برّأت محكمة الاستئناف الشرعية في بيروت مفتي الجمهورية السابق الشيخ محمد رشيد قباني من تهمة "تبديد الأموال وسوء الأمانة". قرار الاستئناف فسخ قرار القاضي المنفرد في محكمة بيروت الشرعية محمد عساف الصادر مطلع عام 2016 "لجهة إلزام قباني بأن يعيد لمتولي وقف العلماء المسلمين السنّة (أي مفتي الجمهورية) مبلغ مليون و 195 ألفا و350 دولاراً". هكذا أسقط قضاء دار الفتوى نفسه الورقة التي استخدمت ضد متوليه السابق (قباني) الذي أُحرج بالاتهامات حتى أُخرج من عائشة بكار. إخراجه جاء بعد معارضته اقتراح رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة تعديل صلاحيات مفتي الجمهورية لصالح المجلس الإسلامي الشرعي.
واوضحت ان قباني لم يُبرّأ من تهمة تبديد الأموال فحسب، بل قضى حكم الاستئناف بـ"عدم إلزامه بإعادة أي من المبالغ المرقومة في الحكم البدائي، لعدم اعتباره متعدياً أو خائناً، ولعدم جواز الرجوع عليه". ويقول وكيل قباني المحامي فايز إيعالي لـ"الأخبار" إن الحكم أثبت التحيّز المباشر من مدّعين هم في الأساس غير ذوي صفة للادعاء وغير مستحقين. ولفت إلى أنه، وخلافاً للقانون، "لم يدفع المدّعون الرسوم والمصاريف أمام محكمة الدرجة الأولى، بل دفعها المستأنف، أي قباني". وهو ما أشار إليه حكم الاستئناف بـ"تضمين الجهة المستأنف عليها بالنفقات والرسوم" (تبلغ بحسب إيعالي حوالى 70 ألف دولار). كخطوة أولى، يستعد إيعالي لتقديم دعوى ضد المدّعين لتحصيل الرسوم، ولمّح إلى أنه قد يتقدم لاحقاً بدعوى تشهير وإساءة سمعة ضدهم.
ماذا عن تداعيات الحكم الذي يصوّب ليس ضد المدّعين فحسب، بل ضد فريقهم السياسي؟ يقول مصدر معني إن حالة من الإرباك تسود دار الفتوى بعد صدور القرار، لا سيما أن أحد الأعضاء المستشارين في هيئة الاستئناف كان نفسه أحد المدّعين قبل أن ينسحب في وقت لاحق. في المقابل، لم يستغرب البعض الآخر الحكم الصادر عن رئيس المحكمة القاضي مصطفى شحادة، المعروف بنزاهته.
وماذا عن الفريق الذي دعم قباني خلال معركته مع تيار المستقبل، ومن ضمنه بعض أعضاء المجلس الشرعي، إلى مفتين وقضاة وموظفين دفعوا ثمن مواقفهم؟ الشيخ أحمد نصار، وهو أحد المتضررين، كان قباني قد عيّنه مفتياً على صيدا ورفض المفتي الممدّدة ولايته الشيخ سليم سوسان تسليمه الدار التي طوّقها عناصر فرع المعلومات لمنع نصار من الاقتراب منها.
على حسابه على "تويتر"، غرّد نصار أمس: "الرئيس السنيورة حرّض وقاد معركة التجنّي على المفتي (قباني) وفريقه. لا شك أن قرار التبرئة جرأة في الحق، لكن من يعيد الاعتبار لسماحته وفريقه الذي عانى من الظلم و لا يزال". يقول نصار لـ"الأخبار"، إن "القضاء أسقط عن قباني التهم القانونية، لكن السياسة أسقطت عن حلفائه الحصانة الوظيفية". وفي هذا الإطار، يلفت إلى أن اتهام قباني أعقبه سقوط المبادرة المصرية التي أخرجت قباني من عائشة بكار وأدخلت دريان إلى الدار. فمن أبرز بنود المبادرة التي توقف عندها نصار تطبيق الإصلاحات في الدار، "ففي حين أن النظام ينص على إجراء الانتخابات كل ثلاث سنوات لأعضاء المجلس الشرعي، لم تجر في موعدها، بل أصدر دريان قراراً بتمديد ولاية المجلس إلى آخر العام الحالي، على غرار التمديد لمفتي المناطق".