كشفت معلومات خاصة لجريدة «البناء» استناداً لمصادر مطلعة على مسار التأليف الحكومي «أن العقد التي يتم تداولها بالإعلام لناحية خلافات الأحزاب السياسية الاساسية على عدد الحصص الوزارية، منها القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي، او ما عُرف بالقعدة الدرزية، اضافة الى العقدة السنية من خارج تيار المستقبل، ليست الوحيدة التي تلوح في أفق تأخير التشكيل، لكنها بكل الاحوال لا تزال تعتبر تعقيدات محلية توضع بمجملها ضمن حفظ نقاط الربح والخسارة بعد نتائج الانتخابات النيابية الجديدة، خوفاً من عدم تكريسها لأربع سنوات مقبلة كصيغ ثابتة، طالما أن هناك متسعاً من الوقت لسير عمل حكومات العهد، اضافة الى أن مسألة تغيير الهوية السياسية محلياً، باتت اكثر حضوراً في النقاشات الدولية بعد جنوح النتيجة أكثر لجهة تحوّل جدي عن نتائج ما بعد العام 2005 التي سيطر فيها الأميركيون مع حلفائهم على هوية لبنان الرسمي. والمقصود هنا تحقيق حزب الله نتيجة هامة مع حلفائه هذه المرة.
وتضيف المصادر «العقد التي لم يتمّ طرحها بالتداول تتمثل وفق المعلومات باعتراض أميركي – فرنسي على إسناد حزب الله لوزارة خدمية كوزارة الصحة التي يوليها الغرب أهمية كبيرة باتجاه لبنان اولاً، وباتجاه النظرة الى رغبة حزب الله تعزيز موقعه «الخدمي» محلياً، ما من شأنه أن يؤسس لتلميع صورته عند جزء كبير من اللبنانيين الذين قد يجدوا في هذا فرصة ملائمة للتعاطي «الطبيعي» مع وجوده بالحكومات كناشط قوي يعمل على تلبية مطالب الناس وحاجاتهم. وتابعت المصادر نفسها «يلحظ المسؤولون الغربيون أنها المرة الاولى التي يطرح فيها قادة حزب الله «شرطاً» في تشكيل الحكومات وقد تمثل بمطالبته بوزارة خدمية أو وازنة. وهذا مرده بالتأكيد الى شعور بفائض قوة خارجي ومحلي تمثل انتخابياً بارتياح كبير». وتختم المصادر «الاعتراض الأميركي الفرنسي على وزارة الصحة وصل الى مسامع المسؤولين اللبنانيين المعنيين بدون أن يبدي المعنيون اي تحرك باتجاه المطلب الغربي حتى الساعة، خصوصاً لجهة الرئيس المكلف». وختمت المصادر «لقد أُبلغ المسؤولون اللبنانيون أن تولي حزب الله وزارة الصحة سيُحرم الوزارة من المساعدات الأميركية».
بكل الأحوال بث الرئيس نبيه بري أجواء إيجابية تتعلق بأجواء التكليف الاسبوع المقبل إلا أن التحدي الاساسي اليوم يتعلق بمدى إثبات الفرقاء، خصوصاً خصوم حزب الله السياسيين عدم انصياعهم للرغبات الخارجية التعطيلية في الوقت الذي يسعى حزب الله لتعزيز حضوره في الدولة من منظار ربما يؤخذ ايجاباً، اذا أخذ من الرؤيا التي تقول ان للغرب مصلحة في تأطير حزب الله كحزب سياسي منتج في الدولة اللبنانية بدلاً من ان ينصرف الى الأعمال العسكرية ضمن المحور المناهض للولايات المتحدة الأميركية. وهنا عودة الى عروض كثيرة قدمت في السنوات الماضية الى حزب الله تمثل فيها المطلب الأميركي بمباركة استحواذ الحزب على أقوى مفاصل الدولة لقاء تخلّيه عن حلفه مع السوريين والإيرانيين. الامر الذي كرر على مسامع قادة الحزب وقد رفض حزب الله هذه العروض التي كررتها الوفود الأميركية والغربية لسنوات طويلة بين رسائل مباشرة وغير مباشرة اصطدمت بصد واضح.
يشكل انكباب حزب الله على الاهتمام بالشأن الحكومي وتخصيص أمينه العام السيد حسن نصرالله خطاباً واضحاً بهذا السياق وصل لحدّ رفع مطلب حصة حزب الله، إذا كان معيار ذلك احتساب عدد النواب عملاً بزهده امام الحليف الاساسي حركة أمل شيعياً وصولاً الى المطالبة بالحقيبة الوازنة سلفاً قلقاً أميركياً مباشراً على المصالح مع لبنان، والنظرة حيال الحكومة ومسار عملها. فالأمور بالتأكيد لن تكون كما كانت إذا نجح حزب الله بفرض حضور قوي في هذه الحكومة يتكفّل وحده بالإشارة الى فشل الأميركيين الذريع في مشاريع تقوّض حزب الله في المنطقة مردها جميعاً الفشل في سورية.
الأزمة السورية التي ارتبط اسمها بلبنان كأكثر العوامل تأثيراً على الساحة المحلية السياسية ضمن حسابات الماضي القريب والمستقبل المرسوم وفق نتائج الانتخابات، لا تزال تسيطر على منهجية تقسيم الحصص وغيرها من الذين يعتبرون أن هناك مشروعاً هزم ومشروعاً آخر في طريقه لإثبات التقدم الكبير. لهذا تعود فكرة حكومة الوحدة الوطنية ليس فقط الى التعاطي مع واقع لبنان الحساس، بل الى ايجاد مخرج مناسب لعدم أخذ البلاد الى حكومة فيها غالب ومغلوب أو حكومة أقطاب تشبه تلك التي شابهت حكومات ما بعد 2005 بطريقة عكسية تصبح فيها عودة عقارب الساعة إلى الوراء الخلاصة الأكبر.
بالمحصلة يلفت الاهتمام الغربي بانواع الوزارات التي يولي حزب الله اهتمامه بها. ويلفت بالتالي الحذر الأميركي من أي تقدم سياسي – اجتماعي يخطوه حزب الله باتجاه «لبنانيته» التي تُفقد خصومه القدرة على اعتبار الزهد بالحكومة اللبنانية دليل لامبالاة بالشأن المحلي وارتهاناً الى الوضع الخارجي، باعتبار ان الحزب لاعب اساسي على مختلف محاور حلفائه.