إيرانية ضدّ السعودية، ولو قالها اللواء قاسم سليماني، مشيراً إلى أنه شخصياً لا يشاطره هذا الرأي مع احترامه الكبير له. وحذر من أن سقوط العهد يعني سقوط البلد، ودعا المسيحيين إلى الحفاظ على الكرسي طالما أنّهم يطمحون للوصول إليها.